لا يختلف اثنان على ان المواطنة اضحت موضوعا داخلا في حقول معرفية متعددة وهذا يستلزم معرفتها معرفة دقيقة من اجل فك طلاسمها ونشرها كعلامة فارقة في الفكر الانساني فضلا عن جعلها ثقافة عامة يقتات عليها المواطنون في ابسط مفردات حياتهم وبالتالي تتشارك مكونات المجتمع كافة في بلورتها والترويج لها , من هذا نخلص الى ان المعرفة شرط جوهري للامساك باساسيات المواطنة وترويجها وتسويقها بالمجتمع وحث الناس على تبنيها والدفاع عنها وحث الدولة على اخراجها (اي المواطنة) من درج التعاطي النظري الى ميدان التعاطي العملي مع مفرداتها عبر ربطها بالواقع السلوكي المعاش من قبل المواطنين وهذا كله يدفعنا الى اطلاق سلسلة من الاستفهامات : ما مدى معرفة مواطنينا بمفهوم المواطنة ؟ وهل يعي المواطن العراقي ان المواطنة تعترف بالتنوع والتعدد العقدي والمعرفي واللغوي والايديولوجي والسياسي والثقافي والطائفي والاقتصادي والاخلاقي وانها تعمل على ايجاد قنوات لصيانة هذا التنوع واحترامه فضلا عن اغناءه عبر اثراء المضامين والمفردات المدنية والحضارية للمواطن والوطن ؟ وهل يعي المواطن العراقي ان المواطنة اذا ما فهمت بشكل صحيح واذاما تم تبنيها وفقا للضوابط الواعية فانها توفر مساحة له كي يعمل على تطوير نوعية الحياة في المجتمع فالوطن لا يمكن ان يتطور الا بجهود المواطنين الساكنين فيه والمكونيين له , وهذا ما يدفع للتذكير بركائز الدولة المدنية الحديثة الخمس التي ذكرناها في مقال سابق (المواطنة , الديمقراطية , احترام القانون , عمل المؤسسات , العلم الحديث) حيث قلنا اذا حضرت ركيزة المواطنة فان الركائز الاخرى تحضر والعكس صحيح لذا ومن اجل خلق وعي حقيقي وناضج حيال مفهوم المواطنة يجب ان تكون هناك رؤيا متبناة من قبل جميع السلطات داخل الوطن وهذه بدورها تتقوم من خلال جهد منظم وواع يدفع المواطن الى التبني التدريجي للمواطنة من اجل تحقيق نصاب الركائز الاربع المتبقية للدولة المدنية الحديثة .