لست مهتماً بالسلطة من أجل السلطة، وإنما مهتم بالسلطة التي تكون أخلاقية وصالحة وتتبع الحق. (مارتن لوثر كنغ)
هنالك حكمة قرأتها لأحد الفلاسفة القدامى تقول (اذا أردت أن تعرف حقيقة رجل ما .. أعطه مال وسلطه)ان المال والسلطة هما المعيار الحقيقي لمعرفة جوهر ومعدن الرجال ,وهناك حكمة تقول (النساء جميعهن يلدن ذكوراً لكنهن جميعهن لا يلدن الرجال) فهما المحك الذي من خلالهما نعرف تربيته وأنانيته وسمو خلقة في الكثير من سفاسف الأمور الصغيرة,أنا هنا لا ادري أين أقف … هل أقف (احتراماً) لهذا الفيلسوف ام أقف (مذهولاً) أمام هذه الحمكة القاسية .فهل من المعقول ؟أنني حين أريد ان اعرف حقيقة اي (رجل) ان أمده (بالمال) وفوق ذلك أضعه في (كرسي) السلطة لكي اكتشف من هو (قبل وبعد( تلك اذن مصيبة والمصيبة العظمى انه لو افترضنا ان هذا (الرجل) غير مؤهل ولكن أخذتني به (معرفة قديمة) او (قرابة متينة) فعند ذلك سنكون قد أخطأنا القرار من جهتين (الاولى) أننا أعطينا ظرفاُ مناسباً لهدر المال تقع عليه حقوق الملايين من المجتمع بغير وجه حق (والثانية) انه خاب ظننا في هذا الرجل الذي ظننا انه المناسب ولكي نكتشف انه بعد ان كان ( انسان عفوي وطيب) اصبح (قارون زمانه..وفرعون بسلطانه( ,انا هنا لست بصدد العتاب على احد… لا على ( الفيلسوف) ولا على هذا ( الرجل المزيف) لكن العتب يقع على (نفسي) والا كيف اختبر الرجال بمنظار ضيق (المال والسلطة) وانا اعرف مسبقا ان (المال) قد يغير من بعض النفوس الا النفوس النقية الفاضلة ,وان (الكرسي) قد يجعل من ( الإنسان…المحروم…المغلوب على أمره) في لحظة ( جبار…متسلط… وظالم) يظلم هذا ويقر هذا (لا لشي انما) لانه كان في السابق (يقهر ويظلم) واتى (اليوم المنتظر) لكي يأخذ بثأره وينتقم في محاولة لسد القهر الذاتي الذي تعرض له وعلى حساب بسطاء القوم وضعافهم ,كنت أقول لزوجتي هذا الحديث مرات عديدة من باب التذكير والنصيحة ,كانت تسايرني دونة قناعة تامة خوفاً من أن يقع خلاف بيننا فتتعكر العلاقة الزوجية الحميمة ,فقبل أسبوع صدر أمر ان تتولى أدارة مركز محو الأمية للإناث واستشارتني ومن شاور الناس شاركهم بعقولهم فقلت لها على بركة الله ,وعند دوامها في المركز جاءتني من أول
يوم مذهولة كأنما الطير على رؤوسهم ,فقلت لها مابك : فردت وقالت اليوم فقط أدركت عمق حديثك عن سلطة المنصب والمال ,وماذا يفعل بالإنسان والى أي طريق سيأخذه مابين تاريخ مشرف,أو عار يلحقه بأهله وعياله , فقلت لها كيف عرفت بذلك ,اليوم
جاءني الجميع هذه من تودد لي ,وهذه من تريد تقدم فروض الطاعة والولاء بشكل غير مباشر حفاظاً على ماء وجهها ,وهذه بحاجة لمساعدة لظرف صحي ألم بها ’وهذه من تقول ساعديني في الدرجة ,هذا كله بوادي ,والاهم هو كرسي الإدارة الدوار الذي سحرني من أول نظرة ,فتمالكت نفسي حتى لا أكون أسيرةً له ,فقلت لها ساعدي الجميع وأحبيهم كما تحبين عائلتك ,ولا تنظري لصغائر الأمور وحيثياتها لعل الباري وضعك بهذا المكان لاختبار ما ,واعلمي ان حوائج الناس لا مساومة عليها هي خط أحمر ,فالحياة سلف ودين ,من يفعل بمثل هذه الأمور ,انما يشير بذلك للذلة الكامنة في ذاته ,فهنالك من يجد في المال أو منصب الكرسي ,أفضل وسيلة للتقرب بها الى الله وللإنسانية,من حيث مساعدة وقضاء حوائج المحتاجين دون النظر للونهم ودينهم ,وهنالك من يستعد ويحضر مقصلته في أذى الناس والتلذذ بمعاناتهم وهو يراهم عطشى التنفيس عن همومهم والتفريج عن كربهم ,أن مساعدة الناس وفعل الخير لم يقتصر بمسلم أو مسيحي أو يهودي أو بوذي أوهندوسي …. أو …. أو ,وإنما مكنون بضمير ووجدان المرء فهو يحتاج لتلك النفس الكبيرة التي تستشعر الحب للجميع .