سلط الباحث في معهد واشنطن مايكل نايتس، الضوء على التغييرات القيادية التي شهدتها المؤسسات الاقتصادية مؤخراً، والتي عدّها التزاماً واضحاً من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بتغيير الوضع الراهن والقضاء على الفساد الذي ينخر جسد الدولة
ونشر الباحث المتخصص بالشأن العراقي تحليلاً مفصلاً تحت عنوان ” الكاظمي يواصل إعادة توزيع المناصب لحماية المؤسسات الاقتصادية والحدود في العراق، أشار فيه إلى أن “نطاق الطموح للتعيينات والطريقة المركزية التي جرت فيها هي دلالة كبيرة على التزام رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بتغيير الوضع الراهن المتآكل في بغداد”، متسائلاً عن “قدرة الكاظمي في الصمود ومواجهة القوى التي تستفيد من الوضع الراهن
ففي 14 ايلول، أعلن الكاظمي عن مجموعة من التعيينات القيادية الاستراتيجية للمؤسسات المكلفة بالإشراف على اقتصاد العراق، وحدوده، وجهوده لمكافحة الفساد ـ وهي قائمة تشمل البنوك وسلطات الجمارك والمطارات والموانئ والمعابر البرية والهيئات البلدية ولجان التحقيق، وأكثر من ذلك
وتناولت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية ما وصفتها بإستراتيجية الإصلاح التدريجي التي يحاول رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تطبيقها في ظل تفشي الفوضى السياسية في البلاد ,, وقال الكاتب ريناد منصور في مقاله بالمجلة إن الكاظمي يقود البلاد في ظل تحديات داخلية وخارجية، أبرزها الأزمة الاقتصادية الناشئة عن انهيار أسعار النفط، إضافة إلى الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا والأزمة الأمنية المحتملة بسبب عودة تنظيم الدولة الإسلامية، لكنه يرى أن جذور كل هذه الأزمات في الواقع سياسية
على مدى الأعوام القليلة الماضية، تضاءلت قدرة النخبة الحاكمة في العراق على الاستجابة لاحتياجات مواطنيها. ومع استمرار المتظاهرين في ميادين بغداد وجنوبي البلاد في الدعوة إلى الثورة، تتخبّط النخب السياسية في صراع داخلي وتتنافس من أجل السيطرة على الوزارات وما تبقى في خزائن الدولة– وكان أحد الدوافع الرئيسية وراء الازدياد الذي بدأ ينشأ منذ فترة طويلة في نفوذ الميليشيات والفساد في العراق هو استيلاء الكتل السياسية التي توجه عملية اختيار المسؤولين المهمين وقراراتهم، على الأنظمة الاقتصادية الاستراتيجية
ولا يعتبر الكاظمي أول رئيس وزراء يروّج لرؤية إصلاحية شاملة وواعدة، غير أن أيامه الأولى في الحكم تقدم لمحة عن التحديات التي تنتظره. في الواقع، سيتعاون مع الرئيس برهم صالح الذي كان سببا في منع بعض المرشحين السابقين لرئاسة الوزراء، من أجل تطبيق هذه الإستراتيجية , فإن رئيس الوزراء لن يكون ثوريا لإصلاح النظام السياسي برمته، ولا رجلا قويا يحتكر السلطة، بل يسعى إلى القيام بإصلاح تدريجي للنظام الحالي. بعبارة أخرى، تتلخّص رؤيته في التعمّق في الصراع القائم بين المواطنين والنخب، والانقسام السياسي بين النخب في حد ذاتها، من خلال إقامة توازن جديد بين الإصلاحات والوضع الراهن – أن إستراتيجية الكاظمي الأولى تعتمد على إقناع المتظاهرين بأنه يسمع مطالبهم ويمثل أصواتهم، حتى لا يقع في فخ فقدان الثقة بالحكومة العراقية والتي أفقدتها الشرعية خلال السنوات الماضية، وكانت مبادرته الرمزية بإعادة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي