المنافسة مرض وليست فضيلة

المنافسة مرض وليست فضيلة

وفق التعريف فان المنافسة هي ظاهرة تنبع منجوهر النظام الاقتصادي السائد، الذي يدار من قبلالنخبة الحاكمة، لتحقيق أقصى ربح لأفراد الطبقةالحاكمة في توزيع أموالهم بوسائل الإنتاج فيالسوق، ومن ثم التجار إلى العامل الكادح المُستغلوالعاطلين عن العمل.

تقسم المنافسة إلى عدة أقسام نختصرها فيقسمين هما: (التجارة والمجتمع).

المنافسة في التجارة:

تنشأ المنافسة بسبب تناقضات النظام الرأسمالينفسه الذي تديره الطبقة الحاكمة، حيث يسعى كلرأسمالي إلى تعظيم أرباحه على حساب الآخرين،وتعد ضرورة مفروضة عليهم؛ فمن لا يندمج فيالسباق يفقد مكانته في التجارة ويستبعد.

تؤدي المنافسة بين الرأسماليين إلى الاحتكاروزيادة استغلال العمال (الموظف، طالب الجامعة،العاطل عن العمل، عمال القطاع الخاص)، حيث يتمخفض الأجور وزيادة ساعات العمل لخفضالتكاليف وزيادة الربح. وبالتالي؛ إنشاء جيشاحتياطي من العاطلين عن العمل، مما يضعف قدرةالعمال على المطالبة بأجور أفضل وظروف عململائمة.

المنافسة في المجتمع:

إن المنافسة الاجتماعية ليست مجرد سمة طبيعيةأو نفسية للإنسان، بل هي بنية اجتماعية مخلوقةتُفرض من خلال النظام الاقتصادي السائد للنظامالسياسي الحاكم، حيث يخلق هذا النظام الحاجةالدائمة للبشر (نقص في الوظائف الجيدة، السكنالجيد، التعليم الممتاز، الخ)، هذا يدفع الأفراد فيالمجتمع للتنافس على موارد محدودة بدلاً منالتضامن ضد النظام الذي يخلق هذه الأزمة.

هنا يستغل النظام الحاكم هذا الصراع بتحويلالطبقات المتوسطة والمسحوقة ضد بعضهم البعض(المهاجر ضد المواطن، الموظف ضد موظف آخر علىترقية، الخ)، يتم إضعاف التضامن الطبقيوإبعادهم عن الإدارة الاقتصادية للنظام السياسيالحاكم، كما نراهُ واقعًا.

لذا تتحول العلاقات الاجتماعية بين البشر إلىعلاقات بين الأشياء، ويصبح قيمة الفرد تُقاسبقيمته في السوق (راتبه، منصبه، ملكيته) وليسبإنسانيته أو تعاونه.

لذلك نرى إعلام السلطة الحاكمة يروج إلى الابتكاروالى أن الناجح يستحق نجاحه بسبب كفاءتهالفردية، والفاشل يستحق فشله. حيث يصبح الفردفي سباق شرس دائم مع جيرانه وزملائه لامتلاكأحدث السلع، كدليل على قيمته الاجتماعية. معإلقاء اللوم على فشل الفرد نفسه وليس على النظامغير المتكافئ، مما يبرر استمرار هيمنة النخبالرأسمالية المرتبطة بالسلطة السياسية.

وتنعكس مباشرة على التعليم، حيث تتحولالمدارس والجامعات إلى مصانع لإنتاج قوة عاملة،ويُدفع الطلاب للتنافس على الدرجات والفرص بدلاًمن التعلم التعاوني من أجل المعرفة والتقدمالمجتمعي. وفي العمل، حيث تخلق بيئات العملالهرمية والتنافسية حالة من الخوف وعدمالاستقرار، حيث يتنافس الموظفون على البقاءوالترقية، مما يمنعهم من المطالبة بحقوقهموالتعاون وانعدام حتى الصداقة بينهم، لذلك نرىالأحقاد والخيانة ونصب المكائد.

إن الطريق إلى الإنسانية هو بالتضامن وليسالمنافسة سواء (التجارة أو المجتمع)، وتوجه الأفرادنحو التعاون والإبداع الجماعي، لتحسين المجتمعبأكمله، حيث تصبح مصلحة الفرد حقيقية فقطعندما تتحقق مصلحة الجميع. لأن المنافسة ليستفضيلة بل مرض مدمر ينهي متعة الإنسان فيالحياة، لذا الحل الجذري يبدأ من وعي الإنساننفسه لربح حياته ومن ثم بتغيير النظام الاقتصاديللدولة الذي يولد هذه المنافسة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات