9 أبريل، 2024 3:35 ص
Search
Close this search box.

المنزلــق……!

Facebook
Twitter
LinkedIn

ابي كادح عراقي صلبته الكوارث ، عملاق لا يقهر ،كتفيه ملعب طفولتنا وعلى هامته ولدنا ، وعلى صدره  نمنا ، ومن ذراعيه المفتولين  اكلنا وهي تحمل اكياس قوتنا اليومي حين يأتي من العمل محملا بأشكال وارناك ، ما لذ وطاب ، تلومه والدتي احيانا عن الاسراف فيما يجلب كل يوم فلا ينطق ، ويقابل لومها بابتسامة عريضة حنونة ويهز رأسه فقط….! يظهر التعب في عينيه واضحا ولكننا حين نسأله ينفي ذلك بابتسامته العريضة المعهودة ولا يقول بعدها شيئا، يذهب للفراش صامتا ، ولا نراه الا اليوم التالي في نفس الموعد ونفس المشهد .
 
لهذ الرجل الطيب ثلاثة ابناء، اسماؤهم خيرة كصفاته  وهم ، شاكر ، وسلام  وكريم . تشعر من اسماءهم ان هذا الرجل يتصف بتلك الصفات الثلاث  بل اكثر. ويبدو ان  اولاده قد حملوا الاسماء وبجوهرها وليس بحروفها فقط . فكانوا كراما  ، شاكرين لله ومسالمين ولهم صفات اخرى تتذاكرها الناس وتتحاكى بها حين السؤال ، لكن الشيء الجميل لا يكتمل دائما فأن الكمال لله وحده . يمتلك هؤلاء الاولاد  صفة سلبية واحدة ،وهذه الصفة سلبية جدا : انهم اتفقوا على ان لا يتفقوا و ويتضح من سلبية هذه الصفة وانعكاسها السيء ،ان الفرقة امتدت  بينهم واكلت منهم الكثير حتى انها تخطت نطاق العائلة واتجهت نحو الجوار وداب كل منهم الاستعانة بغريب على قتل اخيه , ويتكرر صراع هابيل وقابيل من جديد…..!؟
 
صار منزلهم الهادئ مسرحا لصراعاتهم المادية وبدأ التخريب واضحا فيه ووجدت العلل طريقها الى نطاق العائلة حتى وصل حد القتل والتهجير وانتهاك المحرمات واغتصاب النساء والاطفال ، وهذا  الخط الاحمر الذي بلغوه وهو خط الخطر ، والتخريب والارهاب واللا عودة  الذي يفصل بين الخير والشر ويحدد كينونة و انسانية الفرد وحجم ولاءه وهو الخيط الرفيع والحاجز الشفاف الذي تكمن خلفه حقيقة سوداء مرعبة ، خيانة العائلة والاهل…!؟ لم يقف الوضع عند هذا الحد بل تجاوزه نحو نطاق الانسلاخ والعصيان ….!؟ يظن البعض ان ذلك نوع من الذكاء والحنكة ، لكنة بشكله المجرد  غباء مطبق ومطلق ..!؟
 
احس الوالد المشغول دائما بمعيشة وتطوير الجوانب الانسانية والاجتماعية والاقتصادية لعائلته بالحد الخطير الذي بلغ عنده ابناءه  و رأى ان واجبه يحتم عليه التدخل السريع والوقوف على تلك التطورات الخطيرة التي بلغوها  ……!…ليس لديه الان شيئا سوى الاعتراض فقط ، حين اصبحوا في واد منعزل عن متناول يده ، يتصرفوا بشكل غريب عن تراث وتاريخ ومعتقدات الرجل و حدود عائلته الاجتماعية والانسانية ، أدرك ان ابناءه متجهين بأنفسهم و عائلتهم نحو الهاوية ونحو منحدر عميق تغطيه جوانب الطمع الذي تغذيه اوردة الحقد والكراهية والصراع الطائفي والمذهبي والسياسي الآتي من وراء الحدود….!؟ تحطم قلب الرجل الطيب صاحب التاريخ الكبير والتجارب العريضة وتصفح كل الكوارث التي مرت بعائلته مسبقا من غزو وحرب واحتلال وتصفح حضارات عائلته التي دامت ستة الاف سنة فلم يرى اعنف من تلك الهجمة ومن هذا الانكسار الذي حل به وعائلته وفعل فعله بتراثهم وتاريخ عائلتهم العريق…! بدأ يذكرهم بالصعوبات التي مرت بها عائلتهم من قبل وتحدث لهم عن حجم الهاوية والدمار الذي بلغوه فلم يجد اذنا صاغية لان الطمع بالسلطة والنهب والسلب سد منافذ الخير فيهم واطرش اذانهم وكبرت الكارثة في عينه واحتار في امره……؟؟!
 
في اليوم التالي وحين استيقظ الاولاد من النوم لم يجدوا ذلك الوالد الطيب فقد اخذ زوجته ورحل دون رجعة لكونه انسان اصيل لا يتحمل التعايش مع الغدر والخيانة  فقرر الابتعاد عن هذا المستنقع الآسن بقذارة الطمع والنهب والسلب وسفك دماء الابرياء من ابناءه  واحفاده….!؟
 
قد يظن البعض ان ذاك هروب من المشكلة دون مواجهتها و لكن الهروب هنا مبرر بسيادة المنطق الكامن في كينونة الفعل ومسبباته الغير شريفة ودرجة قذارتها ، الخيانة هي اعلى درجات  الانحلال والتفسخ وهي الفعل الوحيد الذي لا مبرر له ولا نقاش فيه لكون نتيجته بيع الانسان لنفسه وشرفه وعرضه واهله ووطنه لذلك مواجهة الخيانة الحقيقية هو الهروب  نتانتها التي تزكم الانوف…. الثوب الابيض يفسده السواد كما يفسد الظلام ضوء الشمس….!؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب