18 ديسمبر، 2024 11:19 م

المعاير الشرعية العلمية…لا معايير التكفير والرجعية.

المعاير الشرعية العلمية…لا معايير التكفير والرجعية.

من القضيا الثابتة عقلا وواقعا ان في الحياة الفكرية والعملية حقا وباطلا، وصحيحا وخطا، وظلما وعدلا….، ومن الثابت ايضا ان ثمة صراع أزلي بين تلك المتضادات وأصحابها، والسؤال المطرح هنا كيف يميز الإنسان بين الحق والباطل وبين الصحيح والخطأ وبين العدل والظلم… وما شاكله؟ ، وكيف يعرف صاحب الحق وصاحب الباطل، والمصيب والمخطىء، والعادل والظالم؟، وخصوصا اذا لبس الباطل ثوب الحق، فهل هناك مقياس او معيار تعرض عليه تلك القضايا لمعرفتها والتمييز بينها؟، وبعبارة أخرى هل ان القبح والحسن للأقوال والأفعال هو ذاتي وليس للأشخاص والعناوين والأسماء مدخلية في تحسين هذا الفعل او هذا الموقف و تقبيح ذاك الفعل اوذاك الموقف، ام ان المقياس والمعيار هو الأشخاص أو الأحزاب أو العشيرة، او السلطة، او المال أو الكثرة، أو….؟!!!، فما يقوله او يفعله فلان او الحزب او العشيرة او الحاكم أو صاحب المال والعطاء والبذل…، فهو حق وصحيح وعدل…!!!.
بالتأكيد ان منطق ربط الحق والباطل والصح والخطأ والعدل والظلم بالأشخاص والعناوين والأسماء والجهات هو منطق جاهلي رجعي قمعي يرفضه الشرع والعقل والأخلاق، وتمجه الفطرة، ولهذا نجد ثمة ضوابط ومعايير شرعية عقلية أخلاقية إنسانية لمعرفة الحق والباطل، والتمييز بينها، فلا يوجد في الشرع ولا عند العقل والأخلاق منطق: إذا كانت العصا في يدي، فالحق في فمي.، أو منطق:
وما أنا إلا من غُزٓيّةٓ إن غوتْ غويتُ وإن ترشدْ غزيّةُ أرشدِ
ولا منطق : إذا قالت حذام فصدّقوها فإن القول ما قالت حذامِ
يقول علي ٌعليه السلام : إن الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله، فمعرفة الحق اولا وبالذات ثم بعد ذلك تأتي الخطوة الثانية وهي معرفة صاحب الحق، وذلك عندما يكون حاملا للحق وعاملا به، فالحق هو الذي يقود الإنسان الى معرفة صاحب الحق او رجل الحق وليس العكس ، وأيضا قوله عليه السلام: لا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ قَالَ ، وَانْظُرْ إِلَى مَا قَالَ، ويقول غاندي:لا يصبح الخطأ على وجه حق بسبب تضاعف الانتشار، و لا تصبح الحقيقة خطأ لأن لا أحد يراها،
فالنجاة في اعتماد الضوابط الشرعية والعقلية والعلمية والأخلاقية والإنسانية والحضارية في معرفة الحق والباطل والصحيح والخطأ والعدل والظلم والصلاح والفساد….. وغيرها، وأن نبتعد عن ربط تلك المفاهيم بالأسماء والعناوين والحزب والعشيرة والمال والسلطة والكثرة وغيرها، فالحق أحق أن يتبع ، وأن الحق حق والعدل عدل والصلاح صلاح والباطل باطل والظلم ظلم والفساد فساد …،سواء صدر من فلان أو فلان، سواء صدر من مسلم او مسيحي او علماني أو غيره…..، يقول جبران خليل جبران: للبحر مد وجزر، وللقمر نقص وكمال، وللزمن صيف وشتاء، أما الحق فلا يحول ولا يزول ولا يتغير،