ثانياً : الوطنية ثقافة
الوطنية ليست شعار يتفاخر به من يفتقد اليه عادةً، الوطنية شعور يجذبك بأتجاه غير الاتجاه الذي تجذبك اليه مصالحك، ليتحول هذا الشعور الى سلوك يفيض بالعطاء من دون مقابل، المقابل هو الشعور بالعطاء لوطن يستحق العطاء، بغض النظر عن منصبك او مسؤوليتك، أكنت مسؤولاً ام مواطناً بسيطاً، انت ملزم بأن تؤدي حق هذا الوطن عليك، سواء اكانت الحكومة مقصرة معك او أعطت حقوقك، لان التزامك ليس اتجاه الحكومة وانما اتجاه وطنك، وبالتالي ليس هنالك من عذر للتقصير بحق الوطن، فالوطن لا يحمل وزر الحكومات لانه ان كان هنالك ضحايا فهو اول هذه الضحايا !
المرجعية الدينية وكعادتها في الاصلاح الاجتماعي الذي تطلبه، توجه صوب اعتماد المواطنة الصالحة كرابط يربط الفرد بمجتمعه ووطنه، لتستكمل في خطبتها التي ألقتها يوم الجمعة الموافق ٢٠١٧/٩/٨ ، المقومات التي طرحتها في الخطب السابقة للمواطنة الصالحة، لتؤكد على الحس الوطني والشعور بالمسؤولية من قبل كل مواطن، سواء كان مسؤولاً ام مواطناً بسيطاً، ليكون منطلقاً مهماً لأداء الاعمال وكرقيب ذاتي ينبع من داخل كل فرد عراقي، يجبره على اداء عمله على اكمل وجه ان غاب الرقيب المادي، وانطلاقاً من المسلمة القائلة ان الشعوب هي من أوجدت الحكومات وليس العكس، فان الاصلاح يبدأ من الأصل، لانه اذا صلح فقد صلح به غيره، وان اداء كل فرد لعمله بأمانة وحرص سيعتبر اصلاحاً بحد ذاته
شرعت القوانين لتنظيم المجتمع، ولمنع الاعتداءات والتجاوزات على المواطنين والأموال العامة، وان رعاية الانظمة والقوانين وان كان فيها مشقة، فإنها تصب في مصلحة الجميع وعدم الالتزام بها يضر الجميع، وكثرة التجاوز على القوانين لا يعتبر دليلاً على عدم الحاجة لها، ولن ينتقص من وجودها، وايضاً لن يجعل من التجاوز عليها أمراً مقبولاً مجتمعياً، الالتزام بالقوانين ثقافة يجب ترسيخها وتجذيرها، لانها ثقافة منتجة ودليل حضاري وأخلاقي وشرعي، ودرجة أهميتها وصلت الى حد إصدار المرجع الأعلى فتاوى بتحريم عدم الالتزام بالقوانين، لانها وضعت لتدلنا لا لتكبلنا، ولنرتقي بها لا ان نتباها بتخلفنا الذي دليله عدم التزامنا بها !.