23 ديسمبر، 2024 5:55 ص

المناهج الدراسية والارهـــــاب

المناهج الدراسية والارهـــــاب

واحدة من اعقد المشاكل التي تواجه العملية التربوية هي المناهج وفلسفة التعليم في بلدان العالم الثالث ، فهي تتغير مع استبدال الحكام والانظمة تقريباً ، في حين لا يفترض بالمناهج الدراسية ان ترتبط بحزب حاكم معين او بنظام سياسي محدد ، وانما هناك مبادئ صالحة لفترات طويلة وتحددها حاجة البلاد التنموية والاجتماعية والتطور العلمي ، فالنظم الديمقراطية تضع فلسفة للتعليم متوافق عليها تستل من الدستور الدائم لا تضير فئة من المجتمع ولا دين وتكرس فرقة وعدم مساواة وتنتهك العدالة الاجتماعية والانسانية .

لم يخطئ من شخص ان النظام التعليمي والمناهج هي منبع الارهاب الفكري والسياسي في بعض البلدان وتشجع على التطرف ، بل وتربي الشباب عليه ، وتنشئ اجيالا تؤمن بالعنف في حل المشكلات والمعضلات وفرض الآراء وعدم الايمان بالديمقراطية لتبادل المسؤولية والحكم .

المناهج الدراسية ماتزال مليئة بما يشجع على العنف وتربي عليه وكذلك بالطائفية والعنصرية وليس على اسس المواطنة والوطنية والتسامح ونبذ العنف والعدالة واحترام الاخر ، فكانت وماتزال توفر الاساس الفكري الذي ينطلق منه المتطرفون ويزيد الطين بلة ..

ان اعداداً غفيرة من الاسرة التعليمية غير مؤهلة على وفق مبادئ المواطنة والمدنية والعنصرية . العلاقة وثيقة بين المناهج والتطرف اي بين ما يتعلمه التلميذ او الطالب ومخرجات هذا التعليم الثقافية ، نحن ازاء مناهج اكل الدهر عليها وشرب فعلى سبيل المثال انا درست ذات الدروس ودرس اولادي نفس المنهج وهاهم احفادي يتلقون مواد مع تغييرات طفيفة حتى في الجوانب العلمية .. وكأن الدنيا لم تتطور وتتغير ، ولم تحدث ثورة في عالم التكنولوجيا والاتصالات ولا نعيش في عصر الانترنت والصغار يعملون عليه افضل من الكبار ويشاهدون من البرامج التلفزيونية والتعليمية فيها الغث والسمين بينما المدرسة والعملية التعليمية والتربوية بكل عناصرها متخلفة عنها وتتأثر بها .

ان الواقع في حد ذاته اصبح مختلفاً فالأطفال يلمسون يومياً اشكالاً من العنف وتطال بعضهم شروره بحياتهم او حياة اوليائهم ، لمواجهة هذا الضغط الهائل هناك حاجة ماسة الى مناهج وخطط تربوية ومعلمين مؤهلين بما لا يقاس عن الماضي تنبذ العنف وتؤكد على التسامح والتعايش .

اليوم عالمنا قرية صغيرة ولم نسمع فيه ان مسلماً من جنوب شرق اسيا قد فجر نفسه في سوق او مدرسة فعل هذا الفعل المتطرف والشنيع ، ان التعليم الجيد الذي ننشده لأبنائنا مبني على العلم وليس على الخرافة وعلى تاريخ مغلوط يشجع على العنف علم يرفع من مستوى متلقيه ويرتقي بإنسانيته وحبه للآخر وللعدالة ويرفض الاعتداء على ابناء جنسه من اي دين كانوا ومن اي لون سياسي.