23 ديسمبر، 2024 12:34 م

المكلف مجبر والمعيين مخير

المكلف مجبر والمعيين مخير

ليس من صلاحية السيدين وزيري التربية والصحة ، إيفاد البعثات التعليمية والبعثات الطبية للعمل في المؤسسات العراقية وغير العراقية الموجودة خارج العراق ، إنما يكون ذلك بإقتراح منهما وبموافقة السيد رئيس مجلس الوزراء ، إستنادا لأحكام نظام إيفاد البعثات التعليمية والطبية إلى خارج العراق رقم (11) في 26/5/1980- المعدل (1) ، وعليه فإن جميع الأوامر الصادرة بموافقة الوزير المختص لذلك الغرض ، وبصيغ التكليف التي تختلف عن الإيفاد ، تعد باطلة ومن إجراءات الفساد الإداري والمالي ، لمخالفتها التشريعات النافذة ، حيث نصت المادة (1/أولا) من النظام المذكور ، على أن ( لرئيس الجمهورية ، بناء على إقتراح من الوزير المختص ، إيفاد البعثات التعليمية والبعثات الطبية إلى خارج العراق ، وفقا لأحكام هذا النظام والقوانين والأنظمة المرعية الأخرى ) ، وبذلك يتضح أن لكل إجراء من شأنه العمل خارج العراق ، له قواعده الخاصة المحددة في قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960- المعدل ، وتعليمات الخدمة المدنية الصادرة بهذا الشأن .

أما التكليف ، فقد لوحظ توسع إستخدام دوائر الدولة حاليا له بصيغ مغايرة لطبيعة العمل المطلوب إنجازه ، حيث إصدار أوامر التكليف لموظفيها ، لإنجاز بعض الأعمال بدلا من إتباع إجراءات التنسيب أو النقل أو الإيفاد ، تهربا من التقيد بالضوابط اللازمة والمعتمدة في ذلك ، وتنبيها لعدم إتباع الإجراءات الخارجة عن صلاحية الوزير المختص ، نبين المقصود بالتكليف(2) ، حيث ( إلزام بعض المواطنين بالعمل في وظائف معينة لمدة محددة ، وإلا تعرضوا للعقاب الجنائي ، وذلك بقرار يصدر عن صاحب الإختصاص القانوني ، وهو عادة رئيس الدولة ، وتصدر أوامر التكليف لسد العجز في بعض فئات الموظفين ، فتتصل بالوظائف التي يقل عدد المتقدمين لشغلها عن العدد المطلوب ، أما لقلة عدد الخريجين أو قلة من تتوافر فيهم شروط شغلها عن حاجة الإدارة ، وأما لعزوفهم عن الإلتحاق بالوظائف العامة تفضيلا للعمل الحر في القطاع الخاص ، لما له من مزايا لا توفرها الوظائف العامة ) ، و ( تصدر أوامر التكليف سواء في أوقات السلم أو الحرب ، وإن كانت الحاجة تزداد إليها في أوقات الأزمات بصفة عامة ) ، و ( لا يكاد يختلف التكليف عن التعيين في الوظائف العامة ، إلا في مسائل قليلة أهمها ما يلي :-

1- إن المكلف مجبر على القيام بالعمل الوظيفي المكلف به ، وإلا عرض نفسه للعقاب الجنائي الذي يتمثل غالبا في الحبس والغرامة ، أما المعين في إحدى الوظائف ، فمخير بين قبول الوظيفة المعين فيها أو رفضها لعدم إستلام عملها .

2- إن التكليف يكون لمدة محددة سلفا ( سنة أو سنتين قابلة للتجديد ) ، ويتحول التكليف بعد نهاية مدته إلى تعيين دائم إذا وافق الموظف على ذلك ، أما التعيين فإنه لا يكون لمدة محددة سلفا ، ما لم يكن مرتبطا بعقد ، لإتصاله بوظيفة مؤقتة أو بعمل مؤقت في وظيفة دائمة ) .
إن التكليف المتطابق مع الواقع العملي ، وفي ضوء الوصف المبين أعلاه ، يشمل الموظفين وغير الموظفين المكلفين بأداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإحتياط بكل تفاصيلها ، حيث يمكن تحويل التكليف بعد إنتهاء مدته إلى تعيين دائم ، إذا وافق المكلف على التعيين في الجيش بصفة متطوع ، وكذلك الحال عند تكليف الموظفين بإنجاز أعمال الوظيفة العامة في ظل ظروف الطوارئ والقوة القاهرة ، المستندة إلى تشريع أو أمر صادر من السلطات العليا للدولة ، حين يلزم المواطنون بما فيهم الموظفين ، بالإستمرار في إنجاز الأعمال الإعتيادية في ظروف غير طبيعية ، مثل تأمين المواد الغذائية والخدمات الصحية وأعمال الدفاع المدني في أيام الكوارث الطبيعية وحالات الإستعداد لصد خطر محدق بالبلاد والعباد ، إلا أن ذلك لا ينطبق على ما تتبعه بعض دوائر الدولة خطأ ، في تكليف موظفيها بأوامر إدارية للقيام بعمل معين في ظروف طبيعية ، لأن إمتناع الموظف عن تنفيذ الأمر لا يعرضه للعقوبة الجنائية وإن إستحق العقوبة الإنضباطية .

كما إن التكليف لا يغير من خضوع الموظف ، لأحكام قوانين أو أنظمة أو قواعد أو تعليمات الخدمة المدنية فيما يتصل بحقوقه الوظيفية ، إلا بقدر إرتباطها ووقفها على شرط أداء واجبات التكليف ، على وفق القوانين والأنظمة والقواعد والتعليمات والأوامر والتوجيهات المنظمة لسير العمل في ظل الظروف الإستثنائية ، وبذلك نجد الموظف المكلف بالخدمة العسكرية الإلزامية أو الإحتياط ، يخضع لأحكام القوانين العسكرية فيما يتعلق بأدائه للواجبات العسكرية المكلف بها ، ويتمتع ببعض إمتيازاتها خلال مدة خدمته فيها ، في الوقت الذي لا تنقطع علاقته التنظيمية مع دائرته المدنية خلالها ، وإنما تسري عليه أحكام قواعدها القانونية بالقدر الذي ينظم إستحقاقاته الوظيفية في نفس الفترة ، بمعنى خضوع الموظف المزدوج للأحكام المنظمة لموقعه الوظيفي الدائم وصفته العسكرية المؤقتة بالتكليف ، والذي يمكن إختصار صفته العامة بجملة (المكلف مجبر والمعيين مخير) ، إلا إن البند (أولا) من المادة (16) من قانون الخدمة الجامعية رقم (23) لسنة 2008 ، جعل من التكليف عملا مقابلا لأجور متفق عليها ، وذو فائدة ماديـة مزدوجـة ، تخصص بنسب محددة بين موظف الخدمـة الجامعية ومؤسسته العلمية ، حيث كان من الأفضل والأدق قانونا إستخدام كلمة (الإستعانة) ، مثلما ثبت ذلك في البند (ثانيا) من نفس المادة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- نشر النظام في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (2775) في 26/5/1980.

2- د. ماجد راغب الحلو ، القانون الاداري ، صفحة ( 242 – 244 ( .