22 مايو، 2024 2:00 ص
Search
Close this search box.

المعهد التقني في كربلاء….حجر في المياه الراكدة

Facebook
Twitter
LinkedIn

تعاني معظم المؤسسات العراقية حالة من الركود و روتينية الانتاج و عدم ترك الاثر, و قد يعود ذلك لاسباب عدة, منها ان القيادات الادارية التي افرزتها متطلبات التغيير بعد عام 2003 ليست ذات كفاءة لازمة لادارة تلك المؤسسات كونها جائت بمحاصصات حزبية و فئوية ضيقة, و قد يكون السبب ايضا هو غياب روح العقاب  عن فلسفة الادارة في العراق و التي فرضتها حالة التغطية على الفساد الاداري المتبعة بشكل ممنهج على مدى اكثر من 10 سنوات, و غيرها من الاسباب.
غير ان مؤسسة اكاديمية بسيطة, منزوية في اطراف مدينة كربلاء, ليست ذات تاريخ حافل, و لم تلق يوما اهتمام السلطات المركزية او المحلية, و لا تعد رقما صعبا في معادلة المؤسساتية العراقية, ضربت انموذجا مختلفا عن ما اعتدنا عليه من ركود و جمود انتاجي في باقي المؤسسات العراقية.
نعم, المعهد التقني في كربلاء يمثل حجرا في بركة مياه المؤسسات العراقية الراكدة الاسنة, و رامي ذلك الحجر شاب عراقي لم يتعد عمره الاربعون عاما, و لكنه شعلة من الطاقة الحيوية التي لا تركد و لا تستكين, هو الدكتور المهندس ماهر حميد مجيد, دكتوراة في الهندسة, و خبير في مجال التنمية البشرية, و عمل ناشطا في المجتمع المدني الكربلائي لاكثر من عشرة اعوام, ارسى خلالها ثقافة التنمية البشرية في كافة مفاصل المجتمع الكربلائي.
استلم هذا الشاب مهامه كعميد للمعهد التقني في كربلاء في منتصف عام 2014 خلفا لعميد طال ركوده على كرسي الادارة في المعهد لمدة 11 سنة, لم يستطع من خلال تلك السنوات الاحد عشر ان يترك اثرا في المعهد كالذي احدثه عميدنا الشاب في عام واحد,  فقد قام بتغييرات جوهرية على مستوى الادارات الوسطى في المعهد و على مستوى الاماكن و على مستوى اللجان الساندة للعملية التعليمية و التربوية في المعهد. و لعل من اهم ما انتجه هذا العميد الشاب خلال عام من تسلمه للمسؤولية هو استحداثه للدراسة المسائية لاول مرة في تاريخ المعهد  و استحداثه لقسم طبي جديد و اكمال التحضيرات اللازمة لتاسيس كلية تقنية جديدة في كربلاء المقدسة.
اما على مستوى الطلبة, فقد حقق خلال عام واحد اعلى نسبة نجاح في المعهد منذ تاسيسه في عام 1988 و هي نسبة 85%, كما احدث ثورة في النشاطات الطلابية و خصوصا النشاطات الطوعية, و هذا ليس بغريب عنه, فقد سبق لعميدنا الشاب ان تسلم مهام ادارة قسم النشاطات اللاصفية في هيئة التعليم التقني لمدة ستة اشهر فقط, و خلال هذه المدة الوجيزة استطاع الدكتور ماهر حميد مجيد ان يشكل منتخبا طلابيا قويا للهيئة ليشارك في بطولة الجامعات العراقية و يكسب كاس البطولة لاول مرة في تاريخ الهيئة منذ تاسيسها في 1969.
و لازالت تلك الحركة الدؤوبة هي الصفة الغالبة في عمل السيد عميد المعهد بالرغم من جميع التحديات التي واجهها و لا يزال يواجهها في مسيرته الادارية. فمنذ اللحظة الاولى التي تسلم فيها مهامه كعميد للمعهد عملت عصابة من الروتينيين الفاشيين الفاسدين في المعهد على محاربته و تقويض سلطته, و لكنهم و بالرغم من كل ما قاموا به من شكاوى و تهم كيدية هنا و هناك لم يفلحوا في شيء, و كان من كرم اخلاق العميد الشاب انه لم يعاقبهم و لم يضايقهم ابدا بالرغم من مقدرته على ذلك, بل ظل حاضنا لهم من اجل المضي قدما في الادارة الرشيدة للمعهد.
و من بين التحديات ايضا هي قلة التخصيصات المالية بسبب سياسة التقشف التي اتبعتها الدولة تصادفا مع بداية مهامه كعميد للمعهد, و لكنه بالرغم من ذلك عمل جاهدا على تعظيم الموارد المالية في المعهد و لم يشعر احد بذلك التقشف, بل يعيش المعهد اليوم اوضاعا مالية افضل من ايام عميده السابق الذي كان يحير في كيفية صرف الموارد الكثيرة للمعهد.
ان ادارة الدكتور ماهر حميد مجيد للمعهد التقني في كربلاء المقدسة تمثل ذلك الضوء الذي ينتظره العراقيون في نهاية الانفاق المظلمة التي ادخلهم فيها الفاسدون و الراكدون, و توعد بجيل شاب حيوي قادر على تحريك المياه الاسنة التي باتت مؤسساتنا تغص بها
شكرا للدكتور ماهر حميد مجيد على ما احدثه من حراك فاعل و ايجابي.في (بركة المياه الراكدة)

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب