19 ديسمبر، 2024 2:21 ص

الملكية الاردنية … خيانة ونكران الجميل

الملكية الاردنية … خيانة ونكران الجميل

المؤامرات الامريكية والغربية مستمرة على العالم العربي والاسلامي وباشكال مختلفة وبطريق واضحة لا تخفى على احد ولا تستثني احدا ولكن هده الممارسات والمخططات والمشاريع الجهنمية والقاتلة ما كانت لتستمر لولا وجود انظمة هشة وضعيفة تقبل بكل شيء مقابل الحماية التي توفرها لها القوى المتامرة فهذه الانظمة مستعدة للتنازل عن كل الثوابت ومستعدة ايضا في الانغماس مع السياسة الصهيوامريكية والغربية وتنفيذ تمويل مخططاتها على حساب مستقبل اجيالها وان كان المستهدف بلد شقيق مثل العراق الذي توغل حضارته في عمق التاريخ . وتمكنوا من ذلك بعد ان قدمه العرب لقمة سائغة وارجعوه الى العصر الحجري كما وعدوا ، دون ان يحسبوا بأن تدمير العراق يعني بداية الانهيار الكبير الذي سوف يعيشه العالم العربي من الفوضى والاقتتال والنزاعات الطائفية والتفجيرات الارهابية وغيرها من الموبقات التي تنخر الجسم العربي الهزيل بسبب اطماع حكامها .

ومن هنا كانت المواقف الأردنية منذ عام 2003 يبدو كأنها تحاول الجمع بين المتناقضات أو تحقق توفيقات صعبة تقترب من المستحيل في العراق فتراها تقترب الى الحكومة وتقف الى جانبها ويدعي المسؤولون  إن الأردن حريص على علاقاته مع العراق الشقيق ، ويرفض أي إساءة له ، ويتحدث مسؤولوه بالعلاقة بين البلدين أقوى من أن تتأثر بتصرفات مرفوضة ومدانة ولا تمثل إلا من قام بها ، وأن البلدين سيستمران في تعزيز تعاونهما وسيقطعان الطريق أمام كل من يحاول الإساءة لعلاقاتهما وتارة اخرى تتهم الحكومة بانها طائفية . وسبق ان تحدث الملك عبد الله بن الحسين  في اكثر من مرة بخطر الهلال الشيعي واخرها لصحيفة واشنطن بوست وعن مظلومية طائفة كريمة معينة . عندما يتحدث امير البلاد هكذا ما الذي ينتظر من الجهلة والطائفيين وكل اعتزازي بالطيبين منهم وهم والحمد لله الاكثرية  ولم يكتفي عن فتح الساحة الاردنية  في ان تحتضن تجمعات ومؤتمرات لقيادات من حزب البعث والمطبلين له ومروجين للفكر التكفيري على خطى المجرم الزرقاوي  والسائرين معهم  من شخصيات عشائرية معروفة بالطائفية ومتهمة في الوقوف مع الارهاب . الاساءة للشخصيات الدينية والسياسية التي لها تاريخ من النضال والجهاد وقدمت الكثير من اجل وحدة الامة لها الكثير من الدلالات . هذه الشخصيات عملت على توطيد المحبة وزرع روح المودة والعمل من اجل الدفاع عن الاوطان الاسلامية وابعادة المجتمعات العربية والاسلامية من التفرقة لايجب السكوت عن الاساءة عليهم  .الحكومة العراقية يجب ان تتحمل المسؤولية التاريخية لا كما تنصلت الحكومة الاردنية بمسؤولية بلاده عن ماجرى في محاولة لاحتواء غضب الحكومة العراقية وجماهيرها عن هذه العملية الرعناء وعقد المؤتمر  قائلة “لا علاقة لنا بهذا المؤتمر”، في حين ان هذه الانشطة جرت تحت رعايتها وتوفير الحماية لها في كبريات الفنادق و افخمها في العاصمة عمان، وتحت اشراف المخابرات الاردنية ، هذه المواقف ليست بجديدة على مر التاريخ وخاصة بعد ثورة 14 تموز 1958 وسقوط الملكية الهاشمية واعلان الجمهورية .

