23 ديسمبر، 2024 12:21 ص

المعجزات في قصص الأنبياء 1/2

المعجزات في قصص الأنبياء 1/2

تكاد تكون جميع الديانات الإبراهيمية مقترنة بعقيدة المعجز النبوي، أي تلك الظاهرة الخارقة للعادة التي يظهرها الله على يد نبيه، من أجل دعم دعواه بالنبوة، ودفع الناس للتصديق به، أو إلقاء الحجة عليهم. ومصطلح (المُعجِز) أو (المُعجِزة) هو اسم فاعل للفعل الرباعي المزيد (أعجز، يُعجِز، إعجازا)، من الثلاثي (عَجَز، يَعجَز، عَجزا)، يعني كما هو واضح جعل الآخر في حالة من العجز، أي إتيان فاعل الإعجاز، أو المُظهَر من الله على يديه المُعجِز أمرا يعجز المُظهَر له المُعجِز عن الإتيان به، مقترنا بالتحدي ودعوى النبوة. وتسمى المعجزة حسب المصطلح القرآني أيضا بالآية، إذ لفظ (الآية) يرد في القرآن بأربعة معاني؛ المعجزة، الغضب الإلهي، العلامة الكونية على القدرة والإتقان الإلهيين، المقطع من السورة بين فاصلة وأخرى من الفواصل القرآنية. وقد تظهر الظاهرة الخارقة للعادة على يد غير الأنبياء، من صِدّيقين وقِدّيسين وأئمة وأولياء، وهذا ما يصطلح عليه في الإسلام بالكرامة، تمييزا له عن المعجزة المختصة بالرسل والأنبياء حصرا.

والمعجزة إذا كانت من الممتنعات العلمية، فهي ليست من الممتنعات العقلية (الفلسفية). وهذا يفسر على أن ما كان ممتنعا علميا، أي على ضوء نواميس الطبيعة وقوانين العلوم الطبيعية، فهو ممتنع الإتيان به على من هو خاضع لتلك النواميس والقوانين، أو السنن كما يصطلح القرآن، ألا هو المخلوق (الإنسان)، ولا تسري استحالة الإتيان بذلك على الخالق، لأنه هو الذي خلق الطبيعة وقوانينها ونواميسها، وجعلها سارية على مخلوقاته، غير معجزة له سبحانه في خرقها أو تعطيلها. وهناك تفسير آخر مفاده أن الله لا يعطل عند إظهار المعجزة قانونا من قوانين الطبيعة، بل يوظف من أجل إظهارها قانونا من قوانينها غير المكتشفة من قبل الإنسان، على أقل تقدير في زمن ظهور المعجزة. الفهم الأول كان مني، وربما قال به بعض المفسرين، أما هذا الأخير، فهو ما كان يذهب إليه المرجع الراحل محمد حسين فضل الله، وهو مما سمعته منه مباشرة. وسنبحث ما إذا حدوث المعجزات قد حصل فعلا، ثم مع فرض حدوثها، ما مدى علاقتها بصدق دعوى النبوة.