5 نوفمبر، 2024 9:50 ص
Search
Close this search box.

المنبر الحسيني بين الامس واليوم

المنبر الحسيني بين الامس واليوم

عندما تكون مقهوراً مظلوماً ويساومك من غلب على كرامتك هنا تستشعر شيئاً حقيقة مقالة الحسين(ع): ألا وإن الدعي (الطاغوت) ابن الدعي (ابن الطاغوت) قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، أما عندما تتحول هذه العبارة إلى شعار بيد سلطة فتغدو باهتة بل جثة هامدة لا حياة فيها، ولذا من المؤلم جداً، بل والمغالطة واضحة في الامر وضوح الشمس أن يكون منبر عاشوراء مثل كراسي السلاطين يحتار صانعوه بتزيينه ويرتقيه (معمم) هو جزء من السلطة، إن لم نقل هو السلطة العميقة ـ وهذه حقيقة وليست وهماً ـ ليبكي ويتباكى على مظلومية الحسين ويرفع صوته بشعار هيهات منا الذلة!!!! إنه لأمر يدعو إلى السخرية المرة، كيف بالله عليك تكون مقهوراً مظلوماً وأنت المتسلط وأنت صاحب القرار؟؟؟!!!
ومن يريد أن ينتبه على هذه المغالطة الفجة فليتدبر ما كان يُطرح في منبر أيام القهر والظلم وما يُطرح اليوم على المنابر، ما يُطرح بالأمس كان الجمهور يستشعر به حرارة القهر والظلم لأن من يرتقي المنبر هو صوت معاناته وقهره، أما اليوم فبات الامر مختلفاً جداً، اليوم أصبح من تحت المنبر مثل (بالع الموسى) إذ هو مازال مقهوراً ولكن القاهر له طاغوته الذاتي (نفسه)، والذي على المنبر لا يمثله وإن زعم أنه يحكي بلسانه، لأن الذي على المنبر هو تلميذ السلطة المهيمنة، ولذلك تنظرون إلى الإمعان في مخادعة الناس عندما يروج أولئك الخطباء إلى فرية لا وجود لها إلا في الأوهام المريضة وهي: إن الحسين لم يخرج لطلب السلطة والحكم!!! ولا يوجد أحد يسألهم: إذن لماذا خرج؟! وكيف سيطبق الإصلاح والامر بالمعروف إن لم يتمكن من بلوغ دفة الحكم؟؟!!هذه المغالطة الكبيرة ماذا يبتغون من ورائها؟؟!! الهدف واضح: هو بقاء السلطة والمنبر بيدهم، فبالسلطة يحكمون ويتنعمون، وبالمنبر يستضعفون الناس ويسيطرون عليهم ويدجنونهم!!!
لذا ينبغي الانتباه على ما يراد بهذا المنبر الشريف، منبر حاكمية الله، لا الديمقراطية والانتخابات، فيزيد لعنه الله لم يتسلط على الناس بإرادته وسطوته، بل تسلط على الناس بإرادة الناس، ويزيد قتل الحسين(ع) بإرادة الناس، ولذلك ترون بأم أعينكم اليوم النواصب الوهابية الأرجاس كيف يشيعون بأن من قتل الحسين هم الشيعة وليس هم!!! ولا أحد يستطيع ردهم رداً علمياً مخرساً خاصة هذه الأيام، لماذا؟؟!! لأن الشيعة اليوم هم مثل الشيعة بالأمس أيام الحسين(ع) غلّبوا إرادتهم وإرادة يزيد على إرادة الله وانخرطوا في حاكمية الناس وقبلوا أن ينصبوا الحكام منهم كي تصير السلطة بيدهم، وإمامهم المهدي الذي يزعمون انتظاره ويزعمون نصرته موجود ولكنهم يجتهدون في أن لا يمكّنوه!!! فلماذا لا تعطى السلطة له ليتوقف هذا الأنين وتتنفس هذه الزفرات نسيم الحرية التي من أجلها خرج الحسين(ع) وقدم دمه الشريف قربانا لها؟؟!!
