21 أبريل، 2024 1:42 م
Search
Close this search box.

المقاربات الخاطئة لموضوع الشيعة والسنة

Facebook
Twitter
LinkedIn

من يريد أن ينفي  وجود الحرب ألاهلية بين الشيعة والسنة في العراق كما تروج له بعض فضائيات الفتنة عليه أن يستدل بمايلي :-
يستطيع ألاخ المواطن السني أن يسافر ويتجول ويسكن ويتاجر ويتعلم في أي مدينة من مدن الفرات ألاوسط وجنوب العراق دون حرج وتمييز ودون أي مضايقة , وهذا دليل ميداني واقعي يدمغ دعاة الفتنة والطائفية .
في المقابل يجب تصحيح المشهد المفتعل التالي :-
عندما يروم ألاخ المواطن الشيعي السفر الى مدن الرمادي والموصل والعمل والدراسة هناك أو التجوال والسكن فأنه يتعرض لخطر ألاغتيال والقتل ليس من أخوانه أهل السنة ولكن من قبل أتباع تنظيم القاعدة التكفيري الوهابي ألارهابي الذي يقتل من يختلف معه من السنة والشيعة على حد سواء , والمتمعن بهذا المشهد وملابساته لايجد أن هذا يعني حربا أهلية , وأنما هو حرب تشنه هذه الفلول على الجميع : المسلم والمسيحي والعربي والكردي والتركماني , والشيعي والسني فأذن نحن أمام عصابة تلبست بلبوس الدين فأساءت للآسلام وتلبست بلبوس المذاهب وأسماء المشاهير فأساءت للسنة وأهل السنة منها براء مثلما أهل الشيعة براء ممن يسعى لآذكاء نار الفتنة وهو محسوب على الشيعة معمما كان أو غير معمم .
ومن أغرب المقاربات الخاطئة ماكتبه أحدهم قائلا : أن الشيعة والسنة يختلفون حول المحاور التالية :-
1-الدولة
2- السلطة
3- ألارض
4-الثروة
ولا ندري على أي شيئ أعتمد فيما ذهب اليه ؟ وما ذهب اليه باطل , ولم يقل به أحد من ألاولين المؤسسين , وأذا كانت المناظرة بين ألامام موسى الكاظم وبين هارون الرشيد عندما سأل هارون قائلا للآمام الكاظم : حدد لي فدك حتى أعطيها لكم ؟ وفدك قصتها معروفة في التاريخ ألاسلامي وفي فقه ألارث لانريد أن ندخل فيها , فقال له ألامام الكاظم : أما حدها الشمالي , فأذربيجان , وأما حدها الشرقي فبلاد السند , وأما حدها الغربي فحافة البحر مما يلي طنجة وأما حدها الجنوبي فحافة البحر مما يلي اليمن وحضرموت , وهذا المعنى يستلزم السلطة وقيادتها ولا يستلزم ألارض .
ونعتقد أن القائل بهذه المحاور ألافتراضية يخلط مابين ثقافة الديمقراطية غير المستقرة , ومابين التصورات ألارتجالية السائدة بين من يتعاطى السياسة بلغة العواطف الدارجة بين الناس وألاحزاب التي لاتمتلك مشروعا للحكم .
ولو صحت دعوى ماذهب اليه صاحب المحاور ألاربعة لما أصبح للشيعة والسنة من ملتقى ولدخلوا في حرب تفنيهم أو تفني أحدهم في مطلع وقوع الخلاف , وهذا لم يحدث , وأن حدثت فتن هنا وهناك كما هو في أحداث بغداد – الكرخ – عام 436 هجرية , أو كما حدثت فتن أيام العثمانيين وقد كان ورائها الجهلة والمتشددون من الجانبين , وقبل ذلك حدث أيام البويهين الذين حكموا من عام ” 334 – 467 – هجرية ” وأيام السلجوقيين الذين حكموا من عام ” 447- 547- ” هجرية .
لذلك نرى أن هذه المقاربات غير واقعية , وهي ترجيح بدون مرجح , وأنأمل من أصحابها لاسيما غير المتمكنين أن لايزجوا أنفسهم في مثل هذا الحقل الخطير والحساس .
وأخطر المقاربات الخاطئة تلك التي تتخد من النص القرأني وسيلة للآستدلال ولكن دون أمتلاك أدوات ألاستدلال على مستوى التفسير والتأويل وأستظهار المعنى واللغة .
ومن تلك النصوص القرأنية المباركة قوله تعالى : ” تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون ” – 134- البقرة – والمقصود بألامة هنا هو أبراهيم عليه السلام وولديه أسماعيل وأسحاق , ثم يعقوب وأبناؤه ووصيته لهم بألالتزام بالدين كما وصى أبراهيم بنيه حين قال ” أن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن ألا وأنتم مسلمون ” – 132 – البقرة – ويتكرر هذا النص القرأني في نفس السورة قال تعالى :” تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون ” – 141- البقرة – وفي تكرار النصين القرأنيين الكريمين حول نفس المرحلة التي تخص أبراهيم عليه السلام وبنيه وهو أبو الحنفية قال تعالى ” وجاهدوا في الله حق جهاده هو أجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم أبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ” 78- الحج –
