23 ديسمبر، 2024 12:19 م

المعلم بحاجة الى صلاحيات . لضمان المستقبل

المعلم بحاجة الى صلاحيات . لضمان المستقبل

من علمني حرفا ملكني عبدا المقولة المشهورة للامام علي ع وهذا يدل على على عظمة مكانة كل من يعلم شخص اخر ، والكثير يعتبر عمل المعلم او المدرس ايصال او نشر رسالة ، وكما قال الشاعر كاد المعلم ان يكون رسولا ، وهذا الوصف يدل على ان مكانة المعلم عظيمة ، فيجب ان تجد التقدير والاحترام الذي يليق بها ، فهي اكبر من مكانة الوزير والرئيس والبروفيسور فلولا المعلم لما اصبح هذا مهندس وذاك طبيب او هذا أصبح دكتوراه وذاك اصبح بروفيسور او خبير ، مهما كان موقعه ومركزه الفضل الاول يرجع للمعلم سواء كان معلم ابتدائية او مدرس ثانوية ، والكثير يعتبرونه الأب الثاني لأنه أيضا يشارك الاباء في تربية ابنائهم الطلاب ، وكانوا الآباء او الأمهات الذين يطلق عليهم تسمية اولياء امور الطلاب ، عندما يذهبون لتسجيل أبنائهم يقولون للمعلم وسابقا يسمى الملا عبارة ( ألك اللحم والنا العظم ) وحتى في الزمن القريب كانوا يقولونها للمعلم يحق لك ان تضربه فأنت معلمه ومربيه وتعلمه العلم والاخلاق ايضا ، وكانت مكانة المعلم في السابق كبيرة كونه مربي قبل كل شيء .
المكانة التي كان يتمتع بها الاستاذ سابقا مكانة كبيرة ومرموقة في المجتمع وكانت له هيبة في المجتمع خصوصا عند الطلاب ، فعندما كنا في المدرسة واثنا اللعب في المنطقة ، وبعد انتهاء الدوام او في العطلة وبمجرد رؤيتنا للاستاذ المعلم ، نهرب بسرعة كي لا يرانا نلعب وعندما نسمع ان الاستاذ سوف يمر من هذا الشارع نهرب الى الشارع الاخر ، علما انه لا يحاسبنا بل كنا نخجل منه لهيبته ، وفي حال انه ضرب احدنا كنا نخشى ان يصل الخبر الى أهلنا كي لا يحاسبوننا او يضربونا ايضا لأنهم يعتبرون ضرب المعلم لنا تأديب بسبب تقصير منا او فشل في الدروس وهم يقفون مع المعلم باعتباره مربي للاجيال .
هذه المكانة التي كان يتمتع بها المعلم او المدرس اختلفت كثيرا عن السابق وهذا ليس بسبب تقصير من الاستاذ لكن هناك عدة ظروف عصيبة عاشها الاستاذ ، اهمها الحالة المعيشية التي عاشها بسبب سياسات النظام البائد ، التي جعلت أجرة العامل اليومية تعادل راتب الاستاذ وهذه اهانة كبيرة للمعلم والعلم ايضا ، وللاسف هذه الحالة اثرت على مكانته بسبب ان نظرة المتخلفين الذين لا ينظرون للجهد الذي يقوم به ولا الى الرسالة التي يقوم بنشرها بل ينظرون الى الحالة المعيشية الصعبة التي عاشها فبدل مساندته وانصافه يجد الاستهانة من قبل المتخلفين استهانوا بمكانته ، رغم كل هذا استمر المعلم في اداء واجبه على اتم وجه رغم الظروف الصعبة التي عاشها ، وللاسف لم يجد الاساتذة من يدافع عنهم وعن حقوقهم ومكانتهم في حينها ، وهم ظلوا ينتظرون اليوم الذي يجدون فيه الانصاف ليودعوا المهانة والحرمان بسبب شغف العيش وقلة اليد .
للاسف ان الهيبة التي كان يحظى به الاستاذ قد اختفت اليوم اكثر من اي وقت حتى عند الذين يفرضون شخصيتهم ، وهذا انعكس سلبا على مستوى الطلاب قبل غيرهم وهذا لا يعني تقصير من قبل الاساتذة بل ان السبب الأهم سلوك الطلاب الذين لم يجدوا التربية الصحيحة ، وبسبب رفض اولياء الامور محاسبة ابنائهم من قبل المعلمين ، لدرجة ان بعض الاساتذة يتلقون تهديدات وسب وشتم من آباء او أمهات الطلاب في حال محاسبة طالب فاشل او اساء الادب ، فبدل ان يشكروا الاستاذ على محاسبة ابنائهم يتهجمون عليه ، وهذه الحالات شجعت بعض الطلاب فاقدي التربية الذين يعكسون مستوى همجية آباءهم وأمهاتهم ، وصل الحال ان بعض الطلاب يسيء لاستاذه فبعضهم يدخن امامه ويستهزأ به واحيانا يشتمه اذا رسب في الدرس  ، فاصبح الاستاذ مقيدا لا يستطيع محاسبة الطلاب ولا يستطيع تربيتهم بالصورة الصحيحة لانه سيدخل في مشاكل لا تحمد عقباها ولن يجد من يقف بجانبه كمطالبته بفصل عشائري وغيرها من الاساليب الهمجية .
وبسبب اولياء الامور الذين لا يعرفون التربية اصلا لانهم بالاساس لم يتلقوا التربية ، فمن الطبيعي ان يكون مستوى ابنائهم صفر ، والانكى انهم يرفضون تربيته في المدرسة ، لدرجة انهم يشتمون الاستاذ الذي يحاول تاديب ابنهم المشاكس عنما يسيء للطلاب ويؤثر على الدرس ، او عندما يحاسبه بسبب فشله في درس فبدل ان يجد الشكر على موقفه تجده يقع في مشكلة ، واصبح الاستاذ متفرجا على تدني المستوى ووقاحة او إساءة أدب هؤلاء الشرذمة ، حتى انه عندما يرى طلاب يتعاركون يخشى التدخل كي لا يتورط ، وها نحن نرى اليوم مستوى الطلاب نجد طالب في المتوسطة لا يستطيع ان يكتب جملة بدون خطأ ، حتى طلبة الكليات اغلبهم لا يمتلك ثقافة عامة لانه اصلا لم يصل لهذه المرحلة باستحقاق بل اعتمد على الغش والتزوير في فترة غابت الرقابة بسبب الفوضى فاصبحت الشهادة اليوم لا قيمة لها .
ان المستوى التربوي بحاجة الى اعادة نظر فيجب اعطاء الاستاذ الصلاحية الكاملة كصلاحية الاب وكذا الاستاذة يجب ان تتمتع بصلاحية كصلاحية الام فمن حق الكادر التدريسي ان يحاسب الطالب حسب مستوى التقصير فمن حقه ان يوجه له العقوبة التي يستحقها ، لكي تعود الهيبة للاستاذ والهيبة تنعكس على مستوى الطالب بالايجاب فلكل طالب اسلوب هناك من يستقيم بالكلمة والارشاد وهناك من لا يستقيم الا بالضرب ، وهذه هي العملية الصحيحة بعيدا عن نفاق الذين يرفعون شعارات الدفاع عن الاطفال التي تطلقها بعض منظمات المجتمع المدني ، وبهذه الصلاحية سنجد الطلاب يحسبون الف حساب للدرس وهذا سيرفع من مستواهم الذي سيجعلهم يحصلون على الدرجات العالية ، وستعود هيبة الاستاذ امام الطلاب الذين سيجتهدون ليضمنوا المستقبل .