22 نوفمبر، 2024 7:05 م
Search
Close this search box.

المعلم

لست معلما .. ولا ادعي بان لدي معرفة كبيرة بأحوال المعلمين لكني وبحكم عملي في مجال الصحافة فقد تمكنت من زيارة عدد من المدارس والمؤسسات التعليمية في مناسبات عدة واجريت بعض اللقاءات مع معلمين ومشرفين تربويين وتعرفت فيها على اوضاعهم عن قرب ، وكذلك تمكنت من خلال احاديث متفرقة تبادلتها مع بعض الاقارب والاصدقاء في الآونة الاخيرة من الاطلاع على الكثير من المعلومات التي تخص العاملين في هذه المهنة التي كانت في يوم ما راقية مقدسة في نظر الناس بخلاف حالها اليوم ، فقد كان الكثير من الناس فيما سبق من ازمنة ينظرون الى الانسان الذي يعمل في مجال التعليم على انه شخص نخبوي وحامل لرسالة انسانية واجتماعية مهمة ، ولكن يبدو لي ان زمان احترام المعلم والتعليم قد ولى واصبح الغالبية العظمى من العاملين في هذه المهنة في نظر عامة الناس كغيرهم من اصحاب المهن الاخرى كالأطباء والمحامين ممن اصبح الربح المادي همهم الاكبر وغايتهم العظمى ، حيث لم يعد الكثير منهم مهتما بالمهمة الاساسية لهم وهي تنشئة جيل صالح وبناء الانسان الفاضل الذي يعمل على خدمة بلده وامته بكل تفاني وصدق واخلاص ، وما الدليل على صحة كلامنا الا انتشار لافتات الاعلان الكثيرة التي صارت تملأ الشوارع والطرقات وتروج لمعاهد التدريس الخصوصي ، بالإضافة الى انشاء الكثير من المدارس الاهلية واقبال الكثير من الناس عليها ممن تسمح لهم امورهم المادية بزج ابنائهم فيها بدلا من ارسالهم الى المدارس الحكومية ، ما يؤكد بان المعلم لم يعد قادرا على تأدية رسالته على اكمل وجه او ان يوصل المادة العلمية لتلاميذه بالشكل المطلوب ، فيما يتهافت بعض المعلمين على بذل مجهود كبير في ميدان التدريس الخصوصي لكسب اكبر قدر من المال ما يؤثر بشكل سلبي على ادائهم في المدارس ، ويعود تردي اوضاع المعلم والتعليم الى عدة اسباب لا يتسع المجال لذكرها هنا ، لكننا نعتقد بان صعود الكثيرين ممن لا يستحقون العمل في هذه المهنة نتيجة للأوضاع السياسية المتردية بفضل نظام المحاصصة الطائفي والحزبي الذي اسسه المحتل الاميركي قد ساهم بشكل كبير في هذا الوضع المتردي لهذه المهنة ، والاسوأ من ذلك هو ان بعض هؤلاء قد وصلوا بفضل دعم احزابهم لهم الى مواقع متقدمة ، والبعض من هؤلاء غير قادرين على تربية ابنائهم اصلا لعدم امتلاكهم المؤهلات العلمية والاخلاقية للقيام بذلك فضلا عن العقد النفسية التي اكتسبوها من التنشئة غير الصحيحة والظروف غير السليمة التي مروا بها فما خطبك ايها القاري العزيز بتنشئة اجيال وتعليمهم ! .
ان اعادة النظر بالنظام التعليم في بلدنا امر لا مفر منه في حال اردنا تغيير واقع التعليم والمعلم ، اذ ان الدول المتقدمة تضع شروطا قاسية لمن يريد العمل في هذه المهنة وذلك لإدراكهم حجم المسؤوليات الجسام التي تلقى على عاتق المعلم والمهام الكبيرة المناطة به في تربية الاجيال الجديدة وتنشئتها التنشئة الصحيحة ، ولكن لنا ان نسأل هنا ونقول : هل يمتلك السادة المسؤولين الارادة والامكانيات لفعل ذلك في ظل هذا النظام السياسي ؟ سؤال اترك اجابته لك قارئنا الكريم ، على امل ان تنصلح احوال المعلم والتعليم في قادم الايام .

أحدث المقالات