18 ديسمبر، 2024 9:38 م

السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات الأعزاء
نلتقي اليوم مرة أخرى في مكتبة الحكمة ضمن فعالياتها وأنشطتها الثقافية والفكرية والأدبية، ومع الأخ والصديق الدكتور محمد عبد العزيز ربيع حيث أن الدكتور ربيع الذي تنطبق عليه مقولة
“المعرّف لا يعرّف”. إن الدكتور ربيع ليس من أبرز النشطاء في الجالية العربية في أمريكا في مجال الفكر والأدب فقط، بل نحن أمام رجل بمثابة كنز من المعلومات ومن الطاقات النادرة في الوقت الراهن. إذ أنه مبدع في مجالات الفكر كافة، فقد كتب في التاريخ وعلم الاجتماع والفلسفة والسياسة وعلومها والاقتصاد و بكل صنوف الأدب وفنونه، قصة وشعر ورواية، بالإضافة إلى ذلك فالدكتور ربيع، رجل علم ويؤمن بمدرسة العقل وليس النقل… العقل الذي صار اليوم عملة نادرة في هذا الزمن الرديء إذ بدون العقل لايمكن للأمة أن ترى النور في نهاية النفق المظلم الذي نحن فيه.
الدكتور ربيع ورشة عمل فكرية، إذ صدر له أكثر من 30 كتابا في مواضيع متنوعة بالعربية وثلاثة عشر كتاب باللغة الإنكليزية، وله خمسة عشر كتاب جاهزآ للنشر في علم الاجتماع والفلسفة والثقافة والأدب ضمن سلسلة فكرية متتابعة، وكما تشاهدون نعرض أمامكم بعضا من نماذج كتبه المتوفرة في مكتبتنا. ومن كتبه المميزة كتاب (ذكريات تأبى النسيان ) والذي هو أكثر من كتاب سيرة ذاتية إنه سفر في رحلة الإنسان الفلسطيني وتاريخه وكل ما مر به من مآسي ومحن والتي لم يعاني منها أي شعب آخر في التاريخ الحديث، ليس فقط في القتل وعذابات التشرد الإنساني بل في قتل الوطن والهوية والتراث والثقافة وسرقتها من أبشع عدو مغتصب، وبتواطيء القريب والغريب…. إن الشعب الفلسطيني رغم كل ما ارتكب ويرتكب بحقه من ظلم، سوف لن يقهر ما دام هناك رجال يتسلحون بالعقل والفكر من أمثال الدكتور ربيع والملايين غيره من الشعب الفلسطيني. ولن تنطلي عليهم سموم بعض المرتزقة ووعاظ السلاطين والظلام والخونة من أمثال باسم جرار وصلاح الدين أبو عرفة المأجورين لتسويق مشروع القرن لبيع القضية الفلسطينية عبر التضليل وحرف البوصلة عن العدو الحقيقي وعزل هذا الشعب عن أخلص وأقرب أصدقائه ومحبيه. الدكتور ربيع هو من نخبة المفكرين الرواد من حملة شعلة التنوير ضد الجهل والأنفلات والتخلف الحضاري في الأمة العربية ومهموم بالأنسان العربي بشكل عام والشأن الفليسطيني بشكل خاص وكان سلاحه هو العلم والفكر والأدب والأعلام والحداثة .. بالقلم والكتابة والتدريس الجامعي والمحاضرات والندوات والمؤتمرات والأبحاث والمقالات بكافة الوسائل والقنوات الأعلامية والفكرية المكتوبة والمسموعة والمرئية من صحافة وصحافة اليكترونية فأصبح له لقاء أسبوعي كل سبت يتابعه الآلاف عبر شبكة الفيس بوك يتناول من خلاله مختلف المواضيع .
