الأنتصارات التي تحققها الآن القوات الأمنية والحشد الشعبي والمخلصين من ابناء بعض عشائر المحافظات المحتلة, ثمنها دماء وارواح ومعاناة, لكنها تعبر عن الوحدة الميدانية للعراق الواحد, واحدة من دروس التاريخ الوطني التي يحاول البعض تجاهلها او العمل على تشويه مضامينها الوطنية.
ما اقسى الحرب عندما يكون الأقتتال بين ابناء البيت الواحد, بين من يخون وطنه ومن يدافع عنه, من له قدم هنا واخرى هناك ومن يقف ثابت على ضفة الأنتماء والولاء, بين جغرافية تداعش البعث فيها واخرى لازال العراق فيها قلب ينبض بالوطنية, بين الهنا والهناك يزحف الدم العراقي لينتصر .
المنتصر هو من يحافظ على زخم انتصاراته ويتواصل حتى اكمال مشروعه الوطني, فهناك من هو خاسر يترصده غدراً من داخل ثكنات الهزيمة, العملية السياسية المستدعشة لحم ودم, واجهات اتقنت لعبة الخداع والألتفاف, القوات الأمنية و الحشد الشعبي والمخلصين من بعض ابناء العشائر, وهم يهدون الوطن انتصراتهم, عليهم الا يسمحوا لقطاع الطرق ان يسرقوها, بل ان ينعم بها العراق امناً واستقراًرا ونهضة بناء وتحديث, صحيح ان المواجهات المباشرة ميدانها محافظة صلاح الدين, لكن قوى الأختطاف قابعة بين مكونات مثلث الفساد والخيانات, انه الخوف يجتاح مفاصلها من ان يدق الأنتصار ابواب عفن الأنحطاط الطائفي القومي ليفتح ملفات دواعش الفساد من داخل منطقتهم الخضراء.
الحشد الشعبي, لنتوقف هنا عند (الشعبي) اسم ومسمى, انه التعبير عن الأرادة الوطنية المنتصرة, ولا غرابة ان يشترك فيه جميع مكونات المجتمع كل حسب طاقته التي يستطيع, انها الوحدة الرافضة لمشروع التقسيم والهوية الرافضة للتمزق والنبض الوطني الرافض لأستسلام ارادة النفس الأخير, العراقيون ينتصرون لابنائهم متطوعي الحشد الشعبي, ردة فعل صامتة منذ احدى عشر عاماً, قفزة نوعية عابرة للتطرف الطائفي العرقي, عدالة لا تبحث في ملفات القتلة عن الملطخة وغير الملطخة ايديهم بدماء العراقيين, تلك الخدعة السافلة التي ادمنتها احزاب الأنبطاح المهين, انها العراق يدافع عن وجوده في اكمال سيادة دولته وحماية حقوق وكرامة اهله.
بواسل الحشد الشعبي, صيغة وطنية لا تقبل الأستنساخ, انها تمثل المواطن العراقي انتماءً وهويةً, وليس صبغة مناطقية او طائفية عرقية, الكل يمثل الكل ويندمج معه, صفاء للضمائر والقلوب والمشتركات المصيرية , لغة تتخاطب فيها نوازع الصدق والحب والأخوة ورغبة التسامح والتعايش السلمي بعيداً عن جزيرة المنطقة الخضراء للتلوث الطائفي وعدوى الفتن, والنظر على ان المنتصر هو الوطن وليس طائفة على اخرى او مذهب على آخر او قومية على اخرى, حتى لا يسقط الأنتصار الوطني في مصائد المتربصين مجدداً .
تجارب الأنكسارات والهزائم المريرة, تركت ندوباً بشعة في الذاكرة العراقية, حصيلتها, ان حثالات المجتمع تتصرف الآن خيانة في مقدرات الأمة, طبقة طارئة شرهة تتطفل كالقراد على عافية الوطن, اتخذت من الموروثات غير النافعة طريقاً متقاطعاً مع المصالح العلياء للعراق وشعبه, ومن التوافق التحاصصي وخدعة المقبولية واخواتها نموذجاً غير مسبوق لظاهرة الفساد والكسب السريع, ومن الأتجار بالكراهية والفتن المؤجلة جمر لأشعال حرائق الريبة والخوف من الآخر, ثم الدفع نحو الأستقطابات الغبية, كل حول الحزب والقائد المنقذ, انقسامات مجتمعية حادة يدفع ثمنها العراق دولة ومجتمع .
الخوف المشروع من ضياع الأنتصارات التي ستتحقق في صلاح الدين مدخلاً لأنتصارات لاحقة, ليس من دواعش المواجهات الميدانية المباشرة, بل من هناك حيث الدسائس الألتفافية التي سيتصدرها الضاحكون على ذقون الحركة الجماهيرية والرأي العام العراقي من عملاء خونة وانبطاحيين أذلاء, وحتى لا تسقط الأنتصارات في هاوبة الطائفية ويضيع الخيط وعصفور النصر, وتتجدد المأساة, هنا على قيادات الحشد الشعبي ان يدركوا, انه لا وجود لوطن ودولة ذات سيادة من خارج الهوية العراقية المشتركة, كما لا يوجد غير الأرض والأنسان يستحقا اسبقية الأنتماء والولاء, وبدون وطن حر لا وجود لقومية وطائفة ومذاهب حرة, بدون ذلك الأنتماء والولاء يصبح كل شيء خدعة بلون ايماني لا قيمة له او وظيفة ارتزاق مشرعنة بالأكاذيب .
متطوعو الحشد الشعبي, ظاهرة وطنية وردة فعل عراقية تمثل جميع المسحوقين من مكونات المجتمع العراقي, عليه هنا ان تبقى شعاراته واعلامه وهتافاته وطنية المضمون عابرة لضيق الأفق الطائفي, ان اثارة مخاوف الآخر حتى وان كانت غير مقصودة, ستكون الخروج عن دائرة النصر والتفريط بقدسية الدماء والأرواح التي قٌـدمت من اجله, ليس من الحكمة ان تنتزع اسماء الأئمة الأطهار من ضمائر العراقيين لتلصق اعلانات لفوج او سرية او دبابة او صاروخ او هتافات و اهازيج, المتربصون بالأنتصارات الوطنية, قوى شريرة ضالة ممتهنة للتصيد بالمياه العكرة, يجب عدم التبرع لها بفرص التخريب, النصر الوطني تصنعه النوايا الوطنية .
املنا كبير على ان بواسل الحشد الشعبي, هم اختراق وطني قادر على تفكيك المأزق العراقي واعادة تقويم خرائب العملية السياسية و وضع المتبقي منها على سكة المستقبل العراقي, وطن سوف لن ينال من وحدته ارهاصات مثلت التجزئة والتقسيم ونطاح الطوائف والأعراق وانحرافات وتخريفات اقلمة المجتمع العراقي وتمزيق نسيج وحدته الوطنية ثم تقاسم اشلاء جغرافية وثروات الأمة الواحدة .