من خلال هذه النصوص المباركة نرى أن النصين ألاولين المتكررين هما في سورة البقرة ويتحدثان عن مرحلة النبي أبراهيم وماجاء من بعده من أنبياء الى مرحلة بني أسرائيل الذين أكثروا من الخلاف وألانشقاق والكراهية التي وصلت الى حد قتل بعض ألانبياء ” يحيى عليه السلام مثالا ” بينما نرى النص الثالث وهو في سورة الحج يبدأ بذكر النبي أبراهيم بأعتباره المؤسس وألاب للموحدين , ثم يبدأ النص بتشريع يجعل من النبي محمد “ص” شهيدا على المؤمنين المسلمين جميعا مثلما يجعل من المسلمين شهداء على الناس بما يقومون به من أداء الصلاة وأيتاء الزكاة وألاعتصام بالله وجعل المولوية لله فقط ومن خلالها يتم النصر , وعلى هذا لايجوز الخلط مابين معنى النصين ألاولين ومابين معنى النص الثالث الذي يحمل تشريعا ملزما يخص المسلمين , فكل مافي ألاسلام من تاريخ ومبادئ وشخصيات وأسماء أصبحت تعيش معنا مع ألاحتفاظ بمفهوم الصح والخطأ والحق والباطل , فمحمد رسول الله “ص” يعيش معنا في المفهوم والمصداق , وأبو بكر ” رض ” وعمر ” رض ” وعثمان ” رض ” وعلي “رض ” كلهم يعيشون معنا في تفاصيل الحياة ومواقفها , وأهل البيت “رض ” فاطمة الزهراء , والحسن والحسين ” يعيشون معنا , وبقية أئمة أهل البيت ” رض ” علي بن الحسين , ومحمد الباقر , وجعفر الصادق , وموسى الكاظم , وعلي بن موسى , ومحمد بن علي الجواد , وعلي الهادي , والحسن العسكري , ومحمد بن الحسن المنتظر ” رض ” كلهم يعيشون معنا , وأئمة المذاهب ” ألامام أبو حنيفة ” رض ” وألامام مالك ” رض ” وألامام أحمد بن حنبل ” رض ” وألامام الشافعي ” رض ” كلهم يعيشون معنا , وتلاميذ ألائمة ألاطهار يعيشون معنا مثل هشام بن الحكم وزرارة , وتلاميذ أئمة المذاهب مثل أبو يوسف وألامام ألاوزاعي كلهم يعيشون معنا , وزوجات النبي “ص” أمهات المؤمنين يعشن معنا , فلايمكن مقارنة هؤلاء مع من هم من مرحلة النبي أبراهيم عليه السلام الذي يختزل هو وأسماعيل وزوجه هاجر مناسك الحج التي نؤديها بالطاعة والقبول ولولا تلك المناسك والشعائر لكان حالهم حال بقية أنبياء الله نؤمن بهم ونعتز بهم دون أن يكون لهم حضور في مناسكنا وعباداتنا التي أوصلها لنا من يحبون أولئك ويرأفون بنا ويخلصون للله .
وعليه فليس من الصحيح ضرب المثل بمن خلوا ممن لايعيشون في تفاصيل حياتنا اليومية بمن لايزالون يعيشون معنا في أسمائنا وفي شؤون عبادتنا من صلاة وزكاة وصوم وحج وجهاد , وفي مستحباتنا التي نقبل عليها أحيانا بعد الواجبات , فهؤلاء ليسوا من الذين خلوا , فعائشة وخديجة وأم سلمة وفاطمة الزهراء يعيشون معنا وهن  لسن  كزوجة لوط ولا زوجة فرعون  ألاتي أصبحن تاريخا نعرفه ولكن لايعشن معنا في تفاصيل حياتنا , لذلك لايحسن تكرار ألاستدلال بألاية الكريمة ” تلك أمة قد خلت ” التي جاءت في سورة البقرة وتكررت مرتين في ألاية ” 134 – 141 ” ولكن يحسن هنا أستحضار ألاية ” 78 ” من سورة الحج التي تجعل للرسول ولاية الشهادة علينا وتجعل لنا حق الشهادة على الناس ولكن بعد ثبات ألالتزام بالصلاة والزكاة وألاعتصام بالله وجعل ولايته هي الولاية المطلقة , ومن هنا نفهم ولاية بعضنا على بعض ” المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ” مثلما نقترب من أستيعاب مفهوم الولاية للنبي وألامام والفقيه والتي يمارسها الجميع بصيغ متفاوتة , مثلما يمارس جميع الناس ” التقية ” دون أن يشعروا , فينكرها من لم يلتفت لحقيقتها السارية في المواقف وألافعال , ويقبلها من ألتفت لحقيقتها , وتلك أشكالية معرفية تطال جميع مواقع ومواقف التباين في مواقف العباد من الناس , ويلتحق بذلك غير العباد من الناس .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب