23 ديسمبر، 2024 6:27 م

الملك السعودي مشروعية الخوف وحتمية الأنهيار

الملك السعودي مشروعية الخوف وحتمية الأنهيار

تناولت الصحف الالكترونية والورقية والفضائيات تصريحات الملك عبدلله بن عبد العزيز حول موضوع قتال داعش ومكافحة الأرهاب . قال أن داعش تهدد الجميع بما فيهم أوربا واميركا وقال جازماً ( الشهر القادم داعش ستصل أوربا وبعدها بشهر ستصل اميركا ) واكد على موضوع عبور داعش من مناطق تواجدها الى اوربا واميركا ، وهذا استنتاج وتصور فيه مبالغة كبيرة وغير منطقية , الا اذا كان هناك ( أمراً دبر بليل ) ضد داعش , بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية , وهناك برنامج لتحريك ( دمى ) داعش في هذا الاتجاه , من هذا التصريح الخطير والمهم للملك عبدالله بن عبد العزيز نفهم أن هناك احتمالات متعددة وراء هذا التصريح . منها اولاً تخويف شعوب العالم الاوربية والشعب الاميركي بغية للسكوت على ما ستقوم به حكوماتها وأعطاء المبرر والذريعة لحكومات هذه الشعوب للدخول في قتال عسكري بمنطقة الشرق الاوسط وتحديداً سوريا والعراق . و الشعوب هذه ترفض خوض حكوماتها في حرب جديدة لا زالت قريبة وغير منسية ماثلة للعيان , وتداعياتها مستمرة . ولا زالت الدول التي دخلت في معترك العراق وادمت الجميع تتذكر المجازفة التي ادخلهم فيها بوش الصغير المجرم الارعن والضحايا والخسائر التي تكبدها الجميع بدون مبرر منطقي معقول , وما رافق ذلك من تهويل واكاذيب وأفترآت أنكشف زيفها بعد فوات الأوان . لذلك فالملك يحاول اقناع هذه الشعوب بصواب الأجرآت الاحترازية وضرورتها التي قد تقوم بها حكوماتهم وما يرافقها من خسائر بشرية . والجانب الثاني تحفيز الحكومات الاوربية لتلبية دعوة اوباما بضرورة مقاتلة داعش في معاقلها . والاعتقاد الثالث هو امر دبر بليل مع كل من اميركا و المملكة العربية السعودية وحلفائهم . وعلى هذا من المحتمل إحداث عدد من الفعاليات الارهابية المصطنعة في بعض المدن الأوربية لغرض الاقناع بجدوى مقاتلة الأرهاب المتمثل حالياً بداعش وجبهة النصرة وفق المفهوم الامريكي والاوربي . من هذا كله نفهم بأن ( حصان داعش ) أسرج للدخول واللعب في مرحلة جديدة تتطلب اعداد متقن على الصعيد الاعلامي والنفسي والاقتصادي والعسكري . وأذا اخذنا بنظر الاعتبار الخوف والوجل الطبيعي لحكام المنطقة وأولهم حكام السعودية والخليج من موضوع داعش ومن يماثلها في التكوين والمعتقد والتوجهات . قلق وخوف دائم من كل حزب او جهة او حركة تدعو الى الوحدة والتوحد الشمولي للوطن العربي . خارج المفاهيمهم المنغلقة ( وحدتهم الخاصة بهم ) مثل مجلس التعاون الخليجي . بعيداً عن حركة داعش وكيف خلقت ومن هي الجها ت التي تقف ورائها وتحركها وضبابية اهدافها وما تسعى اليه , فداعش ( دولة خلافة ) وهذا بحد ذاته يشكل تهديد مرعب عظيم لكل انظمة الحكم في المنطقة سواء كانت دينية ام علمانية . وهناك عوامل كامنة ومنطقية تسطيع داعش الاستفادة منها مثل علاقة هذه الانظمة بالولايات المتحدة الاميركية الحامية لأسرائيل بل وحتى علاقاتها مع اسرائيل سراً وعلناً , كذلك مواقف هذه الحكومات السلبية تجاه مجمل القظايا العرية المصيرية , الاقتصادية والسياسية والعسكرية لا بل حتى تآمرها على التيارات والقوى التي تدعو للوحدة العربية وتناهض الاستعمار والصهيونية . وهناك الحافز الديني المشروع في وجوب مقاومة اميركا واسرائيل وغيرها مثل ايران ونظامي سوريا والعراق , ايران التي تتبنى وتطور مشاريع تظر بالعرب والمسلمين تحت نهج تصدير الثورة  , اضف ايضاً ان هذه الانظمة ستدافع عن مصالحها الذاتية وبظراوة اكثر من دفاعها عن شعويها او غيرها من شعوب الوطن العربي , فاستمرار بقائها في الحكم شيء مقدس لا يمكن التفريط به كل الانظمة المتوارثة تنتهج نفس النهج في هذا الجانب وهي تختلف من هذا المنظور عن الانظمة الغير مورّثة من  ناحية استماتتها في تمسكها بالسلطة , وتكون على استعداد لأرتكاب ابشع المجازر الوحشية بحق شعوبها من اجل ذلك . كانت السعودية ولا تزال ومن ورائها كل انظمة التوريث ملوك وامراء ورؤساء جمهوريات وتكوينات مذهبية او دينية او عرقية . نقول أن هناك مشروعية ذاتية للخوف لهكذا أنظمة لللأسباب التي ذكرناها سابقا . بالوحدة او