15 نوفمبر، 2024 2:37 م
Search
Close this search box.

المقبوض عليهم.. أين هم؟!

المقبوض عليهم.. أين هم؟!

من الأخبار التي اعتدنا سماعها يوميا، أخبار من المفروض أنها تسر النفس وتفرح الناس الأسوياء محبي السلام والوئام، وفي الوقت ذاته تغيظ الذين في قلوبهم مرض، إذ أن الأخيرين كما قال تعالى: “فزدناهم مرضا”، وهم كثيرون بين ظهرانينا ومنتشرون في أصقاع عراقنا، تلك الأخبار هي ما تعلنه جهات أمنية او عسكرية بين الفينة والأخرى عن إلقاء القبض على قيادات بارزة في عصابات داعش، وبمثل هذه الأخبار يتهلل العراقيون عند سماعها، ويستبشرون خيرا أن هذه الشرذمة من العصابات آخذة بالتناقص والتضاؤل، وسيأتي يوم تكون في خبر كان، بعد انعدام أفرادها عن آخرهم.

أذكر خبرا بثته جهة أمنية في بداية احتلال داعش محافظة نينوى في حزيران من العام المنصرم، مفاده إلقاء القبض على مسؤولين كبار في التنظيم الإرهابي، وبينت الجهة الأمنية بشيء من التفصيل آنذاك، أن بعض هؤلاء القياديين كانوا قد خدموا في الجيش العراقي السابق، وقد سبق أن تم إلقاء القبض عليهم في السنوات 2004 – 2005 – 2006 – 2007 وأطلق سراحهم بعد قضائهم بضع سنين في السجون العراقية. وقد ذهبوا جميعهم -بعد ان أصبحوا أحرارا- الى سوريا، حيث مارسوا نشاطاتهم بصلاحيات أوسع وإمكانيات أكبر وتأثيرات أكثر شمولا وأعم ضررا. وهي نتيجة متوقعة لمن أوغل في الجريمة والإرهاب، إذ لايكون الحبس رادعا ولا السجن المؤبد مؤدبا له، بعد أن تلطخ من هامة رأسه حتى أخمص قدميه بدماء هي أشرف من كل معتقداته ومبادئه التي يدعيها.

إن السبب في تمادي هؤلاء بإجرامهم يعود الى إطلاق سراحهم بعد وقوعهم في قبضة العدالة، إذ كان الخطأ الجسيم هو إخلاء سبيلهم، فمثلهم لايمكن أن يترك طريق الشر الذي سلكه، بعد أن تلبس هوس الدم والقتل والإجرام أفكاره ومعتقداته، وهذا ماحدث. فهم لم يتخذوا من سنوات الحبس درسا إصلاحيا لغيّهم، او مقوّما لاعوجاجهم، بل على عكس هذا تماما، فقد انتهزوا تحريرهم من كبول الحبس ليسرحوا ويمرحوا فيعيثون في الأرض فسادا، بغياب الرقيب والقانون وقبل هذا وذاك الضمير والشرف والأخلاق، وقد أسهم في تماديهم بإجرامهم خلو الساحة من “اليد الحديدية الضاربة” التي توعدهم بها قادة البلد جميعهم دون استثناء، وتركهم على غارب حبل المحاسبة والعقاب الشديد، في الوقت الذي كان حريا بالحاكمين -العسكري والمدني والقضائي- أن يحكِّموا حبل المشنقة حول رقبة أشخاص كهؤلاء، من دونما شفقة بهم. وكان الأولى -بعد ثبوت إدانتهم واكتساب حكمهم درجته القطعية- تنفيذ حكم الإعدام بهم.

اليوم وقد أصبحت أخبار إلقاء القبض على أفراد عصابات داعش تترى على مسامعنا، إذ مع كل تقدم للقوات العراقية في الأراضي المحررة، هناك مجاميع من التنظيم تقع في قبضتهم، وهم بين سعودي وقطري وسوري وليبي وشيشاني وأفغاني، وكذلك فرنسي وأندونيسي وصيني، والأمرّ من هذا والأدهى أن من بينهم عراقيين أيضا، ولو أردنا إحصاءهم جميعا لوصل العد رقما ينذر بتلاشي هذه العصابات من على أرض العراق، أليس حريا بالقائمين على الملف الأمني العراقي الإفصاح عن هويات هؤلاء وعائدياتهم بالتفصيل، وعرضها أمام الملأ بشكل دائم على وسائل الإعلام، لتحقيق هدفين أولهما وضع العراقيين بالصورة وتعريفهم بعدوهم الحقيقي، وثانيهما إقناع الرأي العام العالمي ببطلان عصابات داعش بما تسعى اليه وتدعي به، لاسيما وأن كثيرا من البلدان والجهات والحكومات مازالت تسميها “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” او تحت مسمى “القوى الإسلامية المتطرفة”. ولو عدنا بالزمن الى ثمانينيات القرن المنصرم، لتبين لنا كيف سخر المقبور صدام أنذاك إعلامه، وسيسه باتجاه قلب الحقائق بما يحول الخسارة ربحا، والهزيمة نصرا، وبرنامج “لكي لاننسى” سيئ الصيت أنموذج.

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات