14 نوفمبر، 2024 9:11 م
Search
Close this search box.

المقاومة هي الدولة وسلاحها هو القانون فكيف ننزعه

المقاومة هي الدولة وسلاحها هو القانون فكيف ننزعه

تناقلت وسائل الاعلام العراقية خبراً مفاده ان الرئاسات الثلاثة ستجتمع خلال 48ساعة لتناقش الطلب الذي تقدمت به الكتلتين السنيتين اتحاد القوى برئاسة سليم الجبوري, والوطنية برئاسة اياد علاوي, لنزع سلاح المقاومة والحشد الشعبي (المليشيات بحسب وصفهم). جاء ذلك على خلفية قتل قاسم السويدان شيخ عشيرة الجنابات ذات الاغلبية السنية على يد مجموعة مجهولة تشير المعلومات الاولية الى انها خلية نائمة تابعة لتنظيم (داعش) الارهابي, أرادت بعملية الاغتيال اثارة فتنة طائفية لحرف بوصلة الصراع, وشغل قوى المقاومة والحشد الشعبي والقوات الامنية.

ان طلب نزع سلاح المقاومة ليس بجديد, لكن الجديد هو توقيته, فقد جاء الطلب بعد اجتماع عقدته قيادة الكتلتين السنيتين على اثر تصفية السويدان, والتهديدات التي اطلقها المشيعون التي دعوا فيها الى (تمليخ) الشيعة اي قتلهم وبحضور نائب رئيس الوزراء صالح المطلق الذي ينتمي الى المكون السني. وكما قلنا ان الجديد هو في التوقيت فقد حاولت القوى السنية تأجيج الموقف وتصعيده من خلال اعلانها تعليق عضويتها في الحكومة والبرلمان ليكون بعد ذلك شرط عودتها هو نزع سلاح فصائل المقاومة, بالاضافة الى مطالب آخرى.

ان هذا السيناريو الذي تتبعه القوى السنية تجاه المقاومة والحشد الشعبي يشبه الى حد كبير السيناريو الذي اتبعه (تيار المستقبل) في لبنان بقيادة سعد الحريري والذي استغل اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري والاجواء التي خلقتها عملية اغتياله اقليمياً ودولياً فراح (تيار المستقبل) يرفع سقف مطالبه ويومها حصرها بأمرين الاول انهاء التواجد السوري على الاراضي اللبنانية, والثاني نزع سلاح المقاومة اللبنانية ممثلة بحزب الله. وبفعل الضغط الدولي والاقليمي انسحب الجيش السوري من لبنان وبذلك تحقق المطلب الاول, لكنهم فشلوا بتجريد المقاومة وحزب الله من سلاحه , ولايزال ( تيار المستقبل) وهو تيار ذو اغلبية سنية ليومنا الراهن يطالب بنزع سلاح المقاومة.

ويبدو ان القوى السنية العراقية تحاول تكرار ذات السيناريو الذي استغل عملية الاغتيال مع فارق كبير ان رفيق الحريري كان رئيساً لوزراء وشخصية سياسية واقتصادية معروفة دولياً, أما قاسم السويدان فهو شيخ عشيرة لايتجاوز تعدادها المئات, لكن ومع ذلك فهناك اوجه تشابه بين (تيار المستقبل) وبين ما يمكن تسميته بـ(تيار القوى السنية في العراق), وأوجه الشبه هي ان كليهما ينطلق من اجندة طائفية مشبوهة, وان كليهما يتلقى دعمه من قوى اقليمية معروفة, وان كليهما تربطه علاقات (حميمية) مع السفارة الامريكية في بيروت والعراق, واخيراً كلاهما يعاني من عقدة (المقاومة فوبيا) اي الخوف من المقاومة, ومن مواقفها الشريفة, ومن سلاحها العظيم. وكما ان هنالك تشابه بين القوى المعادية للمقاومة والتي تدور في الفلك الامريكي, فإن المقاومة في العراق ولبنان تتشابه ايضاً في ظروف تواجدها وبقائها. فكلنا نعلم ان الاحتلال الصهيوني للبنان والحرمان والتهميش هو الذي أوجد المقاومة اللبنانية, فكذلك الحال فإن الاحتلال الامريكي, والتهميش الاجتماعي والاقتصادي هو السبب وراء ظهور المقاومة في العراق بالاضافة الى البعد العقائدي الديني هذا على مستوى الولادة والوجود, اما على مستوى البقاء فإن ذات الاسباب التي تقف وراء بقاء المقاومة وسلاحها في لبنان تكاد تكون نفسها في العراق. فالتهديد الصهيوني المستمر للبنان

شعباً وارضاً, ودعوات القوى الانبطاحية في لبنان للتطبيع مع الكيان الصهيوني, ومحاولة مسخ هوية الشعب اللبناني العربي الشرقي, وضعف مؤسسات الدولة وقصورها عن حماية المواطنين في لبنان كلها اسباب تدعو لبقاء سلاح المقاومة وحزب الله, والامر ذاته في العراق, فالتدخل الامريكي المستمر في الشأن العراقي, والتهديد الطائفي للتنظيمات الارهابية التكفيرية كالقاعدة وداعش, والخطر الاقليمي الذي تمثله بعض دول المنطقة على العراق والذي تقف خلفه أسباب طائفية والدعوات المستمرة الى إبادة العراقيين من خلال الفتاوى التكفيرية التي ترعاها دول معروفة بالمنطقة, وضعف الدولة بسبب نظام المحاصصة سيء الصيت كلها عوامل واسباب تحتم بقاء سلاح المقاومة خصوصاً في ظل التهديدات الامنية الكبيرة التي تحيط بالعراق.

وكما انه لولا سلاح حزب الله لتحول لبنان الى حديقة خلفية للصهاينة, فكذلك العراق فإنه لولا سلاح المقاومة والحشد الشعبي لتحول الى حديقة خلفية لمشايخ البترو- دولار. إن الدرس الذي تعلمناه من تجارب المقاومة حول العالم ان سلاح المقاومة هو من يحمي الاوطان وتصان به الاعراض, السلاح وليس الانبطاح من يصنع الدول ويبقيها. في العراق باتت المقاومة بمواقفها البطولية هي الدولة, وسلاحها الشريف هو القانون, فكيف تريدون منا نزعه! إن مقاومة بلا سلاح كدولة بلاقانون, وحده سلاح المقاومة من يكتب التاريخ بدماء الشهداء.

وصدق النواب حين قال:

وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة

حين تكتب بلا دماء.

إنه دماء المقاوميين من سيكتب تاريخ العراق, وسلاح المقاومة من يصنع المستقبل المشرق. انه السلاح وليس الانبطاح ياسادة.

أحدث المقالات