التوحد تضعف او تنتهي مسؤولية هؤلاء . شعورهم هذا النابع من مفاهيمهم وثقافتهم السياسية المتخلفة يدفعهم للتمسك بالدول القوية والدوران في فلكها للحفاض على ديمومة حكمهم واستمرارية تواجدهم على راس هرم السلطة حتى وان تناقضت مع مصالح الآخرين سواء كانوا اشقاء او اصدقاء . ومع اشكالية التوازن المقلق هذه والتناقض مع رغبات شعوبهم واحياناً مصالحها , ومع محاولات اقناع هذه الشعوب وبشتى الوسائل بصواب نهجهم الخاطئ وتبرير ارتباطاتهم المرفوضة جماهيرياً . لهذا كله فالخوف من داعش ومثيلاتها لم يكن الخوف الشديد من  الدخول معها في حرب تقليدية , داعش اشبه بالسرطان اذا انتشر في الجسم من الصعوبة السيطرة عليه والشفاء منه . ما تقوم به ايران من تمدد في المنطقة العربية يثير الخوف والقلق لكن ليس كالخوف من داعش . ايران تسعى ايضاً للسيطرة والهيمنة والتمدد وترفع شعار تصدير الثورة . لكنها مقدور عليها بسب كونها ترتكز على المذهبية في تنفيذ مشاريعها وبسط نفوذها وبالتالي سعيها وخطرها للهيمنة بأسم الاسلام تكون ضعيفة اوشبه معدومة كون اغلب المناطق العربية و الاسلامية تتواجد فيها أغلبية سنية مطلقة . ودعوة ايران خميني صريحة وواضحة في موضوع المذهبية حيث يقر الدستور الايراني ذلك , جاء فيه ( ايران جمهورية اسلامية تتخذ من المذهب الأثني عشري منهجاً لها ) لذلك فتأثيرها يكون قوياً في الأماكن التي يتواجد فيها الشيعة وضعيف في غيرها . لهذا اعتمدت ايران ومنذ زمن بعيد حتى قبل سيطرة نظام الملالي على السلطة في ايران على الولاء العقائدي الديني في هذا الموضوع . داعش بأعلانها الخلافة والغائها الحدود المصطنعة أججت هذا الخوف وهنا بيت القصيد . مثلما ايران لا تخشى داعش داخل حدودها للتناقض المذهبي المعروف لكن تخشاها في العراق وسوريا واليمن والبحرين وحتى في لبنان . لوجود التطابق المذهبي والقبول بداعش في حالة (الاضطرار). ما يعني خسارة ايران وتأثيرها وفقدانها لمرتكزاتها التي اسستها منذ زمن بعيد وصرفت عليها الكثير من الجهد والمال . لكل هذا جاءت تصريحات الملك عبد الله بن عبد العزيز . والدول الغربية تعرف تماماً سبب هذا الخوف والقلق الذي تعانيه انظمة التوريث . وسيستخدمها الغرب كفرصة سانحة للأبتزاز المالي والسياسي لم يقلقوا كثيراً حين تمدت ايران في العراق وغير العراق . لأن ايران مقدور عليها ولا تثير المخاوف والقلق العميق على مستوى الداخل للأختلاف العقائدي والمذهبي كما ذكرنا . لكن داعش غير ذلك , هي من نفس العقيدة المذهبية التي من الممكن ان تلاقي حضوراً مقبولاً لبرهة من الزمن لمواجهة التمدد الايراني الذي لم تعيره السعودية وغيرها من الدول العربية الاهمية المطلوبة بل هي وغيرها من سهل وساعد على ذلك , وهذا الخوف الرهيب معروف لأميركا وبريطانيا وفرنسا , والذي يخيفهم ويقلقهم بشكل كبير ايضاً هو تهديد مصالحهم ومصالح كل العالم لأن عدم استقرار ( بلدان المنابع ) يعني كارثة حقيقية عظيمة . لذلك الانظمة العربية المعنية بهذا الخوف وخصوصاَ النظام السعودي يحاول تحفيز دول المصالح وربطها بمستقبل وجوده واستقراره . في محاولة لطمأنة ملك السعودية جاء تصريح السفير البريطاني في السعودية أثناء تقديم اوراق أعتماده لملك السعودية كسفير جديد لبلاده ( جون جكنز ) وتأكيد سعي بلاده لمكافحة الارهاب وعلى نفس السياق جاء تصريح السفير الفرنسي ( برتران بزانسنر ) حول نفس الموضوع لصحيفة النهار , رافق ذلك طلب ملك السعودية من السفراء الذين التقى بهم تبليغ بلدانهم لكلامه حول داعش . وعلى نفس النمط تحرك سعودي على الدول الاوربية المعنية ذات المصالح وحثها بقبول دعوة اميركا على لسان زعيمها اوباما , في محاربة داعش والنصرة , كان ابرزها زيارة ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع ( سلمان بن عبد العزيز ) الى فرنسا ليلتقي خلالها الرئيس ( فرانسوا هولاند ) وكبار المسؤولين الفرنسيين . وتأسيساً على ذلك اعلنت السعودية أكتشافها لعشرة خلايا تظم 88 شخصاً من المتشددين الاسلاميين والقاء القبض عليهم , وحقيقة الامر ان هؤلاء كانوا سابقاً من الموقوفين بسبب تهم لم تثبت عليهم وأطلق سراحهم , والاجراء السعودي هذا اجراء احترازي في جانبه الاول واستثماره اعلامياً في جانبه الثاني .