الشيعة اليوم بيدهم السلطة في دولتين كبيرتين ويحكمون وهم اصحاب القرار وإمامهم المهدي(ع) مازال غائباً!!! ماذا يعني هذا؟؟!! أيها العقلاء تدبروا هذه المكيدة الخطيرة والكبيرة، ما الذي ينتظره الامام المهدي(ع) لكي يظهر؟! إذا كان الذي ينتظر اكتماله هو العدة والحلقة وعددهم رقماً (١٠٣١٣) مؤمناً، فاليوم الذين يرفعون أصواتهم ويلهجون بدعاء الفرج للحجة هم أكثر من ثلاثمائة مليون، بالإضافة الى امتلاكهم السلطة بدولتين كبيرتين!!!!
أين الخلل؟؟ هل كما يزعم الوهابية وبعض المتشيعة أمثال أحمد الكاتب وأحمد القبانجي أن المهدي(ع) وهم لا وجود له إلا في مخيلة الفقراء والمهمشين، والسلطة تستفيد منه للتنعم بالحكم واستضعاف عقول الناس  واستجهالهم؟؟!! أو هل المهدي(ع) حقيقة قائمة لا سبيل إلى محوها أو طمسها بهذا الخداع والتزييف، ومن ثم هذه أصوات الثلاثمائة مليون ليست أصوات داعية إلى حاكمية الله وإنفاذ إرادة الله سبحانه، بل على العكس تماماً لبست لباس المظلوم وعملت بإرادة الظالم، ولذلك ترون بأم أعينكم أن المنبر الحسيني العظيم فقد بريقه ووهجه في النفوس وصار باهتاً بارداً، وغابت تلك الحرارة التي تتوهج باقتراب تلك الأيام المؤلمة وتشعر المقهور بمرارة القهر وقيمة الحرية التي يرخص بإزائها الدم!!!لذا لا تستغربوا من هذه الممارسات الشاذة التي باتت مادة للأخذ والرد والانتقاد مثل الحفلات الجنونية للدي جي، والحفلات الدموية الجماعية للتطبير والمشي على المجامر والزجاج المكسر والزحف على الشوك واللطم الهستيري بجسم عارٍ الى منتصفه، وكتابة العبارات الدالة على الاستهانة بإنسانية الانسان التي خرج من أجل إعلاء شأنها أبو الأحرار الحسين سلام الله عليه.ولننتبه على حقيقة مهمة: لولا وجود المهدي(ع) حقيقة إلهية ساطعة، لما خرج الحسين(ع) إلى كربلاء ولما قدم هذه التضحيات الهائلة والغالية، وهذا ما يكشفه واقع الناس اليوم، فَلَو تبقى الثورة الحسينية بيد الناس حتما ستندثر وتتحول إلى كرنفال شعبي وطقوس احتفالية لا علاقة لها بكربلاء ومصائبها لا من قريب ولا من بعيد!! لذلك انتبهوا أيها الناس على ما يُراد بكم، ولعل صورة مؤلمة واحدة أذكرها لكم تكفيكم دليلا على ما قلت آنفاً وهي: هذا المعمم الذي ارتقى منبر الحسين(ع) ليزرع رمحاً جديداً في صدر الحسين ويعمق الجراح، إذ يقول على المنبر: لو جاءنا من يدعي انه ابن الامام المهدي وثبت بالدلائل انه ابن الامام المهدي، لا بل اكثر من ذلك لو جاء الامام المهدي بعظمته وشهد له وقال هذا ابني فلا نتبعه (ها بويه تريدونا نسلم لحايانا هيج ونمشي وياه)!!!!!
هذا القول انطلق من منبر الحسين(ع) وارتفع وسمعه الجالسون أمامه، بل والملايين الذين يجلسون خلف الشاشات الفضائية ولا أحد نبس ببنت شفة!!! ورد على هذا المتاجر بدماء الحسين(ع)، وهذا لم يتكلم من رأسه أبداً، بل وراءه المؤسسة الدينية التي عينته خطيباً، وإذا كانت تتبرأ مما قال فلتخرج لنا ببيان تعلن فيه براءتها مما قاله هذا الشيخ على منبر الحسين(ع) في أيام عاشوراء هذه التي مازالت ندية!!! ولكنها الثقافة التي تروج لها المؤسسة الدينية كي يبقى الحسين(ع) موسماً للاحتفال وخلا، ويتحقق الهدف اليزيدي السفياني: فلا خبر جاء ولا وحي نزل!

أحدث المقالات

أحدث المقالات