18 ديسمبر، 2024 6:14 م

المفوضية العليا اللا مستقلة للانتخابات !

المفوضية العليا اللا مستقلة للانتخابات !

انهى مجلس النواب العراقي معركة مفوضية الانتخابات ، بعد ان افشل مساعي دولة القانون بزيادة اعضائها الى 15 شخص، وقضى على رغبة حزب الحكومة  بزيادة غلته من المقاعد داخل المفوضية .
بطبيعة الحال لم يكن  موقف الكتل التي افشلت مساعي قائمة رئيس الحكومة بدافع الحرص على المال العام او الخوف من المزيد من الترهل في المؤسسات العامة ، مطلقاً ، لم يك هذا السبب بل السبب باختصار ، هو لي ذراع الحكومة التي مدت انفها في كل تفاصيل الحياة العراقية وبكل مؤسساتها الجديدة في ظل فتوى دستورية عجيبة اصدرتها “المحكمة الاتحادية ” التي لا زالت بلا قانون ولا تشريع ، حين افتت بربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء ، مع ان الدستور وضع باباً خاصاً لما سماه الهيئات المستقلة .!
لكن هذا ايضاً لا يهم ابداً بلحاظ ما جرى بعد ان اُفشلت مساعي دولة القانون ، لا  يبشر بخير ابداً ، حيثُ وقف قادة الكتل السياسية “ليدوسوا  ” جميعاً على ورقيات  الدستور التي اصحبت مفرغة من كل محتوى في ظل غياب اي حامي لموادها .
نعم تقاسمت حيتان السياسة العراقية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بمقاعدها التسعة ، فقد حصل التحالف الوطني على اربعة مقاعد من اصل تسعة ليقتسمها الدعوة والمجلس الاعلى والصدريون ، فيما حصل الحزبان الكرديان على مقعدين وحصلت القائمة العراقية على مقعدين .
في مخالفة علنية صريحة للدستور الذي ينص على ان يكون اعضاء المفوضية مستقلين لضمان عملية انتخابية نزيهة شفافة حيث تنص المادة 102 من الدستور على الاتي “تُعد المفوضية العليا لحقوق الانسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النـزاهة، هيئاتٌ مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم اعمالها بقانون”.
وبمقتضى كونها مستقلة ينبغي من باب اولى ان يكون اعضائها مستقلين ، لكن هذا الامر لم يكن الاول ولن يكون الاخير في ظل تصاعد الحديث في العراق عن رغبة الحكومة بالاستيلاء على البنك المركزي العراقي اخر المعاقل المستقلة المتبقية في العراق والتي على ما يبدو لم تنجح مساعي الاحزاب الكبيرة من اختراق حصنها الذي يحتاج الى كفاءات مالية وادارية عالية جداً .
ولذا بدأت الاحزاب بشن حملات متوالية ضد ادارة البنك المركزي العراقي متهمةً اياها  بشتى الاتهامات التي قد يكون بعضها صحيحاً لكنه يرتبط بسقف اعلى من صلاحيات واختصاصات البنك ، والمعنى في قلب الشاعر كما يقال.
لنعد الى ما يسمى “المفوضية العليا المستقلة ” الجديدة التي يراد لها ان تجري انتخابات جديدة تتنافس فيها احزاب وقوى وطوائف وقوميات متعددة ، ترى كيف يمكن ان نثق جميعاً بهذه المفوضية التي اقتصر التمثيل داخلها على مجموعة صغيرة من الاحزاب النافذة ، نعم مجموعة صغيرة ، ففي بعض القوائم جرى الاستيلاء على حصة القائمة من طرف بعينه وحرمت اطراف مشكلة للقائمة ذاتها ، كما جرى في العراقية ودولة القانون ، يعني الاستيلاء والاقصاء لم يكن مع الاحزاب الخاسرة في الانتخابات السابقة ، بل تعدى الى احزاب موجودة داخل العملية السياسية ذاتها .
فكيف يمكن بعد ذلك ضمان عدم انحياز هذه المفوضية الى احزابها المشكلة لها ، لماذا جرى التلاعب بكل شيء كان من الممكن ان يؤدي الى بناء تجربة ديمقراطية بناءة في العراق ، لماذا اوصلت الاحزاب الحاكمة في العراق مستوى التحاصص الى مستويات تهدد بناء الدولة وتحيلها الى مجرد اسماء وعناوين مفرغة دائماً من معناها ، كما جرى مع عنوان الاستقلالية في العراق .
اذ صار الحديث عن قضاء مستقل ومفوضية مستقلة وهيئات مستقلة ، ومنظمات مجتمع مدني  مستقلة ، واعلام مستقل ، بل تيارات سياسية مستقلة ! مجرد كلام يثير الضحك !!والسخرية ، فكل مستقل تابع وان لم ينتمي .!على غرار كل عراقي بعثي وان لم ينتمي .