في ظل وجود الازمات السياسية والامنية والازمة المالية والاقتصادية التي يمر بها العراق يحتاج إلى اتّخاذ خطوات تتّسم بالصدقية لبناء الثقة وطمأنة المكونات المختلفة حول مكانتها بين الدولة من خلال خطة جدّية لبناء مجتمع متكامل .
في ظل الظروف العصيبة كهذه و بقبول سجناء الارهاب من سوريا في العراق هي اضافة ازمات جديدة في البلد ، حيث ان الحكومة تنفق ملايينَ الدولارات يوميا على السجون في ظل عجزٍ مالي كبير ، ومن التحديات الاخرى واكتظاظ ُ السجون والخوف من تكرار سيناريو هروب السجناء المنتمين إلى هذه المجموعات على غرار ما حصل في السنوات السابقة في سجن ابي غريب والتسفيرات وصلاح الدين والانبار تبقى الامور مقلقة وغير مفهومة الاسباب إلا الخضوع للسياسة الامريكية في المنطقة واعتبار العراق بؤرة وممر امن لزرعها في مناطق اخرى من العالم .
على الحكومة السعي لتجنيب العراق وزر تبعات السياسة الدولية والتوترات الإقليمية، والأخذ بنظر الاعتبار موقع ووضع العراق الحالي ، والتأكيد على سيادته ومصلحته الوطنية في تثبيت الاستقرار بما يسهم في إعادة الأعمار وتطوير البنى التحتية بعد ان أصبح العنف اليوم محدوداً ويؤثر على مناطق بعينها فقط وهو ما سمح لغالبية أهله بالعودة إلى حياتهم الطبيعية اليومية.
وهذا لا يعني أن العراق أصبح دولة طبيعية بأي شكل من الأشكال وأن الوضع الآن اكثر من طبيعي ابداً ليس هذا انما ، وللأسف، فإن الأزمة السياسية في البلاد تلعب دوراً كبيراً في تقسيمه مخلّفة وراءها تربة خصبة ينفذ فيها الارهاب عملياته فالمعالجات الجزئية أو الانتقائية غير كافية ، ولاسيّما تلك التي تهدف إلى تحقيق مصالح على المدى القصير دون برنامج واضح والتي تعتبر من الضروريات المهمة كما ان الحكومة لم تعالج العوامل المغذية للاضطرابات التي تهدد استقرار العراق وديمقراطيته الهشَّة ، فقد فشلت النخبة السياسية العراقية في تطوير نظام للحكم شامل للجميع، وتعزّزت الانقسامات الداخلية ، بما في ذلك الفساد المستشري وإعادة الأعمار، والركود الاقتصادي ووجود مساحات في المناطق الغربية لا تخضع لسيطرة السلطات ولازالت تشكل حاضنة تنطلق منها التنظيمات الارهابية بين حين واخر لتنفيذ اعمالها الاجرامية وقتل الابرياء ولعل الاحداث الاخيرة في قتل المواطنين في النخيب في كربلاء والرمادي إلى جانب عمليات الخطف من أجل الفدية والاغتيالات لدليل واضح على ان الارهاب لازال يهدد الامن مستفيدا من حالة الاضطراب التي يعيشها العراق، فضلا عن الفساد المستشري، والتوترات السياسية في عدم الاتفاق على بعض المناصب الوزارية المهمة مثل الداخلية والدفاع .
إن الوضع الحالي يتطلب إلى إجراء مراجعة جوهريّة للقواعد التي تحكم النظام السياسي الحالي في البلاد و يجب أن يتحوّل التركيز إلى المواطنين بعيداً عن الطوائف. فالتغيير الحقيقي يتطلّب إجراء تعديلات كبيرة على الدستور ولنظام ادارة الدولة إضافة إلى سنّ قوانين جديدة بشأن الأحزاب السياسية وإدارة الموارد.
من هنا يتعيّن أن تصبح السلطة أقلّ اتكاءاً على النخب السياسية والاعتماد على الكفاءات ذات القدرات الواقعية في العمل وأكثر بعداً عن المركزية وتعبر عن ارادة الناس ويمثل الصورة الحقيقية للنموذج السائد لبناء الأمة العراقية بوصفه مجتمعاً متعدّد الثقافات تحتاج مكوّناتة واطيافه إلى وضع نظام حكم شامل للجميع ، بمراجعة جوهرية للقواعدالاساسية التي تحكم النظام السياسي المستقبلي في البلاد بعيداً عن التدخلات والضغوطات الخارجية.