22 نوفمبر، 2024 11:41 م
Search
Close this search box.

المعالجة القانونية للفساد في القانون العـــراقي

المعالجة القانونية للفساد في القانون العـــراقي

المقدمة
لاشك ان الفساد الاداري افة متنامية في جميع الدول لتاثيرها السلبي المباشر في تنمية المجتمعات والحد من تطورها كما انها اصبحت ظاهره ذات جوانب اجتماعية و اقتصادية و سياسية لا يتطلب مكافحتها تضافر جهود مؤسسات الدولة الواحدة فحسب بل لابد من ضرورة تعاون الدول فيما بينها للحد من الفساد الاداري والمالي و قد عرفت اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد والتي اعتمدت من الجمعية العامة الفساد الاداري بانه انحراف الموظف قصدا عن تنفيذ الاعمال المناطة به وهو استغلال الوظيفة او الخدمة العامة او النفوذ الوظيفي لتحقيق مصلحة خاصة بشكل غير مشروع وهو عمل مخالف للشرع و القانون وللأخلاق  ولمحاربة الفساد الاداري والمالي فقد تضمنت التشريعات القانونية العراقية الكثير من القوانين التي تجرم قضايا الفساد الاداري و المالي منها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل وحرصا من المشرع العراقي في محاربة الفساد واشاعة ثقافة النزاهة وبعد عام 2003 وتشكيل مفوضية النزاهة وصدور اوامر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة في العراق وقوانين غسيل الاموال  وقانون التضمين وذلك لغرض ايجاد اليه فعاله لمكافحة جرائم الفساد وتكريس مبدا سيادة القانون وحيث ان  من الضرورة حماية المال العام   وانشاء مكاتب المفتش العام لمكافحة الفساد الاداري ولصدور قانون هيئة النزاهة ولغرض تسليط الضوء على الية مكافحة الفساد والمعالجات القانونية التي وضعها المشرع العراقي لمكافحة الفساد  و انضمام  العراق لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 فقد اخترت هذا البحث والذي يتكون من  فصلين الفصل الاول  يبحث في تشريعات مكافحة الفساد في العراق في مبحثين المبحث الاول  مكافحة الفساد في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 والقوانين الجزائية الاخرى وفي المبحث الثاني مكافحة الفساد في قانون هيئة النزاهة وفي الفصل الثاني  اليات مكافحة الفساد الاداري و المالي في العراق في مبحثين المبحث الاول المعالجات القانونية  والمبحث الثاني اليات الرقابة وفي الخاتمة  تضمنت  النتائج و التوصيات

الفصل الاول
تشريعات محكمة الفساد
عنى المشرع العراقي بمكافحة الفساد الاداري والمالي وقبل عام 2003 لم تكن هناك هيئة مختصة بمكافحة الفساد و بعد عام 2003  صدرت امر سلطة الائتلاف الموقتة (55) والامر (57) نعالج في هذا الفصل في مبحثين:
المبحث الاول: مكافحة الفساد في قانون العقوبات العراقي و  القوانين الجزائية الاخرى
المبحث الثاني: مكافحة الفساد في قانون هيئة النزاهة

