22 ديسمبر، 2024 10:18 م

المنافذ الحدودية أم السيادة الوطنية؟

المنافذ الحدودية أم السيادة الوطنية؟

تسعى دول العالم دائما لإيلاء أهمية خاصة بمسألة الإمساك بمنافذها الحدودية وعدم السماح بتخطيها من دون أوراق رسمية وقانونية تسمح بذلك، لأن ذلك يمثل جانبا من السيادة الوطنية والاستقلال الذي يجب أن يحترم، لکن بطبيعة الحال فإن السيادة الوطنية عند بلدان العالم أکبر وأهم من المنافذ الحدودية خصوصا عندما يتم التدخل في توجيه القرار السياسي وتحديد الخيارات المتاحة أمام الحکومة، فذلك يکون أمرا غير مقبولا بالمرة ولعل الموقف الالماني من تغريدات وتصريحات السفير الامريکي لديها قبل فترة على سبيل المثال لا الحصر نموذجا على ذلك.
لاشك بأن المواطن العراقي قد شعر بإرتياح عند سماعه ماقد أعلنه مصدر عراقي في هيئة المنافذ الحدودية، يوم الاحد الماضي، من إن السلطات الأمنية في المنافذ الحدودية الجنوبية منعت نحو ألف زائر إيراني من الدخول إلى البلاد خلال الـ24 ساعة الماضية، على خلفية حملهم تأشيرات دخول مزورة من الذين کانوا ينوون تأدية زيارة أربعينية الامام الحسين. هذا الاجراء الذي هو إجراء عادي لابد منه ليس في العراق وإنما في أي بلد آخر لأنه جزء لايتجزأ من السيادة الوطنية، لکن، وعند إجراء مقارنة بين هذا الاجراء الذي تم بحق مواطنين إيرانيين عاديين وبين مايفعله السفير الايراني في بغداد وما قام ويقوم به الارهابي قاسم سليماني قائد قوة القدس الارهابية من تصرفات وأمور لايمکن أن يتمکن من القيام بها لاهو ولا سفير نظامه في أي بلد آخر غير العراق، إذ يعتبر الامر إنتهاك سافر للسيادة الوطنية ويتم طردهما فورا وخلال وقت قياسي.
مرة أخرى وبمناسبة هذا الاجراء الذي تم إتخاذه في المنافذ الحدودية الجنوبية، وبمناسبة الاجراءات التي باتت تتخذ‌ها دول متباينة من أجل الحد من علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع النظام الايراني، فإن الامور في العراق تبدو على ماقد کانت عليها ولم يطرأ عليها أي تغيير يذکر بهذا الصدد، إذ أن السفير الايراني مسجدي والارهابي سليماني يتصرفان وکأن کل شئ بالنسبة للنظام الايراني لم يطرأ عليه أي تغيير، في الوقت الذي صارت دول المنطقة والعالم تنأى بنفسها رويدا رويدا عن هذا النظام وحتى إن عدم توجيه دعوة لطهران لحضور مٶتمر القمة الذي سيعقد في ترکيا يمکن إعتباره دليلا واضحا على هذا الامر، ولکن، لايبدو أن هناك حياة لمن تنادي في العراق من أجل المبادرة بإتخاذ مايلزم قبل أن يفوت أوان ذلك.
لقد حان الوقت المناسب من أجل مراجعة قضية الانتهاکات السافرة للسيادة الوطنية العراقية من جانب النظام الايراني الذي صار يعيش عزلة متزايدة ليس من جانب المنطقة والعالم فقط وانما حتى من جانب شعبه الذي صار يتطلع لتغييره جذريا، وإن إبقاء الحبل على غاربه لهذا النظام ليس في صالح العراق أبدا.