أخوتي الأفاضل الأعزاء, نحن اليوم في أمسية خاصة وفرصة ثرية أجتمع فيها نخبة مميزة من المثقفين ورجال العلم والمهتمين بالفكر والفلسفة, وأني لا أبالغ أن أقول بأني أعرف معظمكم معرفة شخصية وهناك بعض الأصدقاء أعرفهم منذ أكثر من 25 عامآ والجميع يشترك بخصلة مهمة جدآ وهي النية السليمة الأيجابية في الأهتمام بالشأن العربي وهمومه وكيفية الخروج من النفق والمستنقع الذي نخوض فيه الي برالأمان وبالرغم من عدم التطابق على الوسيلة الأنجع والأسرع والحل, ولكنكم غير مختلفين في الأهم وهو حب هذه الأمة والرغبة الصادقة لأيجاد الحل وهذا هو المهم وهو الخطوة الأولي في الصعود في سلم الخروج من هذا المستنقع وكما قيل أن الأختلاف لا يفسد للود قضية وقول الأمام الشافعي ” رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ” ولذلك ليس العيب في الأيمان أو أيمان أي كان ولكن السؤال هو ما نوع هذا الأيمان هل هو أيجابي أو سلبي فالأيمان الأيجابي هو بالقيم والخلق والمبادئ وفهم الدين الصحيح فلولا الأيمان لما تطورت الحضارة والأنسانية سوء في العقائد والأيدولوجيات بالقيم والأخلاق والسلوك والسياسة والعلوم وبالتالي لولا أيمان العلماء والمخترعون بأفكارهم وبرغم كل العقبات والمصاعب والفشل أحيانآ ومحاربة الوسط المحيط لهم لما رأينا اليوم هذا التقدم الهائل في التكنولوجيا وبكل العلوم الطبيعية والطبية وكذلك أيمان المفكرين والحكماء والمصلحين مما أوصل الحضارة الي ما وصلت اليه اليوم من تقدم. ولكن العيب وكل العيب في الأيمان السلبي من أحتكار الحقيقة ومحاولة البعض بفرض وجهات نظرهم وأفتراضاتهم وآرآئهم علي الآخرين بكل الوسائل المشروعة والغير مشروعة. ويصل أحيانآ الى التطرف وتكفير الآخر وقتله كما يفعل مجانين داعش وغيرهم وبالتالي كيف لنا أن نجعل من الأختلاف نعمة للتطور والبحث عن طرق جديدة أكثر نجاحآ وتقدمآ وليس الي التمزق والتقاتل والحقد والرغبة في أبادة الآخر .. ويجب التبصر أن الحقيقة أكبر من أن يحتويها أي شخص أو فكر وأن لها زوايا وأبعاد وألوان مختلفة, وان هنالك أفكارآ وفرضيات نؤيدها وأخري نأخذها بتحفظ وغيرها نتجنبها حتي يتم أثباتها بالتجربة والعلم وتحولها من فرضيات الي نظريات وقوانين وحقائق مسلم بها ويجب أن نكون مع الرأي وليس صاحبه بكل عدالة وموضوعية وبما يقربنا من الحقيقة وأن يكون العدل والأتزان والمنطق العقلي هو الفيصل في الحكم على الأمور فليس من المنطق أن نري البعوضة من هفوة الآخر ولا نري الفيل من الخطأ والسوء من جانبنا حيث ذلك يفقدنا المصداقية والشفافية وبالتالي نخسر الكثير من المشروعية في المطالبة بحقوقنا فلا يمكن أن نشكو من ظلم من هو أقوى منا ونمارس نفس الرذيلة على من هو أضعف منا أو نعتقد ذلك لآننا أكثر منهم عددآ ونسبة فالكثرة لا تعني بالضرورة الرؤية السليمة. وكما يجب أن نؤمن بأن هناك أمور من المستحيل أثباتها ويتساوى فيها الشك مع اليقين لذا فلكل طرف لديه حجته ودلائله ولكنها تبقى غير قاطعة وحاسمة ولذا يجب أن نبقي الباب مفتوحآ للعمل على توفير المزيد من الحقائق والأثباتات : مع التسليم بضرورة أحترام الرأي والرأي الآخر ومطلق الحرية في أتخاذ هذا الرأي أو ذاك وأن يكون معيارنا هو أتجاه البوصلة أين تتجه ولمصلحة من تصب وبغض النظر عن القوى الدافعة لها وبالتالي هو الأختبار الحقيقي للنوايا وسلامتها. وبذلك يكون المعيار بأننا نسير بتحضر الي الأنسانية وبعكسها نكون وحوشآ بشرية مسخ لم تزل اسيرة عالم الحيوان, وكما قلنا سابقآ أن خط القيم والأخلاق والتي محصلتها الضمير مع خط الذكاء يجب أن يكونا متوازيين ومتطابقين فأي أنحراف لخط الذكاء عن الضمير يكون بداية للتحول من الأنسانية الي نقيضها.
وأخيرآ نحن اليوم بلقاء مميزة من الأثراء الفكري سواء في سماع حزمة من الأفكار القيمة والجديدة والفرضيات التي تستحق التفكير بها والوقوف عندها بتأمل. وكذلك سماع العديد من الأسئلة والأستفسارات التي تثري النقاش وتحفز الجميع في الأبحار والحركة بدلآ من الجمود والخمول الفكري والأستسلام السلبي للأحداث.
وفي الختام أشكركم جميعآ على تلبية هذه الدعوة السريعة وأود أن أكرر تهنئتي لكم جميعآ بعيد الأضحي المبارك راجيآ من الله أن يمن على الجميع الخير والصحة والنجاح. كما أشكر وأتمنى للدكتور محمد عبدالعزيز ربيع رحلة عمل علمية موفقة الي الجامعات الألمانية ونتمنى له العودة الي أهله وأصدقائه ومحبيه وهو بألف خير.
وشكرآ