 المبحث الاول: مكافحة الفساد في قانون العقوبات العراقي والقوانين الجزائية الاخرى

مكافحة الفساد الاداري و المالي في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969
    عالج قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 جرائم الفساد في الباب السادس تحت عنوان ( الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة) و تشمل  جرائم الرشوة  والاختلاس وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم حيث عالجت الرشوة في المواد(307__314 )  فالموظف العام عند قيامة باداء وظيفتة فان  ذلك لتحقيق المصلحة  العامة والرشوة هي طلب الموظف اوقبوله لنفسه او لغيره عطية او منفعة او ميزة او وعدا بشيء من ذلك لاداء عمل من اعمال وظيفتة او الامتناع عنه او الاخلال بواجبات الوظيفة و وعاقب المشرع العراقي بالسجن مدة لاتزيد على سبع سنوات او الحبس اذا حصل الطلب او القبول او الاخذ بعد اداء العمل او الامتناع عنه بقصد المكافاة على ماوقع من ذلك
ومن جرائم الفساد المالي في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 جريمة الاختلاس وهي من اخطر جرائم الفساد والمقصود بالاختلاس استيلاء الموظف او المكلف بخدمة عامة الاموال التي تحت عهدته حيث عالج جريمة الاختلاس في المواد (315_321  ) حيث يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة اختلس او اخفى مالا او متاعا او ورقه مثبتة لحق او غير ذلك مما وجد في حيازتة وتكون العقوبه السجن الموبد او المؤقت اذا كان الموظف او المكلف بخدمة عامة من ماموري التحصيل او المندوبين له او الامناء على الودائع او الصيارفة واختلس شيئا مما سلم لة بهذة الصفه وتكون العقوبه السجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة استغل وظيفتة فاستولى بغير حق على مال او متاع او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مملوك للدولة او لاحدى المؤسسات او الهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب ما او سهل ذلك لغيره وكذلك الحصول على منفعة للموظف او لغيره ومن صور الاختلاس انتفاع الموظف او المكلف بخدمة عامة انتفاعا مباشرا او بالواسطة  من الاشغال او المقاولات او التعهدات التي له شان في اعدادها او احالتها او تنفيذها او الاشراف عليها او الحصول على العمولة من تلك المقاولات ومن صور الفساد استغلال النفوذ الوظيفي حيث عاقبت المادة 320 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين او بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة له شان في استخدام العمال في اشغال تتعلق بوظيفته احتجز لنفسة كل او بعض ما يستحقه العمال الذين استخدمهم من اجور او نحوها او استخدام عمالا سخرة و اخذ اجورهم لنفسه او قيد في دفاتر الحكومة اسماء اشخاص وهميين او حقيقين لم يقوموا باي عمل في الاشغال المذكورة واستولى على اجورهم لنفسه او اعطاها لهؤلاء الاشخاص مع احتسابها على الحكومة و نص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 على جريمة اخرى من جرائم الفساد وهي جريمة تجاوز الموظفين حدود الوظيفة  في المواد (322_  341 ) ومن صورها القبض على شخص او حبسة في الاحوال المنصوص عليها قانونا  او قبول شخص في السجون او المواقف و  استخدام  أشخاص سخرة و استغلال الوظيفة في وقف وتعطيل اوامر صادرة من الحكومة  او احكام القوانين النافذة او امر صادر من المحاكم والامتناع عمدا  وبغير وجه حق عن اداء عمل من اعمال وظيفته او اخل عمدا بواجب  من واجباتها نتيجة لرجاء او توصية او وساطة او لأي سبب اخر غير مشروع ومخالفة الموظف لواجبات وظيفته او امتناعه عن اداء عمل من اعمالها بقصد الاضرار بمصلحة احد الافراد او بقصد منفعة شخص على حساب اخر او على حساب الدولة ومن صور استغلال الموظف للوظيفة العامة قيام الموظف بشراء عقار او منقول قهرا على مالكه او استولى عليه او منفعة او اي حق اخر للغير بغير حق او اكره مالكه على اجراء اي تصرف مما ذكر لشخصه او لشخص اخر او على تمكينه من الانتفاع به باي وجه من الوجوه واستغلال الوظيفة في الحصول على حق او ورقة مثبته لحق و من صور الفساد تدخل الموظف بسلامة المزيدات او المناقصات الخاصة بالحكومة او استغلال النفوذ الوظيفي في الحصول على حقوق للاخرين بثمن بخس والاضرار بأموال الدولة عمدا  و هي من جرائم الاهمال الجسيم وقد اتجهت محكمة التمييز الاتحادية على عدم اطلاق سراح المتهم  في جرائم الاضرار بأموالالدولة وعدم شمولها بقانون العفو العام رقم 19 لسنة 2008  و ذلك لتعلقها بالمال العام والمحافظة عليه ووفق المادة 341 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل يعاقب بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة تسبب بخطئة الجسيم في الحاق  ضرر جسيم بأموال ومصلحة الجهة التي يعمل بها او يتصل بها بحكم  وظيفته او بأموال  او مصالح الاشخاص المعهودة بها اليه  اذا كان ذلك ناشئا عن اهمال جسيم بأداءوظيفته  او عن اساءة استعمال السلطة  او عن اخلال جسيم بواجبات وظيفته ومن القوانين الاخرى التي تعالج قضايا الفساد الاداري و المالي قانون ديوان الرقابة المالية  وقانون انضباط موظفي الدولة  وقانون غسي الاموال و قانون مكافاة المخبرين وقانون ضبط الاموال المهربة و الممنوع تداولها في الاسواق المحلية

