يبذل النظام الايراني جهودا حثيثة من أجل ثمة مقايضة ما بشأن منحه تسهيلات في المفاوضات الجارية بينه و بين مجموعة خمسة زائد واحد في مقابل قيامه بدور في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي”داعش سابقا”، ولايبدو أن هنالك من آذان دولية صاغية لهذا المطلب الايراني.
سعي النظام الايراني من أجل إبرام هکذا صفقة”مرفوضة لحد الان”، يأتي بعد أن أدرك ان مساحات المناورة و اللعب و الخداع و التمويه قد صارت محدودة جدا وان عليه أن يضع النقاط على الاحرف و يسمي الاشياء بأسمائها، وان هذا مايثير الرعب و الخوف لديه و يضعه أمام موقف لايحسد عليه، خصوصا وان أوضاعه في العراق و سوريا و لبنان في تراجع ملحوظ الى الحد الذي تؤکد أوساط دولية مطلعة بأن الارض قد بدأت تهتز تحت أقدام النظام الايراني في الدول الثلاثة آنفة الذکر، ولذلك فإنه قام بفتح جبهة جديدة في اليمن على أمل تخفيف الضغط عليه و جعله قادر على المراوغة و المناورة.
سعي النظام لهذه المقايضة يأتي أيضا في وقت يصرح فيه نائب وزير خارجية النظام أمير عبداللهيان بأنه “إذا أراد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، تغيير النظام السوري، على ذلك التنظيم، فإن أمن إسرائيل سينتهي”، وهو مايمکن إعتباره غزلا مکشوفا ليس لواشنطن وانما لتل أبيب أيضا، وهو مايعني بالضرورة من أن دمشق و طهران لاتشکلان خطرا و تهديدا على أمن إسرائيل و وجودها بل وحتى تشکلان محورا لتوفير الامن اللازم لها.
هذه الامور و غيرها من المواقف و التصريحات التي تصدر عن النظام تترى و بشکل ملفت للنظر وکلها تصب في باب الغزل و التودد لواشنطن، تتزامن مع تراجع ملحوظ للدور الايراني في العراق خصوصا بعد أن نأى حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي الجديد بنفسه نوعا ما بعيدا عن طهران و يحاول عدم تکرار أخطاء نوري المالکي بهذا الصدد، وهذا مايشکل توجسا و قلقا لدى النظام الايراني، خصوصا وان أوضاعه الداخلية تمر بمرحلة حساسة و حرجة و تشتد فيها الصراعات بين الاجنحة فيما تتفاقم المشاکل و الازمات العميقة داخل إيران و تجعل النظام في موقف صعب جدا بحيث يتطلب منه إيجاد حلول و معالجات لها.
قضية خطر داعش التي تفاقمت متزامنة مع بدء التراجع الفعلي لنفوذ و هيمنة النظام الايراني على العراق، حاول و يحاول النظام تلاقفها و توظيفها لخدمة مصالحه و أهدافه و أوضاعه في العراق و يريد من خلال ذلك تحسين موقفه، لکن المشکلة ان المجتمع الدولي لم يعد يثق بهذا النظام و بالتعامل معه بعدما أثبت في أکثر من إتفاق و موقف اسلوبه المخادع و المراوغ و نکثه و نقضه للوعود و
العهود التي يقطعها للآخرين، وفي السياق نفسه، تحذر المقاومة الايرانية دائما من مخاطر التعامل مع هذا النظام و الثقة به وهي تؤکد بأنه ليس هنالك من أي ضمان لإلتزامه بوعوده إلا بممارسة المزيد من الضغوطات عليه و تکبيله بإلتزامات متباينة من أجل قطع کافة الطرق عليه.