10 أبريل، 2024 11:48 ص
Search
Close this search box.

المعايير الوطنية والأخلاقية لسلطة الاحتلال في العراق – 8 / العراقيون المهجَّرون في سوريا ، هل من مغيث ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

العراقيون المهجرون والمهاجرون إلى سوريا بسبب الأوضاع الأمنية التي أعقبت احتلال العراق وإفرازاتها الطائفية والإجتثاثية والإنتقامية والذين تجاوزت أرقام تعدادهم أكثر من مليون مهجر بعد أن عاد منهم أو هاجر إلى دول أخرى ما يقارب من تبقى بسبب ضيق الحال أو انفراج بالموقف في مناطقهم أو بالعودة إلى شمال العراق  أو إلى غير محافظاتهم أو بسبب حصولهم على لجوء أو توطين أو إقامة في دول أخرى ، أصبح تواجدهم في سوريا (وضمن ظروفها الحالية والتهديدات الأمنية والقراءات السياسية المستقبلية للنظام الحاكم الذي تحسب له أيا كانت المواقف منه حسنة وفضيلة قبول هذه الأعداد الضخمة من المهجرين وتسهيل دخولهم وتأمين إقامتهم) أمراً يثير القلق والخوف مما يعرضهم لمخاطر الحياة وعدم النجاة بعد أن كانوا آمنين على حياتهم  وهذا ما كان يعنيهم ، مع أن ظروفهم المعاشية وأوضاعهم الاقتصادية ومناطق سكناهم وصعوبة اندراجهم بالعمل والحصول على ما يعينهم على العيش الذي اعتادوه في العراق  كانت قاسية ولم تكن يسيرة أو ناتجة عن خيار ، كان وجودهم وبالأخص من بقي منهم طيلة هذه السنين وجودا مؤقتا على أمل الانفراج وتحسن الأوضاع الأمنية ليعودوا إلى ديارهم و وطنهم .
إن طبيعة الصراع في سورية معروفة الأبعاد والتنبؤات وما لم ينقذ الله سوريا وشعبها الشقيق من فتنة سقوط الدولة وفوضى الاقتتال الطائفي والعرقي ، فإن ظروف العراقيين المتواجدين فيها ستكون كارثية بالحجم والشدة خصوصا وانهم غرباء لن يكون الحصول لهم على ملاذ آمن سهلاً مهما حاولوا الوقوف بحيادية أو عدم الانخراط بصلب الصراع السوري كونهم ضيوف ينبغي أن يتمسكوا بأخلاق الضيوف في كل الأحوال رداً للجميل !.
قبل دقائق وأنا بصدد إكمال هذا المقال توقفت على أثر هاتف من إعلامي عراقي يقيم في الاردن معروف يخبرني عن وقوع مظاهر واضحة للعيان  اليوم بين أوساط المهجرين بدأت بمطاردة ومتابعة العديد من الشخوص العراقية المتواجدة في سوريا منهم ضباط سابقون وأكاديميون وإعلاميون وسياسيون معارضون لتسليمهم إلى السلطة العراقية وربما تتم الملاحقة من قبل أفراد ميليشيات وجهات أمنية عراقية أو بحث وضغط من السلطة العراقية كما اخبرني بان إدارة قناة الرأي الفضائية قد أبلغت بضرورة غلق القناة والمتكلم على الهاتف يتحدث بلغة المتأكد من كلامه . أنا أرجو من صميم القلب ان لا تكون هذه الأخبار المنقولة صحيحة ، ولكن من المؤكد ان المساومة على تسليم العديد من  المهجرين في سوريا المطلوبين من قبل السلطة العراقية قائم وسيتجدد مع تفاقم حجم الضغوط والتأزم على النظام السوري من أطراف عديدة ، بل من المؤكد أذا  انفرطت الأمور لا سامح الله ، سيجد كل عراقي مهجر متواجد في سوريا نفسه في خطر في أجواء نشاطات المخابرات الأجنبية والإقليمية والأحزاب والميليشيات المتنفذة أو المعارضة في الساحة السورية .
أخلاقياً و وطنيا العراقيون المتواجدون في سوريا لأسباب قاهرة هم شأن عراقي والعناية بهم والتفكير في تأمين عودتهم واجب وطني وسياسي ومسؤولية تفادي حدوث كارثة بهم وبعوائلهم ومصالحهم ينبغي أِّن تكون في حسابات الساسة العراقيين مهما كانت توجهاتهم ومواقعهم والمساومة على أرواحهم ومصيرهم خيانة وعهر سياسي ينم عن غياب للقيم والمواطنية الحقة ناهيك عن كونه ينصب في إثارة المزيد من التناحر والعنف الطائفي والعرقي والقبلي في وقت نحن بأمس الحاجة إلى تناسي الماضي القريب ومأسييه والتأسيس لوحدة وطنية ومصالحة حقيقية لا دعائية أو ابتزازية وهذا ما تمَّ التأسيس له في كل شعوب الكون التي ابتليت بالاحتلال في فترات تحرير البلاد ونزوح المحتلين . السلطة العراقية رئاسات وحكومة ونواب وهيئات مطالبة جميعا بموقف وردود فعل وإجراءات احترازية و وقائية تحول دون حصول كارثة تهجير المهجرين وترويع اللاجئين في سوريا ،علما بأن أحداث الصراع السياسي في العراق اليوم وإنذاراتها بالشؤم أججت منذ أشهر موجات هجرة كبيرة إلى الدول المجاورة وبسبب الاصطفاف والسياسات الطائفية .
 إن كارثة مثل هذه لو وقعت ستطال أرواح آلاف من أبنائنا وأطفالنا وشيوخنا ونساءنا وحينها لن تنفع مخيمات دولية ولا صيحات إنسانية لتامين الخيَّم والمخيَّمات الحدودية والإعانات الإنسانية لعراقيين تشكل حجم موزانته المالية حاليا ما يفوق حجم موزانات كل الدول العربية المحيطة به .
والكارثة العراقية الإنسانية إذا وقعت لن تعفي دول العرب والجوار من واجباتهم ابتداء من تلافيها وتجنب حدوثها وانتهاء بمتطلبات الاجراءات الإنسانية التي يفترض ان تتعامل بها مع العراقيين ، السلطة الكردية في شمال العراق والجارة تركيا معنية إسلاميا وإنسانيا بما يتطلبه الموقف المستجد والأشقاء العرب في الأردن الذي يتحملون أعباء تواجد المهجرين العراقيين منذ سنين من المؤكد أنهم سيتحملون المزيد وهم أهل لذلك وعلى دول الخليج ومصر والمغرب العربي رغم الظروف القاهرة والصعبة أن يفتحوا صدورهم لتحمل أعباء وهول الكارثة المتوقعة بكل جهد و مسؤولية .
نعم المشكلة والكارثة عراقية ولكن العراقيون عرب ومسلمون ولهم بحكم ذلك حقوق والتزامات على أهلهم وأخوتهم  وما تفسير هذا التباين في تلوينة مكونات شعوب العرب والمسلمين اليوم إلا نتاج ما ألت اليه أوضاع العديد منهم بالأمس من موجات نزوح وهجرة ، في ظرف أصبح به العراقيون اليوم به على اشد الحال عسرة وضيق ، اللهم فرِّج عنهم وارحمهم من كيد الكائدين وشر المعتدين فهم لن يعجزونك وأنت المستعان ، اللهم إني بلغت فاشهد .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب