يعتبر الممثل الاداة الرئيسية في المنجز الدرامي سواء كان مسرحيا او سينمائيا او اذاعيا.. فهو الموكل بايصال فكرة العمل وموضوعه من خلال الحوار او الاداء والتعبير.. لذلك كان الاهتمام كبيرا بالممثل وادواته وتخصص الكثير من الباحثين في تفصيل ما يحتاجه الانسان ليكون ممثلا.. او بتعبير ادق مايحتاجه الفنان الموهوب او الشغوف ليكون ممثلا ناجحا وأشهرها كتاب ” اعداد الممثل” للمخرج الروسي الشهير ستانسلافسكي (1863-1938) الذي يعتبر المصدر الاساسي الذي تعتمده مدارس التمثيل.. ومنه استمد الكثيرون بحوثهم وكتبهم التي تتعلق بذات الموضوع مثل جلال الشرقاوي وكتابه “فن التمثيل وفن الاخراج”.. ونجاح الممثل يتطلب منه ان يكون ملما بأدواته التي يحتاجها لتجسيد دوره باتقان وتميز ..واهم هذه الادوات او لنسميها القدرات هي القدرة الجسدية ..فالتحكم بالجسد وتطويعه مهم جدا وبالاخص الوجه وعلى وجه الخصوص في فن التمثيل الصامت ( البانتو مايم )او في الافلام التي تستخدم اللقطات القريبة للوجه مثل افلام التحليل النفسي او الرعب او الترقب والتشويق .. وهنا نود الاشارة الى العيون وحركة الحاجبين.. ولاينبغي للممثل ان يستهين بهما رغم بساطتهما لانهما غالبا ماتكونان حافزا للدوافع النفسية او الانفعالات الداخلية ان تطفو على السطح وبالتالي تجسيد الشخصية بشكل سليم وأكثر اتقانا.. اما جسم الممثل نفسه فهو الادات الرئيسة لتجسيد الشخصية خصوصا على خشبة المسرح او في المنجز المرئي بشكل عام.. لذلك يتوجب على الممثل ان يكون ملما بالانشطة الجسدية كالرقص بأنواعه او الرياضات بأنواعها.. السباحة والمبارزة وركوب الخيل وغيرها ونادرا مايكون الممثل الحقيقي لا يتقن هذه الرياضات.. والمتابع للافلام العالمية يجد ان الممثل يؤدي دوره باقناع كبير لان المشاهد يراه كأنه بالفعل حقيقيا ولولا انه معروف كممثل لما فرقه عن الشخصية الحقيقية.. مثلا.. (سلسلة افلام روكي) وروكي هذا ملاكم جسده الممثل الامريكي (سلفستر ستالون) نراه ملاكما حقيقيا.. وفي فيلم (بلاك سوان) نرى راقصة باليه حقيقية (جسدتها الممثلة ناتالي بورتمان ) وافلام ( رقص الشوارع ) وهي بحدود عشرة افلام تقريبا .. كان الممثلون بارعين جدا في رقصات الشوارع المختلفة.. والفضل في ذلك يعود الى الممثل المجتهد الذي يتمرن كثيرا لاتقان شخصيته
والى المخرج الذكي الذي يسند الدور لمن يليق به بعيدا عن المجاملات او المحسوبيات
الممثلة التي تؤدي دور ( مولان انتاج 2020)” بيفي لو” والتي اختيرت من بين 1000 ممثلة تقدمن للاختبار قالت .. انا اتمرن منذ ثلاثة اشهر وبمعدل سبع ساعات يوميا وباشراف متخصصين بالفنون القتالية الصينية.. والامثلة كثيرة في السينما العالمية .. الممثل العربي العالمي “عمر الشريف” يروي كيفية اختياره ممثلا في فيلم “لورنس العرب” واختاروه من بين 5000 ممثل والمخرج لايعرفه بل استند الى صورته فارسل اليه ليجري اختبارا للشخصية.. وسافر حسب روايته وكان الاختبار في منطقة صحراوية ..يروي الممثل العالمي “عمر الشريف” قائلا ” وصلت الى مكان الاختبار وانا بملابس الشخصية على متن طائرة هليوكوبتر ورايت وانا في الجو رجلا وحيدا في الصحراء ( مكان الاختبار) ..كان هو المخرج البريطاني الكبير (ديفيد لين) وتم اختياره بمهنية عالية وكسبت السينما ممثلا راقيا ..
. القدرات الصوتية.
وهي من اهم المزايا التي ينبغي توفرها عند الممثل ان لم تكن الاهم على الاطلاق ولايمكن ان يكون هناك عمل فني ينسب الى التمثيل بدون قدرة صوتية كأداة تعبيرية مناسبة( باستثناء البانتو مايم )بل هناك نوع ادائي تمثيلي يكون فيه الصوت هوالعنصر الابرز .. وهو التمثيل الاذاعي ويشمل ايضا عمليات الدوبلاج المصاحبة لافلام الرسوم المتحركة او المسلسلات الدرامية الاجنبية والتي تتحول الى ناطقة باللغة العربية الفصحى عندنا والتي ينبغي ان تكون متقنة قواعديا او اللهجات المحلية التي لاتتطلب الاتقان النحوي..
اما المسرح فهو بلا شك المعيار الاساسي للفنان وقدراته الصوتية وكان الممثل يعتمد اعتمادا كبيرا على صوته وبدون وسائل تقنية انشرت في الاوقات الحالية حتى فقد الممثل ميزة الصوت المسرحي .. وكان الممثلون المسرحيون يؤدون التمارين المتعبة لتقوية الحنجرة وتوسيع المدى الصوتي والاداء اللوني وتمرين اللسان وتقويته بتمارين يعرفها المسرحيون مثل تمارين لاساك وكذلك التمرين على نطق مفردات صعبة وبدون معنى احيانا لتعويد اللسان على التحكم ..وكان الاستاذ الراحل ” بدري حسون فريد”(1927-2017) مدرس مادة الصوت والالقاء في اكاديمية الفنون الجميلة /بغداد يجلس في اخر قاعة التمثيل او المسرح ليسمع صوت الممثل وبدون وسائل تقنية ويطلب من الممثل ان يهمس ويجب ان تكون مخارج الحروف واضحة…
شخصية الممثل
الممثل يحتاج الى ممارسات اخرى تساعده في تكوين شخصيته الحقيقية .. مثل القراءة المستمرة للتاريخ والاقتصاد والسياسة والفن وكل شيء تقريبا حتى يكوًن خزينا معرفيا ينهل منه عند دراسته للشخصية المطلوب منه اداءها وهذا ضروري جدا للفنان بشكل عام ..وللممثل على الاخص لكون البحث يدور حوله ..
وكذلك متابعة الاعمال الفنية بشكل عام ليكوًن فكرة عنها وضرورة متابعة الاعمال التي تقع في دائرة اختصاصه .. فالممثل المسرحي مثلا يجب ان يتابع العروض المسرحية المختلفة .. والسينمائي يتابع العروض السينمائية اضافة الى المتابعة العامة لمختلف الفنون …ومتابعة جلسات النقاد الذين يغنون العمل الفني بوعي وتحليل يلقي الضوء على العمل واسباب نجاحه او اخفاقه ..
ويتطلب من الممثل ايضا الاهتمام بصحته وساعات نومه وراحته والتفرغ للعمل الفني حتى يكون مستحقا له وليس اعتباره قضية ثانوية …وايضا ينبغي للممثل ان يدرس النص دراسة واعية ويسأل الكاتب او المخرج عن الشخصية وعلاقاتها بالاحداث والشخصيات الاخرى .. وعليه ان يكون مطيعا للمخرج الذي تقع عليه المسؤولية الكبرى في انجاز العمل على الوجه المطلوب فالممثل اولا واخيرا ينفذ مامطلوب منه فهو كالجندي الذي ينفذ الاوامر بدون جدل وهذا يتأتى بعد انتهاء النقاشات والتباحث حول العمل الفني والفهم الكامل له ..
انا اتحدث عن المفروض حدوثه وليس المعمول به حاليا في العراق على الاقل .. ولا ادعي معرفتي بالذي يحدث في البلدان الاخرى اذ يغلب على الا نتاجات الفنية خطوات لايمكن ادراحها تحت بند الاحترافية .. بل مجاملات ومصالح وشللية وفساد فني وسلوكي اضافة الى الفساد الفني . نتيجته الهبوط بمستوى المنتج الفني ..