في تطور أمني غاية في الخطورة هجوم على مراب تابع لوزارة النقل في بغداد والذي يبعد عشرات الأمتار عن وزارتي النفط والداخلية ، وهي الكيس والعقل الذي يغذي ويحمي امن العراق ، هذا التطور والخطير في الملف الأمني يأتي في سياق الخروقات الأمنية التي يشهدها العراق عموماً ، بغداد بالخصوص ، والذي يعكس العجز الواضح في كيفية إدارة هذا الملف الحساس .
هذا المرآب الذي يبعد أمتار قليلة عن قناة الجيش ، والتي تربط مدينة الثورة ببغداد ، إذ من يمر من هذا الشارع يعتقد انه في ثكنة عسكرية ، لانتشار قوات الأمن والجيش بصورة غير طبيعية ، نظراً لحساسية المكان ، ووجود وزارتين مهمتين في هذا الشارع كما قلنا سابقاً ، إذ أحبطت قوات مكافحة الإرهاب ، محاولة لاقتحام مبنى دائرة الوفود والمسافرين التابع لوزارة النقل شرقي بغداد، نفذها 6 إرهابيين ، فقتلت 4 منهم فيما قام اثنان منهما بتفجير أنفسهما بحزام ناسف ، يستقلون سيارة “كيا ستايركس” ، وهم محملون بالأحزمة الناسفة ، ويمرون من عشرات السيطرات ، ومئات الأفراد من الشرطة محملة بكمية كبيرة من مادة [c4 ] شديدة الانفجار ، وقوات الأمن المنتشرة في هذه المنطقة ؟
وهنا بودنا أن نطرح تساؤل ، من أين خرجت هذه السيارة المحملة بالإرهابيين ، وكميات كبيرة من المتفجرات ، وهل مرت من السيطرات الأمنية أم لا؟ أذا كانت قد مرت من السيطرات الأمنية ، فهي جريمة كبرى ، وخيانة عظمة للوطن ، وان كانت قد مررت ، فتلك جريمة أعظم ؟!
السنوات العشر الماضية أفرزت حقائق عديدة على المشهد السياسي العراقي؛ بحيث انعكست ولا تزال على العراق ومن المتوقع أن تعمل على تحديد مستقبله أيضاً؛ ولعل أهم هذه المحددات هو الدور الإقليمي في تشكيل الحياة السياسية في العراق الجديد ، والذي تتحرك خيوطه وفق هذه المحركات..
وعليه فان البحث عن فهم أو تحليل الواقع العراق في الوقت الحاضر أو في المستقبل يجدر بالباحث تقصي أهداف ومصالح الدول اللاعبة في المشهد السياسي. فإذا استثنينا الادعاءات والتصريحات التي تتحدث عن السيادة في العراق، وتصاريح بعض المسؤولين عن الأمن في العراق المتحقق نتيجة فرض الأمن، وسيادة الحكومة فالعراق دولة يتنازعها أطراف متعددة؛ واستمرار المشروع السياسي في العراق الذي ابتدأ منذ العام 2003 على أخطائه القاتلة من استفراد بالرأي ، واللامبالاة لآلام الشعب العراقي ، والذي مل التصريحات الجوفاء والتي تخرج من هنا وهناك ، والتي أصبحت واضحة أنها ضحك على الناس الفقراء ، والتي يبدو اغلب السياسيين أصبحت تصريحاتهم لا يصدقها إلا هم ، ولا تنطلي على شعبنا الجريح ٠
هذه الخروقات الخطيرة ، والتي تكررت مراراً ، بدء من تهريب السجناء ، إلى الهجوم على الدوائر الأمنية والخدمية ، تعكس وضعاً مأساوياً يعيشه المواطن العراقي ، أذا صبح الإرهاب يسير معنا ، وفي مدننا ودوائرنا ، ولا تعجب يوماً أن دخل أزقتنا وإحياءنا ؟
لا عتب على الحكومة ، لانها يبدو عجزت تماماً عن صد هذه الهجمات ، ومنع تكرارها في بغداد ، في ظل فساد ينخر مؤسساته الأمنية ، ولكن أليس الأولى أن يكون هناك موقفاً سياسياً من البرلمان ، والتحالف الوطني ، والذي يعتبر اليوم هو الحاكم الفعلي للعراق ، أم انه أمسى كبيت تسكنه الأرواح .