تتنوع المناهج الإنسانية بين المجتمعات المختلفة كما تتنوع داخل اطار المجتمع الواحد ولكن عادةً ما نجد ان منهجا واحد او منهجين يصبحان السمة البارزة للمجتمع بمرور الزمن مع زيادة اعتماد هذا المنهج وتفاعل الافراد معه، فنرى على سبيل المثال ان هنالك مجتمعات تعتمد المنهج الانساني وأخرى تعتمد المنهج العلمي ومجتمعات تعتمد المنهج الديني وفي كل الاحوال يكون الدليل العقلي على نجاح المنهج هو الأثر المترتب على إتباعه والنتائج والثمار التي تجنى منه وابرزها التزام افراد المجتمع بالمنهج.
في مجتمعاتنا العربية والاسلامية اليوم وبالخصوص مجتمعنا العراقي يمكن تحديد منهجان اساسيان تمركزا في القمة اولا المنهج الديني وثانيا المنهج العشائري وذلك بحكم طبيعة التركيبة الاجتماعية للافراد وهنا يقفز تساؤل مهم جدا … هل أن هذه المناهج آتت أكلها؟.
المتتبع البسيط لمجتمعنا يمكنه ان يجيب بالنفي بالطبع لاننا على مستوى المنهج الديني نجد الفرد ملتزم نظريا فقط فهو يعرف التعاليم الشرعية ويخالفها في نفس الوقت وعندما يريد ان يحقق رضا ذاتي تجده يحلق في عالم الخرافة ويوهم نفسه بمجموعة من المفاهيم الدخيلة على الدين التي تقنعه بان ذنوبه تمحى حتى وان كان واقفا امام الله في يوم المحشر.
اما بالنسبة للمنهج العشائري فانه اصبح مدعاة للاستغلال عند البعض وافتعال الازمات في سبيل الانتفاع المادي فترى ان المبادئ الدينية هنا تتحطم على اعتاب المادة فتغدوا هدفا بذاتها بعيدا عن الرأفة والتسامح والإصلاح وهذا لا يسلم منه الا من عصمه الله ووفقه.
في المختصر يمكننا القول ان (صحة المنهج بمستوى الأثر والنتيجة) ويمكن لنا هنا ان نتبرك بمثالا قرآنيا كما جاء في قوله تعالى في سورة العنكبوت آية (45) “إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ” فان اقتران الصلاة بالنهي عن الفحشاء والمنكر هو اقتران العمل بالأثر أي اننا حتى وان كنا نؤدي الصوات الخمسة بدون الانتهاء عن الفحشاء والمنكر نكون كمن لا صلاة له وهنا علينا ان نراجع صلاتنا.
وبالمثل فان المناهج التي نتبعها ونؤمن بها علينا ان نبحث عن آثارها المفترض ان نراها في المجتمع وان لم نجد لها تحققاً علينا ان نعيد قرائتنا للمنهج واعادة هيكلة الفكر والممارسات المتعلقة به بعد غربلتها … والحمد لله رب العالمين والسلام على عباده الذين اصطفى…