أن هذه الانظمة ومثلها النظام الايراني مقتنعة بحتمية انهيارها لكنها لا تريد ان تصدق ذلك وتحاول ان تبحث عن مخرج لهذا المأزق مثل تصدير مشاكلها الى خارج بلدانها . عسى ولعل ان تعثر على حل لأستمرارية بقائها لأطول فترة من الزمن , وموضوع المطاولة هذا يكلفها الكثير من المال والجهد والقلق ,

الحل الوحيد لهذه الانظمة الحاكمة هي القبول بالديمقراطية والعلمانية الايمانية والقناعة بتداول السلطة السلمي وأحترام الشعوب بأعتبارها الهدف والوسيلة للتطور والتغيير واحترام اراداتها وما تتطلع اليه .

داعش ومثيلاتها تنتهي وبسرعة خلال ايام بمجرد رفع الدعم عنها من قبل الدول التي تقف خلفها وتمونها . حالها حال الحركة الكردية العراقية بزعامة ( الملا مصطفى البرازاني ) فبمجرد رفع الدعم عنها في الاتفاق العراقي الايراني زمن الشاه ( محمد رضا بهلوي )  و ( صدام حسين ) في أتفاقية الجزائر سنة 1970 , انهارت الحركة الكردية واستسلم الاكراد بلآلاف والتجئ الملا واعوانه الى الولايات المتحدة الاميركية ومات هناك . فمصير داعش هو كذلك مرهون بدول التمويل والدعم . على اميركا وحلفائها من العرب وغيرهم أذا كانوا جادين في محاربة داعش ومثيلاتها , قبل ذلك محاربة دول التموين والدعم لداعش . واميركا ومثيلاتها اعرف بهم , فأهل مكة ادرى بشعابها . وما داعش ومثيلاتها الا نموذج مصغّر لفريق الشر اميركا واسرائيل وفرنسا وبريطانيا وايران والحكام العرب المنضوين تحت جناحهم .