الذهاب إلى التبرير مهما كان، هو عجز وفشل لأي متصدي، كون المتصدي يفترض أن يمتلك قدرات تفوق المتصدى له، وإلا اتخذ التصدي نهج آخر، للمتابع أن يطلق عليه أي عنوان، لا ضير أن يسميه انتهازي، أو مدعي أو متستر.
بعد عام 2003، شاع مصطلح المندس، كتسمية لأي شخص منتمي لحزب أو لتيار، يقوم بعمل منافي للشعار المرفوع من هذا الإطار، الغريب أن الحالة تتكرر مرات ومرات والمبرر واحد.
أحزاب تاريخيه ثبت فشلها وفسادها، عاد بعض أعضائها من يعملون بعيدا عن الأضواء، يتغنون بتاريخ تلك الأحزاب، والتبرؤ من كل العناصر التي مثلتها وتمثلها اليوم في السلطة، في مفارقة غريبة، كون تلك الأحزاب بكل ملاكاتها الحالية أو التي رحلت إلى بارئها بين شهيد أو متوفي حتف انفه، كانت في المعارضة، ولا يظهر منها إلا الشعارات، ولم يجرب من رحل في سلطة كي يمجد، ليعد الحاضر انحراف!
هذه الادعاءات إساءة بلباس الدفاع، وإلا لو كان من رحل كما يوصف، فاضل ونزيه وقادر، لتمكن من كشف من اندس في صفوفه من فساد وفاشلين، عندما كان معارض.
الحال ينطبق على اطر تشكلت بعد عام 2003، سياسية أو عسكرية، حيث تعلق كل أخطائها وفسادها، بل حتى جرائمها على المندسين، أذن من لا يتمكن من حماية بيته من الاختراق، كيف يمكن أن يدير دوله كما يطمح!
كيف يمكن أن يحمل مشروع ويحافظ عليه خارج أو داخل السلطة!
ثورة الإصلاح؛ كما يسميها قادتها والقائمين عليها، رغم كل العورات فيها من مخالفتها للقوانين والأعراف الدستورية، التي يفترض أن تحكم بلد ديمقراطي، يسمح للمواطن بالتعبير عن رأيه بالتظاهر والاعتصام.
هذه الثورة السلمية تمارس دون موافقات أصولية حسب القانون!
عندما يمارس الثوار العبث بالممتلكات العامة يوصف هؤلاء بالمندسين! عندما تردعهم القوات الأمنية يعدهم القادة”ضحايا للإصلاح”!
أذن من لم يتمكن من ضبط أدواته التي يستخدمها في الإصلاح، كيف يمكنه أن يصلح؟ بل يقود ثورة للإصلاح؟
أسلوب الاستغفال قد يمر على عامة الناس مرة أو اثنين، لكن لا يمكن أن يستمر للنهاية، ومصطلح “المندسين” بدا يفتضح ويعلن عن نفسه، كون المنطق والعقل يقول ” الوسائل من جنس الغايات”، متى ما كانت الوسائل صحيحة توافق القوانين كانت الغايات صحيحة.
على المصلحين أولا؛ أن يحصلوا على إجازة للتظاهر، من الجهات المعنية، ليتحملوا مسؤولية ممارسات أدواتهم التي يستخدموها بكل شجاعة، هذا يحتاج منهم تنظيف صفوفهم، وأن لايعودوا لمصطلح ” المندسين”.
الحال ينطبق على الأحزاب والكيانات السياسية بمختلف توجهاتها، عليها أن تعلن بكل شجاعة؛ أنها ارتكبت أخطاء أوصلت البلد إلى ما هو عليه ألان، وتبدأ كما وجهت المرجعية بحملة لتنظيف صفوفها، وتبتعد عن التبرير، ولو باعتزال العملية السياسية لدورة أو أكثر، وتبتعد عن التبرير، كي تحمل مؤهلات التصدي، التي تقتل بالتبرير، سوى ذلك يعني اجترار الفشل وتكراره…