19 ديسمبر، 2024 2:04 ص

المندائية اول دين”سماوي” موحد، وليس “طائفة”!

المندائية اول دين”سماوي” موحد، وليس “طائفة”!

وصلني في الفترة الاخيرة رسائل، وبيانات، ومواعيد ندوات، او احتفالات يستخدم كاتبي نصوصها عن ،عمد، او سهوا مصطلح “الطائفة المندائية”!  في حين ان المندائية اول ديانة “سماوية” تعلن “احادية الله” الواحد الاحد منذ ظهور ابراهيم الخليل، ودعوته في جنوب العراق في سومر القديمة. فمندائي اليوم، في ظني، هم احفاد اتباع النبي ابراهيم. والمندائيون اول من تحدث عن اسطورة ايام الخلق السبعة السومرية (قصة الخليقة). تعدد انبيائهم من ادم، وابراهيم مرورا بنوح، ويحيا زكريا. لهم كتابهم، ومناسكهم، وعباداتهم، وطقوسهم، ولغتهم الطقوسية، وهي ارامية على الارجح. هم اول المعمدين، لذا اختاروا التواجد دائما قرب المياه الجارية. وقد تفنن(تقصد) المستشرقون في نسبتهم الى النساطرة، واليهودية، والمسيحية الاولى، وغيرها. بسبب جهلهم بتاريخ المنطقة الكهنوتي، اولاغراض تعصبية دينية بحته، وهي انكار ان ما جاء في كتاب موسى كتب في سومر، وبابل، ومملكة ميسان قبل ظهور موسى بمئات السنين. يصرالمستشرقون على اعتبار اليهودية اول دين سماوي توحيدي.لاغراض كنسية بحتة. في حين ان التاريخ يقول غير ذلك.
موضوعنا، ان الفرق كبير بين الدين، والطائفة، التي غالبا ما تكون منشقة عن دين معين، او فكر معين. وليس نادرا ما تتسم بالانغلاق، والتعصب، والتطرف احيانا. وهذا يسري على نفس الخطأ المنتشر بالقول ب”الطائفة الشيعية” او “الطائفة السنية”. وهم ليسوا طوائف، بل مذاهب(اجتهادات) ضمن الدين الاسلامي. لكن هناك طوائف شيعية مثل الاسماعيلية، والفاطمية، وعلي اللاهية، والدروز، والعلوية، والمعتزلة، والزيدية، والبهرا في الهند، وغيرهم. وللسنة طوائفهم مثلما هو عند اليهود، والمسيحيين. لكن الطائفة تختلف عن الدين، والمذهب يختلف عن الطائفة. لذا اتمنى ان يتوقف المتحدثين باسم المندائيين من شيوخ، وسياسيين، وناشطي مجتمع مدني، وممثلي النوادي، والجمعيات، وحتى الباحثين، والكتاب عن استعمل كلمة “طائفة” فهذا استصغار، وانتقاص بحق اقدم دين سماوي موحد ظهر على الارض، وهم ليسوا عبدة نجوم كما يدعي البعض. اذا كان احدث دين/طائفة (البهائية) يرفضون تسمية انفسهم بالطائفة. فكيف مع اقدم دين ظهر في وداي الرافدين؟!
للاسف، في الفترة الاخيرة، هناك من يعمل على تقسيم الوطن الى كانتونات، والشعب الواحد الى شعوب، والاديان الى طوائف. فمنذ ان تطوع مسعود البرزاني، لغرض مسموم وقال قولته المشبوهة (شعوب العراق) صرنا نسمع بالشعب الاثوري، والشعب الكلداني، والشعب السرياني، والشعب الارمني، والايزيدي، والشبكي، وغيرها ناهيك عن الشعب العربي، والشعب الكردي، والشعب التركماني. وصرنا نسمع: الشعب الشيعي، والشعب السني، والشعب المسيحي، والشعب المندائي. وغدا نسمع الشعب البصري، وشعب العمارة، والشعب الكرخي، وشعب الرصافة…الخ لاهداف، واغراض سياسية ضيقة، واطماع شخصية مريضة لاستغللال اسم المكون القومي، او الديني، او الطائفي، وحتى المناطقي. سمعنا مؤخرا ترديد “الطائفة” المسيحية في العراق. الدين الذي يضم المليارات يسمى طائفة! بل سماهم بعض الحمقى “الجالية” المسيحية في العراق! اعترضت مرة على احد المتحدثين المسيحيين(وزير في حكومة المالكي) لاستخدامه كلمة طائفة. ادعى انه حدث  سهوا. بعد قليل انتقل الى الحديث عن “كانتون سهل نينوى”. ودافع بحماس عن الفكرة، وهو يحلم، ويطمح طبعا، ان يكون رئيسا، او وزيرا، او محافظا، او رئيس وزراء لهذا الكيان. في حين ان من يعتنقون المسيحية في العراق هم سكنة العراق الاصليون، ولا يجوز حشرهم في معسكرات معزولة كالهنود الحمر في امريكا. العراق كله وطن المسيحيين، وليس سهل نينوى فقط، لغاية في نفس يعقوب. فالسهل من المناطق “المتنازع عليها”، ويخطط لضمها الى ما يسمى “اقليم كردستان” في حين ان كل الاقليم وما جاوره، هو وطن الاشوريين التاريخي. وحكام الاقليم لم، ولن يوقفوا التجاوزات على القرى، والبلدات المسيحية في السهل المذكور، وهي نوايا توسعية ستأكل كل السهل، ويراد لهذه “المحافظة المسيحية” الجديدة، ان تكون غظاءا لهذه الاطماع، والمخططات. ان العراق للجميع، لكل من يسكنه، ويخلص اليه مهما كان عرقه، او دينه. فكيف باحفاد الحضارات، وبناة مجد العراق، وسكانه الاصلييين.
يجب تسمية الاشياء باسمائها، فهناك وطن للجميع اسمه العراق، وهناك شعب متعدد القوميات، والاديان، والمذاهب اسمه الشعب العراقي من زاخو حتى الفاو. وهم ليسوا اقليات، وليسوا طوائف!

أحدث المقالات

أحدث المقالات