23 ديسمبر، 2024 1:26 م

المكاتب الاقتصادية منافذ لسرقة المال العام

المكاتب الاقتصادية منافذ لسرقة المال العام

المكاتب الاقتصادية او اللجان الاقتصادية ظاهرة جاءت بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 200,ولم يألفها العراق سابقا,الذي كرس نظام المحاصصة الطائفية لادارة الدولة العراقية ,المكاتب الاقتصادية آلية اتبعتها الاحزاب الطائفية في ادارة الوزارات التي تكون تابعه لهذا الحزب او ذلك وفق المحاصصة الطائفية, ويقوم عمل هذه المكاتب على مراقبة الوزير ودراسة جميع العقود والمشاريع قبل إحالتها, وتحديد النسبة التي يجب أن يحصل عليها الحزب, وذلك لأجل ضمانة وديمومة تمويل مشاريع الأحزاب ونشاطاتها الحزبية,مما جعلها عائقا أمام إدارة الدولة مهامها في تنفيذ المشاريع الاقتصادية والتنموية تبعا لما تمارسه من امتصاص لمقدرات العراق المالية,كما ساهمت هذه اللجان في احد اكبر عمليات غسيل الاموال في العالم, عندما استخدمت نفوذها السياسي لنقل عشرات المليارات من الدولارات الخاصة بالاحزاب الى الخارج لتوضع في حسابات خاصة أو شراء عقارات وممتلكات متنوعة في اوروبا او دول الجوار.

وهذا ما أشارت إليه لجنة النزاهة النيابية في مجلس النواب العراقي, بأن حجم الأموال المهربه الى خارج العراق تقدر(238)مليار دولار, وهو رقم يفوق موازنة العراق لأكثر من عامين,والأموال التي تم تهريبها أغلبها من المشاريع والعقود التي تعاقدت عليها الوزارات والمحافظات العراقية وتم تهريبها من خلال ايصالات وهمية.

ويقيس أي حزب سياسي مساهم في الحكومة مستوى طاعة الوزير له بمقدار تنسيقه مع اللجنة الاقتصادية داخل الوزارة, لذلك تفضل بعض الكتل السياسية ترشيح الأسماء نفسها لمنصب الوزير الذي يقع ضمن حصتها بغض النظر عن خبراته او تخصصه وتحصيله العلمي, والمكاتب الاقتصادية في الوزارات والمؤسسات تمتلك أذرعا يمكنها من خلالها الوصول إلى بعض الوزراء لتعطيل إحالة عقود بعض الوزارات الى حزب دون آخر من خلال تنافس غير مشروع او عبر الضغط على الوزراء ووكلائهم كما وان حكومة الكاظمي لم تتمكن من السيطرة على ذلك, لان الاحزاب هي التي جاءت بالحكومة الحالية ومنحتها الثقة, لهذا من الصعب أن تخرج حكومة الكاظمي عن سياق المحاصصة والضغوط السياسية.

فيما وصف عضو البرلمان السابق رحيم الدراجي المكاتب الاقتصادية للأحزاب في الوزارات بأنها(مكاتب لنهب وسلب اموال الشعب العراقي)مضيفا ان الاحزاب السياسية سرقت اموال العراقيين من خلال المكاتب الاقتصادية واكد ان( المكاتب الاقتصادية تسببت بتدمير جميع المشاريع العراقية لأنها اعتمدت على مشاريع وهمية لا أصل لها على الأرض).

في السياق ذاته أكد وزير العدل السابق وائل عبد اللطيف أن( المكاتب الاقتصادية غير قانونية لكنها تعطي لكل كتلة سياسية نسبة تتراوح بين 5-10% عن كل مقاولة) واضاف بان(مكاتب الأحزاب تشكلت عام 2005 وهي سبب تضخم ثروة السياسيين والأحزاب الكبيرة ولفت الى وجود شخصيات محورية في كل وزارة تساعد الوزير على عقد صفقات على الورق مقابل عمولات)

ونظرا لتعالي الأصوات المطالبة بإغلاق المكاتب الاقتصادية التابعة للاحزاب والكتل,فقد تم الغائها في العلن بشكل صوري والحقيقه الى حد هذه اللحظة لا زالت تدير الكثيرمن المشاريع والمناقصات الاقتصادية, حيث لجأت الأحزاب السياسية للتمويه باستخدام أسماء وعناوين غير سياسية للحصول على التمويل.

تجدر الإشارة إلى ان بعض الأحزاب ليس لها مكاتب اقتصادية معروفة لكنها تدير عمليات فساد بطرق سرية دون اثارة الانتباه, خاصة بعد افتضاح أمر تلك المكاتب قامت الاحزاب بتحويل أسماء لجان التمويل الى اسم آخر يدل على نشاطات اخرى لكنها تمارس نفس الابتزاز بحق المقاولين ورجال الاعمال, لهذا تدور صراعات كبيرة بين الأحزاب للحصول على وزارات مهمة فيها( كومشنات) من مقاولين ورجال أعمال.

والدليل على الابتزاز الذي تمارسه المكاتب الاقتصادية على المقاولين ورجال الأعمال حيث جاء قبل سنوات رجل أعمال كويتي الى البصرة وكان لديه مشروع لبناء خمسة آلاف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود الا ان ابتزاز احد الاحزاب المتنفذة طالبته بعمولة عالية ما اضطره إلى إلغاء المشروع والعودة الى بلده.

يجمع المراقبون في الشأن الاقتصادي على أنه من دون القضاء على هذه اللجان التي تعشش في الوزارات والمؤسسات الرسمية, لا أمل في نهوض العراق من جديد, اذ ان موارد الدولة العراقية سوف تبقى عرضة للنهب والسلب من قبل اللجان الاقتصادية لاحزاب المحاصصة الطائفية.