23 ديسمبر، 2024 3:42 م

المناداة بالتغيير تتطلب المشاركة في الانتخابات

المناداة بالتغيير تتطلب المشاركة في الانتخابات

تعد الانتخابات بالنسبة للشعوب أشبه باتخاذ القرارات المصيرية التي تعني تغييرا جذريا في حياة الفرد، وهي بالتالي قد تؤثر في مستقبل الأجيال القادمة وبذلك تعد عنصرا جوهريا في الديمقراطية وهي لها بمثابة الروح للجسد ويتطلع شعبنا العراقي إلى الانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في 30 /4 /2014  بشكل كبير وفي حوزتهم كم هائل من الأسئلة.فناخب اليوم ليس كناخب الأمس والوعي السياسي الذي يملكه الإنسان العراقي يختلف بشكل كبير عما كان يحمله سابقا  فظروف المحنة والاصطفاف الطائفي والعرقي والاثني في السنوات العشر الأخيرة، ولدت حسا وطنيا خارقا وتوجد مقاومة شرسة للتصدي أمام كل أنواع الاصطفاف أيا كان شكله أو نوعه أو عطره. فهذه المقاومة الشديدة في الفكر والإحساس والوجدان عند الناخبين الجدد سوف تمضي مع تيارات من كل شرائح الشعب العراقي للوقوف مع كتل وقوائم وطنية واضحة المعالم وبالمقابل ستعاني كتل أخرى قد اصطفت مرة أخرى بشكل طائفي أو اثني تراجعا وانكماشا. فناخب اليوم سوف لا يذهب إلى الانتخابات المقبلة وكأنه ذاهب إلى حفلة أو فسحة أو مناسبة دينية أو اجتماعية، لأن المشاركة في الانتخابات تقتضي وعيا سياسيا واجتماعيا يمكّن الناخب من الاحتراس من الوقوع في فخ المفسدين وسماسرة الانتخابات، وتقتضي أيضا الإحاطة بأسرار وخفايا العملية السياسية، وهو ما يقتضي أيضا أن يشارك الفرد مجموعة من الناخبين من أمثاله في البحث عن قائمة وطنية تمتلك حسا وطنيا عاليا وقدرة على حل المشاكل المستعصية للبلد وتجربة في إخراج العراق من مأزقه وان يختار داخل القائمة الواحدة المرشح الأنسب والأكفأ والمناسب في المكان المناسب، وهذا الأمر وإن كان نسبيا بمعنى أن لا رجل مثاليا ومناسبا مئة بالمئة، إلا أن الديمقراطية والانتخابات تعني البحث عن أفضل الموجود، وعليه فإن الناخب يمكنه الاسترشاد بهذه القائمة من المواصفات، فيعمل على تقويم المرشحين، حتى يختار الأكثر ملائمة لشغل أعضاء مجلس النواب للسنوات الأربع المقبلة . فالوعي الخارق عند الناخب العراقي وإبداء نوع من المسؤولية والاهتمام في الانتخابات المقبلة سوف يؤدي إلى تشكيل مجلس نواب جديد متجانس ومسؤول يملك المصداقية والشفافية واحترام القوانين، والذي سيضع البلاد على سكة التغيير الديمقراطي المؤدي حتما إلى محطة الحداثة والتقدم والتنمية الشاملة ذلك لأن هيبة القانون وقوة الدولة لا تتأتيان إلا من خلال الحزم في تطبيق القانون. ان شعبنا على اختلاف انتماءاته السياسية والقومية والدينية مدعو إلى المساهمة النشطة في العملية الانتخابية وإيصال صوته إلى صناديق الاقتراع التي ستظهر خيارات العراقيين وتطلعاتهم نحو عراق ديمقراطي,فالانتخابات من الوجهة المبدئية تعبر عن الرأي العام العراقي باعتبارها الطريق الأكثر شرعية لقيام حكومة وطنية وشرعية تتمتع بالدعم الشعبي تكون قادرة على اجتثاث جذور الفساد والإرهاب.ان فرض الأمن و الاستقرار ومواصلة السير في طريق التحولات السياسية والاقتصادية يتطلب حتما حكومة قوية منبثقة من الشعب وممثلة لآماله وطموحاته في بناء العراق الجديد.وكفى صمتا عن سلبيات الحكومات السابقة لأنها كانت تعمل وفق المثل الشعبي المعروف ” دخانك عماني وطبيخك ما جاني “.من هنا نرى  ان الانتخابات العراقية وآفاقها المستقبلية ستشكل حدثا بارزا في تاريخ العراق السياسي وسيشكل التغيير السياسي الذي يشهده العراق قوة تأثير كبيرة على طريق البناء والتقدم .وتعبر هذه العملية الديمقراطية التي ستجري بإشراف ورقابة محلية ودولية مستقلة عن مضمون وطني وديمقراطي وبذلك تختلف هذه الانتخابات شكلا ومضمونا عن الانتخابات السابقة والمحسومة لصالح أطراف معينة  كانت مدعومة خارجيا لتنفيذ برنامج هو تفتيت العراق ونهب ثرواته وقتل أبنائه وسلب إرادته .لذلك من الواجب الوطني والعروبي والأخلاقي والديني المشاركة في الانتخابات والإدلاء بصوت الخلاص والتغيير المنشود من اجل  مستقبل أبنائنا وسيادتنا وصيانة كرامتنا وتلبية حقوقنا وليس لنا إلا طريق واحد هو المشاركة المؤمنة بالانتخابات لأنها الحد الفاصل بين الظلام والنور.