المبحث الثاني
مكافحة الفساد في قانون هيئة النزاهة
بعد عام 2003 صدرت الكثير من التشريعات والتي تعالج الفساد ومنها امرسلطة الائتلاف الموقتة 55 و57 و77 لسنة 2004 وتشكيل  هيئة النزاهة ودوائر المفتشين  العموميين في الوزارات لمعالجة قضايا الفساد الاداري و المالي
لتنظيم عمل هيئة النزاهة و بيان اختصاصاتها و مهامها و صلاحياتها التي تمكنها من اداء هذه المهام في سبيل رفع مستوى النزاهة و الحفاظ على المال العام و محاربة الفساد وتنظيم العلاقة بينهما وبين الاجهزة الرقابية الاخرى واستنادا لأحكام المادة 102 من الدستور شرع  هذا قانون هيئة النزاهة رقم (30)  لسنة 2011  والذي نشر في الجريدة الرسمية الوقائع العراقية  بالعدد 4217 في 14/11/2011 حيث اعتبرت المادة ( 1)   والتي اعتبرت قضية الفساد هي الدعوى الجزائية التي يجري التحقيق فيها بشان جريمة من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة و هي  الرشوة و الاختلاس و تجاوز الموظفين حدود وظائفهم واية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 233 و 234 و271 و272 و275 و276 و 290 و293 و296 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل و إي جريمة أخرى يتوفر فيها احد الظروف المشددة المنصوص عليها في الفقرات 5 و6 و7 من المادة 135 من قانون العقوبات النافذ المعدلة بالقسم (6 ) من القانون التنظيمي الصادر  عن مجلس الحكم المنحل الملحق بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة  في العراق  المرقم ((55 )  لسنة 2004 حيث اضاف المشرع العراقي الجرائم المخلة بسير العدالة باعتبار القضاء هو الملاذ الامن للحفاظ على حقوق الناس و حياتهم و إعراضهم و أموالهم  حيث اعتبر جريمة التوسط لدى القضاء من جرائم الفساد حيث يعاقب بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة توسط لدى قاضي او محكمة  لصالح احد الخصوم او اضرارا به وفي المادة 234 اصدار قرار ثبت انه غير حق وكان نتيجة التوسطفأحكام القضاء تعتبر عنوانا للحقيقة القضائية  واعتبر المشرع العراقي في قانون هيئة النزاهة جريمة تهريب السجناء من قبل الموظف المسؤول عن الحراسة من جرائم الفساد حيث نصت المادة  ( 271 )  كل موظف او مكلف بخدمة عامة كلف بالقبض على شخص او بحراسة مقبوض علية او محجوزا او موقوف او محبوس او بمرافقة اي منهم او نقله فمكنه من الهرب او تغافل عنه او تراخى في الاجراءات اللازمة للقبض عليه قاصدا معاونته على الهرب يعاقب بالسجن مدة لاتزيد على عشر سنين اذا كان المحكوم عليه بالسجن المؤبد او المؤقت او كان متهما بجناية عقوبتها الاعدام وتكون العقوبة الحبس في الاحوال الاخرى  و في المادة 272 من قانون العقوبات يعاقب بالحبس او بالغرامة من كان مكلفا بحراسة مقبوض عليه او محجوز او موقوف او مرافقته او نقله وتسبب في هرب احد منهم واعتبر قانون هيئة النزاهة  الجرائم المخلة بالثقة العامة  و هي جرائم تقليد  و تزوير الاختام و العلامات والطوابع من جرائم الفساد و المنصوص عليها في المادتين  (275 _276 )  وهي جريمة تقليد وتزوير ختم الدولة  او ختم او امضاء رئيس الجمهورية او ختما او علامة  الحكومة او احدى دوائرها الرسمية او شبة الرسمية  او احد موظفيها او توقيعه  او دمغات الذهب و الفضة المقررة قانونا  وكذلك اذا كان محل الجريمة ختما او علامة لدولة اجنبية او ختم او علامات المصارف او احدى المؤسسات او الشركات او الجمعيات او المنظمات او المنشات التي تساهم الدولة فيها في مالها بنصيب او ختم او علامة احدى الشركات المساهمة او الجمعيات التعاونية او النقابات المنشاة طبقا للأوضاع المقررة قانونا ذات نفع عام  وكل من استعمل شيئا مما تقدم او ادخله البلاد مع علمه بتقليده و تزويره  و استعمال بدون وجه  مشروع ختم الدولة او ختم رئيس الجمهورية او ختما او علامة للحكومة او لأحدى دوائرها الرسمية او شبة الرسمية او ختم او علامة احد موظفيها او دمغة الذهب او الفضة المقرر قانونا واعتبر قانون هيئة النزاهة جريمة التزوير المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل والتي نصت بان  (  يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة كل من حمل موظفا ومكلفا بخدمة عامة اثناء تدوينه محررا من اختصاص وظيفته اما بانتحال  اسم  شخص اخر او بالاتصاف بصفة ليست له او بتقرير وقائع كاذبة او بغير ذلك من الطرق على تدوين او اثبات واقعة غير صحيحة بخصوص امر من شان المستند اثباته
 كما اعتبر المشرع من قضايا الفساد قيام الموظف او المكلف بخدمة عامة اصدار احدى الاوراق المذكورة اعلاه مع علمة بان من صدرت له قد انتحل اسما كاذبا او شخصية كاذبة  وكذلك المادة 296  من قانون العقوبات اعتبرت من جرائم الفساد   بان يعاقب بالحبس من كان مكلفا قانونا بان يمسك دفاتر او اوراقا خاضعة لرقابة السلطات العامة فدون فيها امورا غير صحيحة او اغفل تدوين امورا صيححة فيها وكان من شان ذلك خدع السلطات المذكورة و ايقاعها في الغلط  واي جريمة اخرى يتوفر فيها احد الظروف المشددة المنصوص عليها في الفقرات 5 و6 و7 من المادة 135 من قانون العقوبات النافذ المعدلة بالقسم ( 6) من القانون التنظيمي الصادر عن مجلس الحكم المنحل الملحق بامر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة المرقم ( 55  )  لسنة 2004  كما ان  مصادقة العراق على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد يساعد في الحد من جرائم الفساد
مكافحة الفساد في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لعام 2003
تمثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 اتفاقية عالمية ذات إبعاد إستراتجية  وقد صادق العراق على هذه الاتفاقية بموجب القانون المرقم 53 لسنة 2007 المنشور في جريدة الوقائع العراقية 4047 في 30/8/2007  وبذلك يكون العراق ملزما من الناحية القانونية بإحكام الاتفاقية  واعتبارها جزء من المنظومة القانونية وقد وضع العراق سياسات فعالة لمكافحة الفساد من خلال اتخاذ العديد من التدابير القانونية والتأكيد على التعاون الدولي مع المنظمات الدولية و الإقليمية وتم استحداث هيئة النزاهة باعتبارها هيئة مستقلة متخصصة بمكافحة الفساد والتأكيد على استقلاليتها في الدستور العراقي كما  تم تشريع قانون مجلس الخدمة العامة باعتباره الجهة المختصة بالتعيين في الوظيفة العامة كما صدرت تشريع مكافحة الفساد الإداري والمالي ومنها قانون هيئة النزاهة رقم30  لسنة 2011 وقانون ديوان الرقابة المالية رقم 31 لسنة 2011  وإصدار قانون التضمين رقم 12 لسنة 2006  كما ساهم القضاء العراقي  في استحداث المحكمة المختصة بالعقود الإدارية و التي تختص بالنظر في سلامة الإجراءات المتخذة في قضايا المناقصات الحكومية وإعداد مسودة قانون المفتش العام واتخذ المشرع العراقي  إجراءا فعالا من خلال نص المادة 136/ب من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي كانت تتطلب استحال موافقة الوزير  على إحالة الموظفين من مرتكبي جرائم الفساد الإداري  والمالي واتخذ القضاء العراقي الخطوات العملية لمكافحة الفساد الإداري من خلال إصدار اتخاذ إجراءات منع سفر المتهمين بقضايا الفساد الإداري و المالي  و إصدار مذكرات  أمر القبض بحق الكثير من المسؤوليتين ممن هم بدرجة وزير ومدراء عام في مختلف الوزران  و إحالة الكثير  من المتهمين على محاكم الجنايات والجنح وإصدار إحكام بحقهم وإلزامهم بإعادة الأموال المسروقة أو المختلسة والمساهمة في استعادة الأموال المنهوبة خارج العراق

