23 ديسمبر، 2024 3:14 ص

يأتي معنى الغافل من الغفلة ومن الطريف ان اسوق هنا إصطلاحا(( ازهريا علميا)) يزيد التفسير وضوحا
فلقد كنا ونحن نطالع الكتب المؤلفة عن رجال الاثر والحديث، الذين رووا احاديث عن رسول الله صلى الله عليه واله نلتقي بعبارة تضحكنا كثيرا اذ يقول المؤلف في عرضه لتاريخ راو من هولاء الرواة ((فلان هذا.. صالح، مخلص ،صادق، قانت ،ولكننا لا ناخذ بروايته لانه كان رضي الله عنه ــــــ مغفلا )) يعني غافلا فلا نضمن ان يلقي في نوبة من نوبات غفلته ،وسهوه باحاديث مصنوعة موضوعة، وفتاوى خاطئة وافكار مغلوطة .

والمغفلون الذين نتشرف بالكتابة عنهم، من هذا القبيل فهم مخلصين صادقين قانتين ولكننا لا نستطيع الأطمئنان الى تفكريهم لأنهم مغفلون .

بالاضافة إن(المغفل )اصطلاح دولي تعرفه وزارات الخارجية في الدول الكبرى، حيث توجد تقارير تسمى بملفات (المغفلين النافعين )وهم الذين يخدمون الاستعمار ،خدمات جلى من غير قصد وبحسن نية. بأن يذيعوا في صفوفهم افكارا ،او يتصرفون تصرفات من شانها ان تضفي الى تركيز الاستعمار وتهئية الجو دون ان يقصدوا هذه الغاية او يعملوا عليها . يصف لنا الكاتب المصري الكبير خالد محمد خالد المعاناة مع المغفل والمغفلين واصفا نواياهم بالسليمة والصادقة الا أنهم يفتقدون القدرة على تقدير المواقف، تصويب الافكار ،تصحيح ونقد ما يبث من رؤى وتصورات الهدف منها تدمير المجتمع وتفتيته فيكونون ادوات للاستعمار بلا قصد. المغفل انسان بسيط الفطنة، غَبيّ ساذج يسهل خداعه ،ضعيف التفكير. لا شان للدرجة العلمية او المكان الذي يعمل فيه، لان مشكلته في طريقة تفكيره القاصره ونظرة الساذجة للحياة والوجود. قد يكون المغفل رجل دين ينفر الناس من الله لانه يحرف الدين عن غايته التي يهدف بها توفير الحياة الحرة الكريمة للانسان بلا شكليات زائفة وافكار خرافية معقتدا ان ما يقولة او يفعله هو جوهر الدين وغايته.ربما المغفل كاتب او صحفي قد تصل لمثقف يكتب ضد تطلعات الشعوب في نيل الحقوق والحريات بدعوا انها تسبب الفوضى والخراب ، يبرر للطغاة ظلمهم، يحارب كل فكره او مشروع الهدف منه النهوض بواقع الناس وحياتهم ،لانه هذه الافكار تمس حاكم أو حزب او جهة معينة ينتمي او يؤمن بها. قد يمتدح ظالم او يتزلف الى فاسد مبررا فسادهم وظلمهم بدعوا تحقيق طموحات الناس واهدافهم . الكاتب المغفل نفعي دائما بلا لون يصطبغ بلون من يكتب لهم، يرتدي ثياب من يتفضل عليه بالمال او المنصب . المغفلين أزمة عصرنا لأنهم يشغلون أعلى المناصب ،ويحتلون شاشات التلفزة، يسيطرون على وسائل التواصل المختلفة،حيث يقدمون الافكار السطحية والفكر الرث واساليب التفكير البدائية ، مما انعكس سلبا بصورة كبيرة على انتشار وباء الغفلة بين الناس ، الذي جعل منهم صيد سهل لكل فكر خبيث سطحي، وتصورات سيئة ساهمت بنشر الخراب داخل البلد وخلق الفتنه بين الناس .

 

ومضة :

 

قد تكون شدة الاحساس بلاء اكبر من شدة الغفلة.

مصطفى السباعي