التقية من اشهر ما اشتهر به الشيعة للحديث عنها والتمسك بها بل اعتبرها البعض سبة على الشيعة ممن هم ليسوا بشيعة وقد فسروها على انها نفاق وحقيقة هي ليس كذلك فتعريف التقية حسب ما ذكر الشيخ المفيد هو اخفاء الحسن واظهار القبيح بينما النفاق بالعكس اظهار الحسن واخفاء القبيح ، والتقية ليست من اصول الدين ولكنها بمنزلة الرخص وهنالك من اعتبر وجوبها وهناك من حرمها والثالث رخصة وجوازا حسب اختلافات المقامات وخصوصيات الموارد كما ذكر الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في كتابه اصل الشيعة واصولها
وبين هذا وذاك فهناك من غالى بالتقية وهنالك من استهان بالتقية وبين هذا وذاك فقد الكثير منا موازين اعتمادها ، فالتقية التي يتحدث عنها شخص ما مستشهدا باية او حادثة والد عمار يرد الاخر عليه حديث ان اعظم الجهاد عند الله قول كلمة حق عند سلطان جائر ، وكم من عالم وفقيه ضحى بحياته من اجل الثبات على المبدأ ولكل حالة جوابها
قال أبو عبد الله (عليه السلام) لم تبق الأرض إلا وفيها منا عالم يعرف الحق من الباطل قال: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا لقلتم: لا نفعل إنما نتقى، ولكانت التقية أحب إليكم من آبائكم وأمهاتكم، ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك ولا قام في كثير منكم من أهل النفاق حد الله.
هنالك من يبتر هذا الحديث ليختار ما يتفق ويريد اثباته ، والنتيجة التقية التي يجب ان يترتب عليها صون الدين اي ليس التقية لمجرد ظرف ما دون ترتيب الاثر المطلوب ، يعني لو استخدمت التقية بعدم اظهار معتقدك امام ظالم ، فلا يعني اخفائه بالمطلق بالعمل على اظهاره في مواطن اخرى والجهاد ضد الظالم يعني عندما تنجي بنفسك فعليك مسؤلية اتجاه الدين اما تنجو ولا تجاهد فالتقية هنا فيها اشكال .
وحتى الاية الكريمة التي تامرنا بان نتقي منهم اي من الظلمة ، فهذا يعني ان لا نسلك طريق نعلم بوعورته للوصول الى غاية معينة فطريق الظالم يجب ان تتجنبه وتسلك طريقا اخر للقضاء على الظالم .
المؤسف هنالك من يسكت على الظلم والظالم بحجة التقية فيسرف بالدماء هذا الظالم فان حدث ذلك فما فائدة التقية .
هنالك مواقف يطلب فيها الظالم من معتقل ما ان يفعل كذا وكذا ليعفو عنه فيرفض وعند سؤاله عن السبب قال لسببين لم ارضخ له اولا نصرة لديني وثانيا من يضمن لي بانه سوف لا يقتلني ؟ واعتقد هذا ما تحدثت به الكتب عن موقف السيد محمد باقر الصدر قدس سره عندما رفض كل شروط الطاغية لانه يعلم بانه سيقتله
التقية هي الحذر من غضب الله الحذر من ظلم الناس الحذر ممن يؤذي الناس ، فعندما يروم شخص ما الحصول على شيء ما فانه يحاول بشتى الطرق حتى استخدام التورية والطرق الملتوية الشرعية للحصول على ما يريد حتى وان كان شرعا ، فلماذا تصبح التقية غاية بينما هي وسيلة لغاية اكبر وهي نصرة الدين والحق والعدالة ؟!
السؤال الذي يطرح نفسه كم قتل معاوية من انصار امير المؤمنين عليه السلام ؟ فلماذا لم يتخذوا التقية لنجاتهم ؟ اقول لكم لو اتخذوا التقية لزاد بطش معاوية وهنا المهم ان التقية لا تحقق نهر الظالم عن ظلمه .
في بعض الاحيان هنالك من لا يتقبل الحق ونحشر التقية لنتجنب قول الحق باعتبار انه سيرفض قبول الحق ، وهنا اين هي فروع الدين من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟.
ان اكرمكم عند الله اتقاكم ، هو من اتقى الظلم والفحشاء والمنكر وجهنم وهذه كلها تاتي من خلال الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلو استخدمت التقية لموقف معين لاجل القيام بموقف اكبر واهم نصرة للدين فلا باس بذلك اما استخدام التقية للركون الى الظالم وعدم ردعه فهذا فيه اشكال ،
علي ابن يقطين وزير هارون كان يرفض العمل معه وكان يمارس التقية لاجل انقاذ النفوس البريئة التي كان يريد هارون ظلمها فانه مارس التقية لاجل الابرياء من الشيعة وهذا ما اشار عليه الامام الكاظم عليه السلام .