“الحكيم والعامري يحذران من إندساس الاجندات المشبوهة لحرف المسارات الإيجابية للتظاهرات” .
أكثر من مسؤول حذر من (المندسين) في التظاهرات بل هناك من ذهب إلى وجود إجندات (إجنبية وسفارات) وراء تلك التظاهرات وهناك من قال إن ورائها (الكفار) ومنهم من قال إنها ضد الحكم الإسلامي ! وهناك من قال انها تسعى لإزالة الحكم الإسلامي من العراق!.
ولكن الواضح للعيان أنها تظاهرات مليونية شارك بها عموم الشعب العراقي وجاءت عقب معانات فضيعة من نقص الخدمات وبداءت بمطاليب خدمية وتصاعدت إلى حقوق المواطنة وكلها تدور حول (عجز الحكومة وفشلها عن تحقيق متطلبات العيش الكريم للإنسان) وكذلك (عجز البرلمان عن إداء واجبه الأول في مراقبة الحكومة وتعديل مسارها أو إقالتها إن عجز عن إصلاحها وهذا يعني مشاركة الحكومة في التغطية على فشلها وفسادها) وشمل إعتراض المتظاهرون (القضاء واتهموه بحماية الفشل والفساد كما أتهموه بأنه مسيس وليس مستقل وعجزه عن مواجهة الفساد والفشل في ادارة الدولة ).
وقبل أن نناقش مسألة (الإندساس) هذه على السياسين أن يناقشوا صحة إدعاء المتظاهرين نعم الحكومة بسبب المحاصصة تتراوح بين الفشل (العجز) و(الفساد) ولا يمكن تغطية ذلك بغربال وإن كان من مصلحة الوزراء وبعض المسؤولين إخفاء هذه الحقيقة فليس من مصلحة الأحزاب التي تشكل الحكومة إخفائها لأن ذلك يعني حملهم لأوزار ذلك الفشل والفساد وإذا ثبت تقصير الحكومة ثبت بذلك تقصير البرلمان وعجزه وبالتتابع تقصير القضاء وعجزه !
13سنة بميزانيات قاربت الترليون دولار ماذا تحقق ما هي الإنجازات والمشاريع التي نفذت ؟ واليوم رئيس هيئة النزاهة الدكتور حسن الياسري يقول بالنص (380مليار دولار حجم الفساد والاختلاسات في العراق ؛ والهئية تحقق الآن في 13398قضية فساد واختلاس وسرقة وهو رقم مفزع وكبيرلم تشهده اي دولة في العالم من قبل!) والحقيقة ان حجم الفساد المخفي اكبر من ذلك علينا أن نواجه الحقيقة بمواجهة الفشل كمسؤولين قبل أن يواجهه المتظاهرون علينا ان نتخلى عن الأسلوب الذي قاد العراق إلى كل هذا الفشل والفساد نعم أن الوزارات الحزبية ؛ وزارات المحاصصة فشلت وما هذه التظاهرات إلا جزء من نتائجها وناقوس خطر عليكم تداركه والتخلي عن أخطاء الماضي بعد مراجعتها بمنتهى الصراحة والصدق و(من تلك الأخطاء) سياسة الدولة ومنها أسلوب تشكيل الحكومة فإن كان تغيير سياسة الدولة إلى سياسة (دولة المواطنة المدنية) التي يحوم حولها المتظاهرون ويكادوا يطالبون بها من خلال رفضهم للطائفية ولحكومة المحاصصة وحرصهم على (المواطنة) بديلاً عن الطائفية وقد يكون لكم إعتراض عليها بصفتكم (الإسلامية) رغم إني أعتقد أنها لا تتعارض مع جوهر الإسلام وروحه
فأما من حيث التساوي الناس أمام القانون (المواطنة) فكلمة سيدنا وأمامنا على عليه السلام وهو يتقاضى أمام القضاء (هلا كنتيته كما كنيتني) هي اعظم شعار للمساوات أمام القانون وهو جوهر المواطنة أما (الدولة المدنية) فلا أحد يدعي أن الدولة الحالية تمثل (الدولة الإسلامية) بل هي (دولة محاصصة حزبية) فاقعة الالوان بل لعل الدولة (المدنية) أقرب للإسلام منها واكثر منها رقابة وأكثر منها عدلاً و شفافية وهناك تجارب قامت بها أحزاب إسلامية ونجحت وتحسب لها واقربها تجربة (حزب النهضة ) في تونس . فإذا كنتم لا تؤمنون ب(دولة المواطنة المدنية) ولو كخطوة على الطريق فهل هناك حلاً يقطع الطريق على (المندسين والمتامرين والذين يريدون ركوب موجة التظاهرات والذين يريدون القضاء على الدولة وتحطيم اركانها عن طريق (التظاهرات السلمية) والذين يمكن إن يخطفوا جماهيركم منكم أو قد يخطفوا الحكم منكم) هل هناك طريق يقطع الطريق امام كل أولئك المندسين المتامرين !
