لماذا نجح نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في إختراق جدار الامن القومي العربي و لماذا صار يشکل عامل تهديد جدي على شعوب و دول المنطقة على حد سواء؟ من الواضح أن هذا النظام قد قام بإستغلال نقاط الضعف و مکامن الخلل في العديد من دول المنطقة و عمل على توجيهها بالصورة التي تخدم أهدافه و غاياته، وطوال أکثر من ثلاثة عقود، إستمر هذا النظام بهذه الوتيرة دونما أن يکون هناك مايقابل نهجه هذا و يشل من قدرته.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي إخترق الامن القومي و الاجتماعي لعدة دول في المنطقة بزعم انه يناصر الطائفة الشيعية في هذه البلدان وانها تعاني من مظلومية، لکن السٶال الذي نود طرحه هنا: هل حقا أن طهران قد کانت تبتغي نصرة الطائفة الشيعية و رفع المظلومية عنهم؟ برأينا أن أفضل إجابة على هذا السٶال يکمن في مقارنة أوضاع الطائفة الشيعية في هذه البلدان قبل و بعد التدخلات الايرانية المزعومة من أجل نصرتها، وليس هناك إلا أحمق و مجنون يمکنه القول بأن أوضاع و أحوال الشيعة في هذه البلدان قد تحسنت بعد التدخل الايراني.
هل کان أبناء الشيعة العرب في العراق و سوريا و لبنان و اليمن يقتلون و يعانون من ظروف إستثنائية کما هو حالهم الان قبل التدخل الايراني؟ من الواضح أن أحوال الشيعة في هذه البلدان قد کان قبل ظهور نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية أفضل بکثير مما هي عليه الان، حيث کانت جميع الطوائف تعيش الى جنب بعضها دونما هذه الفتن و المواجهات الطائفية الدموية، لکن الغريب أن دول المنطقة ظلت دائما في موقف الدفاع السلبي و لم تقدم على خطوة عملية واحدة للأمام من أجل الوقوف بوجه هذه التدخلات و إيقافها عند حدها.
إستغلال طهران للورقة الطائفية و الذي کان وبحق(کلمة حق يراد بها باطل)، لم تواجهها في المقابل توظيف العديد من النقاط و المسائل الحيوية المطروحة إيرانيا و القابلة للإستخدام کأوراق ضد التدخلات الايرانية وأهمها:
ـ تطلعات و طموحات الشعب الايراني من أجل الحرية و الديمقراطية و التغيير و الخلاص من جور و ظلم الاستبداد و القمع المبالغ فيه تحت غطاء الدين.
ـ المجلس الوطني للمقاومة الايرانية ولاسيما عموده الفقري منظمة مجاهدي خلق ، الذي يعتبر بمثابة البديل السياسي ـ الفکري الجاهز لنظام الجمهورية الاسلامية، والذي قدم أکثر من 120 شهيدا من أجل التغيير في إيران و إزاحة کابوس نظام ولاية الفقيه، وهذا المجلس له حضور دولي ملفت للنظر.
ـ قضية حقوق الانسان في إيران و التي تعتبر واحدة من أهم و أخطر الملفات التي يتخوف منها النظام و يتطير من مجرد التعرض لها او ذکرها، وطوال الاعوام الماضية دأبت الزعيمة الايرانية المعارضة مريم رجوي و بصورة مستمرة على المطالبة بإحالة ملف حقوق الانسان في إيران الى مجلس الامن الدولي، خصوصا وان إيران قد صارت في المرکز الاول من حيث تنفيذ أحکام الاعدام في مواطنيها وهو أمر يستدعي الکثير من الملاحظة.
مطالبة السيدة رجوي بإحالة ملف حقوق الانسان في إيران الى مجلس الامن الدولي، کان بحد ذاته واحدة من أفضل الخيارات السياسية الفعالة و الحيوية و المٶثرة التي قدمتها و تقدمها هذه الزعيمة البارزة على طبق من ذهب للعالم کله من أجل الخلاص هذا النظام، لأن النقطة المهمة هنا تکمن في أن الشعب الايراني إذا ماأحس بأن هناك دعم دولي جدي لضمان حقوقه الاساسية و حرياته، فإن عمر هذا النظام سوف يکون قصيرا ولذلك فإنه من المهم جدا أن تٶخذ قضية تدويل ملف حقوق الانسان في إيران الى جانب النقطتين الاخريين بنظر الاعتبار فهذه النقاط الثلاثة بمثابة کلمة السر الاهم التي تفتح باب الحرية و الديمقراطية و التغيير في إيران.