في رواية الكاتب الكولومبي الساحر غابريل غارسيا ماركيز ” قصة موت معلن ”
تحكي الرواية عن حادثة قتل حقيقية وقعت في قرية صغيرة لشاب فضّ بكارة فتاة قبل ليلة عرسها حسب ادعاء عريسها في ليلة الزفاف ،و من هنا سعى اخواها للانتقام ممن انتزع شرفها و انطلق الأخوان و قاما بقتل الشاب . المفارقة ان الاخوين ، صدّقا ادعاء العريس دون تمحيص وتدقيق لمعرفة الحقيقة و أعلنا امام اهل القرية انهما ذاهبان لقتل الشاب الذي “إعتدى” على شرف الأخت ، ومع ذلك لم يستطع احد من ابناء القرية انقاذه أو حتى ابلاغه عن جريمة قتله التي ستحدث بعد ساعات.
حدثت الجريمة وقتل الشاب دون معرفة حقيقة الادعاء وبقي اهل القرية يتحدثون عن الجريمة ويروون عنها قصصاً اضاف اليها المخيال الشعبي الشيء الكثير من الحقائق والاوهام !
يقول مواطن من اهل القرية بعد سنوات على ارتكاب جريمة القتل “لم نستطع طوال سنوات ان نتحدث في أمر آخر غير جريمة قتل نصار , و تصرفاتنا اليومية المحكومة حتى ذلك الحين بعادات رتيبة , بدأت تدور فجأة حول القلق المشترك ذاته , وكانت ديوك الفجر تفاجئنا و نحن نحاول ترتيب المصادفات العديدة المتسلسلة التي جعلت اللامعقول ممكنا أي قتل نصار ، و كان جليا اننا لا نفعل ذلك رغبة في كشف الاسرار ، وانما لاننا جميعا لم نعد نستطيع الاستمرار في الحياة دون ان يعرف كل واحد منا بالضبط ما هو المكان و المهمة اللذان حددهما له الموت لكي يقتل نصار” !
القصة لدينا ان قضية المغيبين والمفقودين علنية ومعروفة على رؤوس الإشهاد والوثائق ، لكننا مازلنا نتحدث عنها برتابة كما في رواية ماركيز ، لكن الفرصة الآن سانحة وقوية وممكنة بوجود فريق اممي يحقق في قضية انسانية من طراز خاص ، انها قصة اختفاء 12 الف عراقي لاالحكومة مكترثة بمصائرهم ولا البرلمان الموقر بقيادته الجديدة التي تستهوي حصد النقاط بدل فك عقد الازمات ومنها هذه القضية التي ترتقي الى مصاف القضية الوطنية الاولى بسبب بعدها الانساني وفجائعيتها والغموض الذي يلف وجودهم ، ولا القوى التي اختطفتهم أو غيّبتهم ، لافرق ، تستطيع أو لاتريد الكشف عن المصائر المجهولة لجريمة علنية !
الآن يتوجب استثمار وجود الفريق الاممي الذي يحقق في الموضوع بعد ان باءت الجهود الوطنية بالفشل أو انها وصلت الى طرق مسدودة أمام قوى تعرف كل الحقيقة وتتنكر لها أو تم افشال جهدها بطرق مبتكرة معروفة الأصل والفصل !
يتوجب الآن تصعيد الزخم الاعلامي حول القضية والعمل على تقديم كل الوثائق الى هذا الفريق ومساعدته بكل السبل لكشف مصائر عراقية لاعلاقة لها بمحتوى وشكل الصراع الذي كان دائراً في البلاد منذ عام 2014!!
يتوجب عدم ترك هذا الفريق بيد الحكومة أو من ينوب عنها في تمييع القضية او اغلاق ملفها أو تخفيف كارثيتها الانسانية ، فالحكومة التي عجزت طوال هذه السنين على تحريك الملف ، من باب رفع العتب، لن تستطيع ان تقدم شيئاً ملموسا للفريق الاممي ، هذا ان لم تكن خاضعة لاجندات القوى التي ارتكبت هذه الجريمة في وضح النهار ..
جريمة معلوم مرتكبها ومعلوم ضحيتها ومع ذلك مازالت قيد التحقيق !