23 ديسمبر، 2024 11:36 ص

المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة وايران إلى اين

المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة وايران إلى اين

الولايات المتحدة الامريكية في الوقت الذي تشدد فيه العقوبات الاقتصادية والحملة الاعلامية والسياسية والدبلوماسية على ايران الى اقصى ما تستطيع من الضغوطات؛ تفتح نافذة للحوار مع ايران عبر اكثر من وسيط اقليمي ودولي، وفي المقابل ايران تمارس في صراعها مع الولايات المتحدة ذات اللعبة وان اختلفت طريقة اللعب في الميدان ولكنها تجري على ذات الطريق وباسلوب مختلف، من خلال وعبر تقليص التزاماتها في الاتفاق النووي. ايران لاتريد أن تقطع الطريق على اي وساطة لحسابات ما تتعرض له من جراء تلك العقوبات، من اختناق في الحقل الاقتصادي والسياسي، لتخفيف من وطأة تلك العقوبات بأستثمار جميع السبل المتاحة ، ولحساب المستقبل القريب وما قد يأتي به من متغيرات مفاجئة، وفي الوقت ذاته لاترغب في الوقت الحاضر ان تجري مفاوضات علنية مع الجانب الامريكي، حتى لو كانت في مستوى غير رفيع كي لا تمنح ترامب انتصارا ما، يوظفهُ في حملته الانتخابية، وهي على مايظهر من سياستها التى تتبعها في مواجهة الولايات المتحدة؛ هي سياسة تعول وبحدود جزئية، على ما سوف تأتي به الانتخابات الامريكية اي ان لايفوز ترامب بولاية ثانية، عندها ربما ومن وجهة النظر الايرانية كما نقرئها؛ تتغير سياسة الولايات المتحدة اتجاه ايران ولو جزئيا لجهة تقليل الضغط الاقصى، المتبع حاليا وبالذات في الذي يخص الاتفاق النووي بفتح ملف هذا الاتفاق في النقاش والحوار حوله بشرط ان لايتم مع الجانب الامريكي على انفراد اي يكون الامريكيون من ضمن الخمسة زاد واحد في اعادة مناقشة الملف النووي الايراني من جديد. مستشار على خامنئي اوضح ان ايران لاتمانع في اعادة التفاوض حول الاتفاق النووي شريطة ان يتم مع خمسة زائد واحد. خلال الاشهر التى انصرمت لم يمر شهر الا ونسمع من وسائل الاعلام الاقليمية او الدولية؛ بأن هناك تفاوض سري بين ايران والولايات المتحدة وعبر وسيط اقليمي او دولي، سلطنة عُمان واليابان وفرنسا. زيارة الرئيس الايراني الى اليابان والتى جاءت بناءا على او تلبية للطلب الايراني، لاتخرج عن هذا الاتجاه اي البحث عن مخرج ما يفتح طريق التفاوض السري في الذي يخص الصفقة النووية والعقوبات الاقتصادية الامريكية على ايران. الدكتور على اكبر، مستشار على خامنئي عندما سئل في مقابلة له مع قناة روسيا اليوم؛ عن هدف هذه الزيارة وهل كانت للوساطة بين ايران والولايات المتحدة، لم ينفها ولم يؤكدها، تركها هدفها الحقيقي وما تم تناوله فيها لناحية الواسطة؛ لتخمينات وتوقعات المتابعين للشأن الايراني في صراع ايران مع الولايات المتحدة.. وفي وقت يكاد يكون متزامن، كشف رئيس الطاقة الذرية الايرانية، السيد على اكبر صالحي؛ من ان هناك وساطة فرنسية في هذا الاتجاه، مبينا ان النقاش مع الفرنسيين يدور حول الرفع التدريجي للعقوبات والمتزامن مع عودة ايران التدريجية ايضا للالتزام ببنود الصفقة النووية. الرئيس الايراني أكد بان امريكا عاجلا او اجلا سوف ترفع العقوبات عن ايران. هذا التصريح بحد ذاته لايمكن ان يصدر من فراغ ابدا؛ يؤكد لنا ان ما وراء الباب المغلق ما وراءه. لكن وبكل تأكيد ان الاتصالات على الرغم من الرفض الايراني الرسمي لأي مفاوضات أو بتوصيف اكثر دقة وموضوعية، من أن لاتفاوض مع الامريكيين في الذي يخص الاتفاق النووي، لكنها مع هذا، موجودة بأعتراف السيد على اكبر صالحي، بطريقة سرية في اكثر الاحيان الا ما ندر، كأعتراف على اكبر صالحي، وعبر وسطاء اقليمين ودوليين كما بينا انفاً، يحرص الجانبان على كتمنها، لأسببيهما الخاصين، بالداخل الامريكي والداخل الايراني وبحالتين ووضعين مختلفين.. ان هذه المناورة من الجانبين سوف تستمر في اقصى الضغط الامريكي على ايران واقوى الصبر والجلد الايراني في مواجهة امريكا، حتى نهاية العام القادم اي حتى انتهاء الانتخابات الامريكية في تشرين الثاني من عام 2020. السؤال المهم هنا؛ هل ان السياسة الامريكية اتجاه ايران، تتغير بتغير الرئيس الامريكي؟ الاجابة على هذا السؤال تقودنا حتميا لفحص مرجعية السياسة الامريكية ليس مع ايران فقط بل مع كل العالم، هي سياسة ترسمها امريكا الرسمية من حيث الجوهر وأتجاه حركتها نحو اهدافها؛ صحيح ان هناك مساحة واسعة جدا لرئيس الادارة الامريكية ولكنها تنحصر في اختيار الاسلوب والطريقة والتوقيت وليس صلب الهدف..هنا نسأل مرة اخرى؛ هل مؤسسات البحث والاستراتيج في الولايات المتحدة الامريكية، وضعت ايران، الجمهورية الاسلامية وليس ايران الدولة فهذا موضوع اخر مختلف كليا، في خانة الاحتواء او الاستيعاب على ماهي عليه او في خانة العداء؟.. تلك المؤسسات التى تشتغل في الظل الامريكي وهي مؤسسات عميقة انتجتها مؤسسات مالية كبيرة جدا وشركات عملاقة، والتى شكلت الوعاء المالي والدستوري، الحاضن لها، عبر سنوات مديدة، مديدة جدا، حتى تحولت الى عرف وقانون راسخ في جسد رأس المال الامريكي العابر للحدود والجنسيات. امريكا الرسمية او امريكا العميقة تعتبر ايران الجمهورية الاسلامية، دولة معادية للسياسة الامريكية في المنطقة ولايمكن احتواءها او استيعابها في ظل الطموح الايراني الجيو سياسي والمؤدلج دينيا في المنطقة، وهي بهذا الطموح والتوجه تشكل حجرة عثرة لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة او منافس لها ومقلق في ذات الوقت ويحد الى حدِ ما من ترسيخ وجودها الاستعماري بثوبه الليبرالي الحداثوي في المنطقة بفعل المنافسة على الوجود والنفوذ، المختلفان في النوايا والاهداف..أذن تصبح الاجابة واضحة بدرجة كافية لنقول ان السياسة الامريكية اتجاه ايران، الجمهورية الاسلامية لن تتغير بتغير رئيس الادراة الامريكية. الايرانيون يعرفون هذه الحقيقة اي حقيقة العداء الامريكي لسياستهم، لكنهم يلعبون بالزمن وهو زمن يملؤه بالعمل النشط والدؤوب والذكي والصبور في ظل لاحقا كما يعتقدون، رئيس أدارة أمريكية جديد، يتبع طريق مرن للوصول الى الهدف الامريكي من العداء لأيران، مما يمنحهم المرونة ومساحة من الزمن تكفيان لمواصلة الهمة في زيادة عدد وحجم التحالفات مع قوى دولية عظمى لمساعدتها في المواجهة مع الولايات المتحدة، بأستثمار التنافس بين هذه القوى العظمى وحتى القوى الكبرى وبين الولايات المتحدة. أن الغلبة في الاخير لمن يدوس على جراحه ويصبر ويصمد ولو طال عليه الامر. هناك دول كثيرة في العالم لاحاجة لذكرها فهي معروفة للمتابع والقاريء، صبرت على اوجاعها وعلى نزيف دماء شعبها، التى سببتها لها سياسة الولايات المتحدة الامريكية العدائية ضدها، صبرا مبرمجا ومقاوما ومنتجا للحلول المرحلية التى تناسب الضغد العدائي الامريكي لها؛ بفتح باب ولو كان صغيرا، لأدخال عوامل القوة والصمود. فانتصرت على السياسة العدوانية الامريكية، حين أوصلت امريكا الى العجز التام في احداث تغييرات في دولة الهدف.. وتحولت سياستها هذه الى خسائر كبيرة من دون ان تحقق اي من اهدافها؛ لذا، بدأت في ذلك الحين، في البحث عن درب للخروج من مأزقها بما حفظ وقتها، ماء وجهها. من السابق لأوانه، معرفة من يستسلم في النهاية ويرفع الراية البيضاء ومن يصمد ويصبر بتخطيط وفي النهاية يرفع بيرق الانتصار والزهو؛ امريكا من تستسلم او ايران او العكس..