الهجمة على غزة والهجمة على لبنان وقبلها اليمن وتشتيت سوريا والسودان ليست هجمات عسكرية لغاية استعمارية او اقتصادية كما هي غايات الحروب التقليدية التوسعية ، بل هي هجمات ايديولوجية مستمدة من عمق التاريخ ومخطَّطة للمستقبل ، ليس في لبنان نفط ولا غاز بل ان اقتصاده في الاساس منهار ، فلماذا الإصرار على إدخاله في الحرب سواء بعذر صواريخ اطلقت منه -وهذا يحدث كل يوم منذ عشرين سنة- أو بعذر آخر ، لكن الهدف هو التوسع العسكري تمهيدا للسيطرة الايديولوجية وضرب فئات عريضة من اللبنانيين ما زالت تتمسك بدينها ، فالخطة هي زعزعة الاستقرار المناطقي بتهجير الجنوب الى الشمال وخلط الاوراق والطوائف لضرب الدين . وليس في غزة الا رجال يعضّون على عقيدتهم بالنواجذ ويرابطون دفاعا عن دينهم فأرض فلسطين دين ورباطها جهاد ، فما الغاية من تكالب الامم لتساند المحتلين اليهود وامم اخرى تغضّ الطرف عن المجازر ، الغاية هي ضرب الدين بكسر عزيمة الرجال وقتل قادتهم وتهجير الناس من ديارهم لتفريغها من المرابطين ، وكذلك تقسيم اليمن وضرب فئة من ابنائه بفئة اخرى ، والعراق قبل ذلك زرعوا فيه فئات ضالة تدّعي دين المسلمين وتستحر فيهم القتل فتتناحر المذاهب والطوائف فيخرب الدين . وسوريا مثل ذلك و امرّ ؛ تغيير ديموغرافي على اساس ديني وشعوب ليست عربية ولا مسلمة من غير اهل البلد ومن غير دينه تغتصب ديار السوريين وتمنعهم من العودة اليها والى مساجد يعمرونها وصلوات يقيمونها ، وهذا من صلب تخريب الدين ،
أما زرع الدسائس والفتن والفواحش بإسم تمكين المراة وتحرير الشباب والتخلص من التراث “المتخلف والمزور”! ، وفتح الجزيرة وبلاد الحرمين على أخلاقيات العصر الجديد من اختلاط وطرب ورقص ونواد وحانات ومهرجانات ومعابد لأديان من وضع البشر بحجة الانفتاح والتطور والتحرر وقبول الآخرين فهذه صفحة اخطر و اهم من صفحات تخريب دين المسلمين ، وكل هذا مبرمج ومخطط ومصروف عليه : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
فمن أراد ان يقاوم دون سلاح فليقاوم الفساد الذي ينخر مجتمعه ويتسلل الى عائلته ، وليقاوم ضياع التعليم وانحراف المناهج وانفلات النساء والمراهقين ، وليقاوم الانسلاخ الذي ينتشر بين اصحابه وجيرانه بل وابنائه وبين العوام والمثقفين على حد سواء بحجة “تفتح العقول” و “زوال غمامة التراث” و”انكشاف زيف المذاهب” و” توضّح عدم الحاجة للعلماء والمفسرين” ! ومن امثال تلك الدعوات التي تلاقي رواجا عند ضعاف العقول وضعاف العقيدة ، فلمقاومي هذا المدّ الفوضوي والمتمسكين بدينهم الحق أجر من الله ووعد بالإستخلاف : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
و من اراد ان يقاوم دون القتال مع حماس فليقاوم تخذيل المجاهدين وليقاوم المرجفين والمضلين والمبتدعين ، وليجاهد في الله ولا يضره من خذله او خذّله ولا يفتّ من عزيمته من أغواه الشيطان فصار الى صفّه ومن جنده ، فإن الله اجتبى من عباده رجالا يعتصمون بحبله تعالى ويكونون شهداء على الناس فقاوم وكن منهم : {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}
فغاية اعدائنا اليوم هو إطفاء نور الله وتخريب الدين ونخر عقيدة المسلمين و سحب المتذبذبين و محاصرة المتمسكين ، ولكن الله متمٌّ امره دون ريب بثلة من عباده الصادقين ولو كره المفسدون : {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}
وهذا لعمرك :{وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}