الذي أقيل من دائرة مكافحة الإرهاب أواخر سبتمبر/أيلول الماضي إلى منصبه وترقيته على رأس هذا الجهاز، إحدى أبرز هذه الخطوات التي اتخذها بعد تسلمه منصبه وتهدف التغييرات القيادية التي بدأت منذ قدوم الكاظمي إلى السلطة في مايو إلى تحرير العديد من هذه الأنظمة وتقليص فرص قيام الجهات الفاعلة السلبية باستغلالها. وكانت الغاية الرسمية من التعيينات هي استبدال شاغلي المناصب الذين انتهت ولاياتهم ، لكنّ الأهم من ذلك، أنّ الخيارات لم تكن موجهة بالحصص النموذجية المستخدَمة لتَقاسُم المناصب بين الأحزاب وشملت لبنك المركزي العراقي- المصرف العراقي للتجارة- امانة بغداد -الهيئة الوطنية للاستثمار- هيئة النزاهة
– هيئة الأوراق المالية- اللجنة الفنيّة العليا لأمن الاتصالات والمعلومات -إنشاء لجنة جديدة لردع الفساد -سلطة الطيران المدني العراقي-تغييرات كبيرة في المنافذ الحدودية -لا يوجد للكاظمي ولاءات في حكومته ولا أحزاب داعمة له، لذلك سيحاول تكوين حلفاء أثناء محاولته إحداث تغيير تدريجي– يندد الكاظمي بالفساد المرتبط بهذا النظام السياسي، ويسعى لكي يصبح رئيس وزراء نزيها ويطبق إستراتيجيته الإصلاحية, حكومته تستند إلى معايير مختلفة، من التكنوقراط المستقلين الذين لديهم “اتفاقات” ضمنية واسعة مع الأحزاب، إلى موظفي الخدمة المدنية السابقين. وبدرجات متفاوتة، توصل الوزراء بالفعل إلى اتفاقات مع الأطراف التي يمثلونها لضمان الحفاظ على أنماط المحسوبية والفساد لاستعادة ثقة الشعب. ولتحقيق ذلك، تستعد حكومة الكاظمي للتركيز على الإصلاح الانتخابي وإصلاح قانون الأحزاب السياسية والانتخابات السابقة لأوانها. لكن القانون الانتخابي قضية برلمانية بالأساس – لكن صبر المتظاهرين بدأ يستنفذ ، فهم يريدون تطبيق الوعود على أرض الواقع والعمل عليها في الحال، ويطلبون انتخابات سابقة لأوانها وتحديد موعد معين للانتخابات. كما ينتظر أن يعقد الكاظمي حوارا إستراتيجيا مع الولايات المتحدة، يتعلق بالقضايا الأمنية على وجه الخصوص، لاستعادة الثقة بين الجانبين بعد التوتر الذي ساد علاقاتهما في عهد حكومة عبد المهدي- يستبشر العراقيون لفترة وجيزة بتغيير المناصب العليا، معلّقين الآمال على المسؤولين الجدد من أجل تغيير أوضاعهم المزرية. هذا مايشعر به المتفائلون منهم وهو شعور انساني عاطفي طبيعي . أمّا الذين قد داستهم الظروف السيئة الى حد اليأس فليس لديهم حَسَن وأحسَن والجميع بنظرهم سيئون، حتى يثبتوا العكس عبر نتائج ملموسة تدخل بيت كل عراقي ويرونها في كلّ شارع ومحل عمل ,, وهنا نؤكد مجددا ان عملية الاصلاحات والتغييرات المرتقبة في الوزارات الحكومية لا يمكن لها ان تكتمل منهجا وشخوصا دون ابعاد الشخصيات القديمة الكالحة والتي اثبتت فشلها وفسادها طيلة سنوات الاحتلال، ودون تغييرات حقيقية داخل الهيئات المستقلة واستبدال شخوصـــــــها بكفاءات وشهادات راقية لاجل تحقيق التمثيل الحقيقي لها بعيدا عن تآثيرات السلطة الحكومية او ضغوط الكتل السياسية المتنفذة عليها. ومازال الشعب العراقي ينظر بتفاؤل يملوه الامل بآجراء تغييرات حقيقية واسعة في كل مؤسسات الدولة وحتى درجة (مدير عام) لأجل أنقاذ العراق من المنزلق الخطير وان يرسو الى شاطئ الامان فاعملوا سيـرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.