18 ديسمبر، 2024 10:04 م

المعرفة والإيمان ..أساس القرب ومجاورة الرحمن.

المعرفة والإيمان ..أساس القرب ومجاورة الرحمن.

إنَّ دين الإسلام موافق لخلقةِ الإنسانِ وفطرتهِ، فلا تناقض يُذكر بينه وبين فطرة الإنسان ولذلك هو دين الفطرة.
ومن خلال ذلك كان التقرب إلى الله (سبحانه وتعالى) غاية وقوام كل عبادة وعمل في الإسلام ، ومن دونه لا عبادة هناك ، بل هو الغاية من خلق الإنسان ، ، التقرب له تعالى وهو قوام العبادة.
كما أن التقرب له عز وجل روح الدين وثمرة حياة الإنسان الذي يتكامل به في حركته التكاملية الصاعدة إلى الله ، فقيمة الإنسان وعمله في مقدار قربه من الله(سبحانه وتعالى).
وإن الله عزَّ وجلَّ خلق الإنسان وحدَّد له المنهج الذي يتبعه بما يتوافق مع طبيعة الإنسان ويناسبه، وذلك المنهج هو الدين.
ولما كان القرب من الله تعالى هو غاية المنى، لا بد لمن جعل القرب هدفًا أن يسعى لتزكية نفسه، لأنه لا قرب بلا تزكية؛ ومن هنا فإن العبد كلما زكى نفسه، كلما حاز على درجة من درجات القرب، وإذا ارتقى في سبيل القرب، فليس إلا لأنه أفلح في تزكية نفسه وتهذيبها.
فينبغي للمرء بعد أن يزيل أمراض نفسه، أن يسعى لتكميلها وتربيتها، حتى تغدو قادرة على حث الخُطى في طريق السير والسلوك إلى الله.ولما كانت طبيعة النفس البشرية في حركة دائمة، وهي إما أن تتحرك في الصراط المستقيم، أو أن تنحرف في طريق الضلال.
وهي لا تكتفي بمخاطبة القلب والوجدان والاعتماد عليهما أساسًا للاعتقاد، بل تتبع مسائلها بالحجة المقنعة الدامغة، والبرهان الواضح، والتعليل الصحيح الذي يملك أزمّة العقول ويأخذ الطريق إلى القلوب.
الرمز الإنساني الذي يتعدى سمة الأزمنة وتأثيرات الأمكنة وبلا شك مثل هذا الرمز سيعزز العديد من الرؤى؛ كالذائقة والإقناع والمعنى، ويستنهض الوجدانية كبنيةٍ تمثلُ الصيرورة الدلالية.
إن الأمة لن تقوم من كبوتها, ولن تستيقظ من غفلتها, إلا عبر رجال أشداء على الكفار رحماء بينهم, نعم رجالٌ صنعتهم العقيدة القوية, وصقلتهم المحن الشديدة, رجال لا تأخذهم في الله لومةُ لائم, رجال كالأسود ليوثٌ, وكالسحاب غيثً, وكالجبال قممٌ، وكالنار حممٌ, رجال يصْدُقُ فيهم قول الحقِ جل في عُلاه:
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب 23].
ومن هذا المنطلق الإيماني اليقيني فقد أشار الأستاذ المحقق الصرخي في بحثه التفسيري عن مجاورة الرحمن قائلاَ :
((إذا تنورت ذات الإنسان بالإيمان اليقيني والمعارف الإيمانية والعمل بمقتضاها فقد حصل له ما هو سبب دخول الجنان ومجاورة الرحمن ، فالعبد لو خلي ساعة من توفيق الله تعالى لوقع في الظلمات ))
مقتبس من بحث التفسير ( النور والظلمات ) الأستاذ للمحقق السيد الصرخي .
https://a.top4top.net/p_7535i9n31.png
لكي يصلُ الإنسان إلى درجة القرب الإلهي عليه أن يُحقق المعرفة والإيمان بالله تعالى هما أساس التكامل والقرب الإلهي، إن مَنْ لا يعرف هدفه، والمصير الذي يؤول إليه، ولا يؤمن بهما، فإنه لن يسعى للتزكية والقرب من الله تعالى، وبالتالي فإنه لن يقطعَ مسافةً على الصراط المستقيم؛ وبما أنه في الدنيا لم يطوِ الطريق فإنه في الآخرة لن يجوز الصراط