كان الأردن طوال السنوات الماضية مؤيدا بقوة لصدام حسين  حين كان يخوض حربا طويلة ظالمة ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية لثمان سنوات، ثم في حرب الخليج الثانية عام  1991. حيث وقف مع النظام البعثي الشوفيني في حروبه وكان دائما من الداعمين الاساسيين له .

رغم كل هذه المواقف نرى ان الاردن يعتمد كلياً على العراق في استيراد احتياجاته النفطية وبأسعار تفضيلية إضافة إلى منحة نفطية تصل قيمتها إلى ملايين من الدولارات سنوياً لدعم اقتصادها، ويؤمن العراق سوقا لحوالي 21% من الصادرات الأردنية ، وكان العراق أهم مصدر لدعم الأردن اقتصاديا وبخاصة في الفترة بين 1980 و1990، وارتبط الاقتصاد الأردني بالسوق العراقية ونشأت مصانع كثيرة في الأردن قائمة كليا على تلبية حاجات السوق العراقية ، وكانت مدينة العقبة الأردنية على البحر الأحمر الميناء الرئيسي للواردات العراقية، وقدم العراق معونات وتسهيلات كبيرة للأردن والأردنيين كالمنح التعليمية والنفط والمعونات المالية المباشرة والأفضلية في الاستيراد. وتم الاتفاق على تأمين الطريق الدولي الممتد من بغداد إلى الحدود الأردنية من قبل شركة امنية امريكية  بعد سنتين من الغلق اثر الحرب الدائرة على المجموعات الارهابية  والبدء بتنفيذ مشروع نقل النفط العراقي عبر أنبوب النجف العقبة والمعروف أن هذا المشروع يمتد من مدينة النجف الأشرف محاذياً الحدود السعودية وصولاً إلى العقبة وذلك بعد تعديل مساره السابق الذي يمر عبر مناطق غرب الانبار التي تشهد وضعا امنيا غير مستقر، وهو مشروع سيغطي حاجات الأردن من النفط الخام، إضافة لقدرته على تصدير كميات أكبر من النفط العراقي عبر ميناء العقبة ، وإحالة إحياء الطريق البري الواصل بين البلدين للاستثمار وإعماره وتأمين حركة النقل عليه ضمن مساعي إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية بين البلدين .

الأردن الذي هو من وجهة نظر كثير في المؤسسة الفكرية مخترقة و تسيطر عليها الالة الغربية لقربها من الكيان الاسرائيلي   وكان عساف رومينسكي، ملحق الإستخبارات السابق ومنسق العمليات الإستخبارية بين الأردن وإسرائيل في السفارة الأسرائيلية في عمان قلل من اهمية العمل الإستخباري الاردني لإسرائيل، مؤكدا أنه “في الغالب يدخل في ايطار التنسيق السياسي لا أكثر” مذكرا أن إسرائيل تمكنت من اختراق كافة الدول العربية حتى قبل ان يكون بينها وبين أي دولة عربية اي معاهدة سلام ولذلك هي لا تحتاج أحدا في هذا المجال. وكما نصح رئيس الوزراء البريطاني السابق ،ونستون تيشرشيل، الملك حسين في شبابه قائلا له: “وظيفتك أنك تبقى طافيا على السطح لا ان تصنع التاريخ”، كذلك ادرك الملك حسين الهدف الاساسي من خلق دولته وعرشه وهو أن يستقر الفلسطينيون حيث هم في الأردن ، إلا أن هذه القواعد الاساسية نسيها ابنه الملك عبدالله . إن النظام الاردني صاحب الباع الطويلة والمتوارث في الخيانة هو اضعف مما يتخيل الكثيرون ، والزمن سيسقط المزيد من أوراق التوت القليلة التي تحميه وتعري عورته.

أحدث المقالات

أحدث المقالات