تدور النقاشات بشكل خلافي في كل مرة يشرع قانون مفصلي أو تتشكل بنائيا مؤسسة من مؤسسات الدولة ، و سبب ذلك أن إتفاق معياري غير متحقق بين الاطراف السياسية في العراق ، فما هي المعيارية ؟
يوجد لهذا المفهوم تعاريف شتى في العلوم الانسانية خاصة علوم السياسة و الاجتماع ، و ليس هذا المقال معني في تقديمها و مناقشتها ، إلا أن معنى أن هنالك مرجعية تشكل معيار إجتماعي هو المضمون الأهم لما نريد أن نتحدث عنه ، و غياب المعيارية و هو مفهوم طرحه إميل دور كايم أبرز مؤسسي علم الإجتماع يعده أهم أسباب الخلاف و الصراع الاجتماعي ، و كان يدعوا إلى ضرورة إيجاد وحدة المعيارية قدر الإمكان .في سياق ما وصلنا له من حديثنا عن تحدي مشاريع القوانين الخاصة بالسلطة القضائية الاتحادية في العراق ، يتضح مفهوم غياب المعيارية بشكل كبير ، فالقوانين لمؤسسات هذه السلطة تشكل عصب وظيفة العدالة المرجوة منها ، و العدالة هنا وفقا لمفهوم المعيارية إلم يتفق على وحدة معنى لها سيشكل أساس الصراع ، فلا غرابة أن تجد مثلا أن طرفا يعتقد بإن المحكمة الاتحاديا العليا هي من شؤون العلوم الدينية التي تمثل إنتمائه الفرعي أو الايدولوجي و الذي يقابل إنتماء فرعي و ايدولوجية أخر ، و هذا بالفعل ما حصل فهنالك من يسعى إلى أن تتضمن هيئة المحكمة الاتحادية العليا أعضاء من طلاب أو علماء دين ، بل هنالك من ينظر لعموم مؤسسات السلطة القضائية وفقا لمعياريته الايدولوجية الاثنية أو المذهبية ، فيعمل من أجل إعادة هيكلتها عن طريق قوانينها بما يناسب تماهيها و إنسجامها مع معياريته أو هويته الفرعية ، بعد أن حقق هذا في السلطتين التشريعية و التنفيذية ، و لم يبقى أمامه إلا السلطة القضائية التي عمل رجالها على صيانتها من إفراغ بنائها و وظيفتها من رأس مالها
( العدالة الوطنية عبر القانون الوطني )