لآبد أولا من التخلي عن الأسلوب الذي أثبت خطائه في حكم العراق (ولقد أعترف الكثير منكم به) وهو نظام المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية الذي لم تعد نتائجه الفاسدة وفشله يخفى على كل عاقل ! والتحول إلى نظام حكم جديد هو (حكومة التكنوقراط) الذي يتحمل وزرائها المدنيين المستقلين غيرالحزبيين مسؤوليتها امام البرلمان وأمام الشعب ولا يتمتعون باي غطاء سياسي يحميهم من اي زلة يمكن ان تطيح بهم ! وسلاحهم الوحيد الخبرة والكفاءة والنزاهة والنجاح وإلا فميدان التنافس والتغيير مفتوح لكل الكفاءات والخبرات ومن الضروري أن تعطى هذه الحكومة الصلاحيات والحماية القانونية الكافية التي تمكنهم من إداء دورهم على أحسن وجه وباستقلالية كاملة من دون اي تاثير او تدخل من قبل اي جهة حزبية او سياسية او غير سياسية وفق سياسة اقتصادية محددة الاهداف والفلسفة وبرنامج وزاري معد ومقر مسبقاً من قبل البرلمان تلزم الحكومة باتباعه وتحقيق اغراضه ولا بأس من ممارسة البرلمان والأحزاب السياسية من خلال البرلمان دور المعارضة الرشيدة التي تقوم وتقييم اداء الحكومة وتمنحها الدعم اللازم لإداء دورها عندها سيكون الشعب معكم كسياسيين من كان منهم متظاهرا او رافضاً ساكتاص أو مؤيدا ونقطع الطريق على المندسين الذي يصطادون فشلكم وفسادكم !
والخطوة الثانية في الإصلاح التي تلقي الكرة في ميدان الشعب هي تغيير النظام الإنتخابي والتخلي عن نظام القوائم الحزبية والتوجه نحو مرشح واحد لكل ناخب (الإنتخاب المفتوح) والذي يتيح للناخب إختيار الشخص بعينه بغض النظر عن إنتمائه الحزبي أو الطائفي أو العرقي أو الديني ويعطي فرصة أكبر وأدق للشعب في إختيار ممثليه على اساس القناعة بالمرشح من حيث كفائته وعلمه وأخلاقه وخبراته ونزاهته الشخصية وبغض النظر عن إنتمائه الحزبي وهذا لا يمنع من نزول الإحزاب بقوائم تمثل مرشحيهم ولكن الإنتخاب لا يكون للقائمة وللمرشح فقط والحزب الذي يفوز بالإنتخابات هو الذي يفوز أكبر عدد من مرشحيه والفائزين في الإنتخابات
هم الذين يتخطون العتبة (القاسم الإنتخابي) فقط ؛ ويتيح هذا النظام فرصة اكبر للمرشحين المستقلين الذين يقتنع بهم الشعب وتقطع الطريق أمام المرشحين الذين لا يتمكنون من تجاوز العتبة الإنتخابية ولا يحضون بقبول شعبي وياتون إلى البرلمان عبر التزكية الحزبية دون قناعة من الشعب كما حدث في الإنتخابات السابقة وبهذا يتحمل الشعب مسؤولية من إنتخبهم ويصبح أكثر قناعة بالديمقراطية والإنتخابات ويقدم من يعتقدهم يمثلوه فعلا أكثر من من يمثلون أحزابهم.
هذا إذا أردتم الإصلاح الضروري للأمة خصوصاً وهي تواجه تحديات متعددة على رأسها تحدي الطائفية والعرقية أمام الوحدة الوطنية (وحدة الشعب بكل مكوناته؛ وحدة الهدف و وحدة المصير) ؛ وتحدي التقسيم أمام وحدة الأرض وتحدي الإرهاب أمام الآمن وتحدي الفشل أمام النجاح وافزدهار وتحدي الفساد أمام النزاهة والأمانة والتحدي الإقتصادي الذي بداء يطرق ناقوسه المرعب والذي قد يطيح بكل الإصلاحات الترقيعية أو الشكلية والذي قد يهدد إستقلال العراق وإستقلال إرادته وقراره .
من أجل كل هذا نحن بحاجة إلى حكومة الكفاءة والنزاهة والخبرة ومشاركة الشعب في تقرير مصيره وإقرار مبدء العدالة الإجتماعية وإحترام حقوق الإنسان الذي دعا إليهما الإسلام كما دعت إليه جميع المواثيق والقوانين والشرعة الدولية والإنسانية ولا يرفضه إلا المندسين على الشعب ولا يريدون له الخير .
هذا إذا كنتم تحبون العراق وإردتم إصلاحاً وصحت النوايا …