عرف العراقيون عيد الحب مع العولمة والفيس بوك ومذيعات مثل الدمى المغشوشة تقدمهن الفضائيات بأغلاط نحوية ولفظية لاتغتفر ، والحقيقة أن عيد الحب كان موجودا في العراق قبل أن يصنع فالنتين أسطورته الحمراء .
كان له موسماً سنويا في اعياد الربيع تقام فيه كرنفالات من المواكب المزينة بالزهور والجوقات الموسيقية المنشدة .فالحب من مشاعر خليقة الحلم العراقي في سومر ويفضل الرجال عند الأقتران بأمرأة أن يهديها قصيدة حب يكتبها هو او يستعين بشاعر ، والقارئ للاساطير الرافدينية يجد في هواجس عشتار بالرغم من انانيتها مشاعر حب احمر وغاضب .وربما الوردة الحمراء هي الهدية الاروع حساُ والتي قدمها الملك البابلي نبوخذنصر لزوجته (اميتس الميدونية ) وهي تصعد على سلالم الجنائن المعلقة التي بناها ارضاء لرغبتها .
عيد الحب هو عيد المرأة بخصوصيته وبطعمه وبعطره وبمشاعره وليس من العدل أن نقرنه بأسطورة فالنتين فهناك فالتأريخ من امثلة الوفاء وتصاعد عاطفة الحب في التعامل مع الانثى ومجمل ما تفعله في الذكر ما يجعلنا لا نفكر بفالنتين ووردته الحمراء ، وأي زائر الى ضريح تاج محل ( ताज महल) والذي شيده الملك شاه جيهان الإمبراطور المغولي (1630 – 1648 ) ليضم رفات زوجه أرجمند باتوبيكم سيكتشف كما أكتشفت أنا حين زرته لأول مرة أنه صرح حقيقي للتعبير عن أنبل مشاعر الحب الذي خص فيه الرجل المرأة ، وستشعرك الواح الورد في حدائق الضريح أن الألوان التي يطغي عليها الاحمر بسطوعه البارز إن الورد والمرأة يجانسان هاجس الانسان في مشاعره أتجاه المرأة وأحساسه بقديستها قبل أن يحس بمفاتن جسدها وتقاطعاته.
وغير تاج محل وجنائن بابل ورميو وجوليت وقيس وليلى توجد اساطير اليابان والصين وحتى تلك الحكايات الطوطمية الاتية من الغابات الافريقية المعزولة وتلك التي يتناقلها بحارة الفايكنغ وقبائل الهنود الحمر وصناع حضارة المايكا ، والاخرى التي حملتها تواريخ الفراعنة والفينيق والاراميين نكتشف الالاف من تلك الحكايات التي يتوجها الحب بعاطفته المشحونة بعطر الوفاء والتضحية والانتحار.
ولكن قصة القديس فالنتينو الذي عاش في القرن الثالث الميلادي ومعناه ( القوة الجسدية ) أستوطنت تاريخ الحب بأشاراتها القوية وصارت رمزا للتواصل والاحلام والامنيات التي تسكن قلوب الشباب من اجل شيء وأمنية .
اراقب صفحات الفيس بوك واقرأ مشاعر الاف البشر في هذا العيد فتغمرني الخيبة من استخدام المشاعر الباهتة لمعظم مستخدمي الموقع . فالكثير يتصوره وردة حمراء وقبلة شفاه وقنينة عطر وموعدا غراميا ..لاكتشف مثلا ان انتشار مناسبته في العراق انما هو انتشارا أمياُ في 3 ارباع طقوسه واغلبهم لايدرك المناسبة وقيمتها الروحية والدينية التي اتى منها هذا اليوم وتلك التسمية ليصبغوه بتصرفات صبيانية وسلوك مراهقين حتى عند اناس اعمارهم في تخوم الاربعين.
أنا فقط أردت أن اضع عيد الحب ومناسبته عند رؤيا ورسالة واحلام القديس فالنتينو وبجانبه الانساني الذي ينبغي ان نطوره الى خلق عوالم حب في مجمل تعاملاتنا الحياتية ( العمل ، السياسة ، البيع والشراء ، الاقتران ، الصداقة …) .وفي مجمل هذه التعاملات يكون الالتفات الى الزواية التي تجلس فيها الانثى هو الشعور المؤمن : بدون امرأة تحسسك بالحياة لن يتم أي تعامل بصورته الطبيعية .
عيد الحب . عيد فالنتين . عيد الشوق والعناق والقبلة والوسادة والوطنية وأحترام تفكيرنا بالانوثة والتعامل معها مشاركة وليس الأمتلاك والأستعباد وفي المحصلة عيد الحب هو عيد الحياة…!