الفصل الثاني
اليات مكافحة الفساد الاداري و المالي
ان استشراء ظاهرة الفساد يمثل ظاهرة خطيرة تساهم في تاخير عجلة التقدم و تؤدي الى ايقاف التطور في جميع المجالات الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية  و بعد عام 2003 شهد ارتفاع معدلات جرائم الفساد الاداري و المالي و لغرض مكافحة الفساد فقد وجد المشرع العراقي من ضرورة تشريع قانون لمكافحة الفساد وتم استحداث هيئة النزاهة باعتبارها هيئة متخصصة بمكافحة الفساد الإداري والمالي و نبحث في هذا الفصل آليات مكافحة الفساد الإداري و المالي في مبحثين :
المبحث الاول: الاليات القانونية لمكافحة الفساد الاداري و المالي
المبحث الثاني: اليات المراقبة و دور القضاء العراقي في مكافحة الفساد الاداري و المالي

المبحث الاول
الاليات القانونية لمكافحة الفساد الاداري والمالي
بعد صدور اوامر سلطة الائتلاف الموقتة المنحلة في العراق (55) و (57) والتي بموجبها تم استحداث هيئة النزاهة و دوائر المفتشين العموميين   و قد صدر قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 كما تم تشريع قانون  ديوان الرقابة المالية رقم (31) لسنة 2011 حيث ان هيئة النزاهة  من الهيئات المستقلة ولها شخصية معنوية واستقلال مالي وأداري  و تخضع لرقابة السلطة التشريعية مجلس النواب حيث تعمل الهيئة على المساهمة في منع الفساد و مكافحتة و اعتماد الشفافية والتحقيق في قضايا الفساد الإداري و المالي طبقا لإحكام القانون وتعتمد الهيئة في عملها على المحققيين وتحت اشراف قاضي التحقيق المختصة ومتابعة قضايا الفساد التي لايقوم بها محققو الهيئة بالتحقيق وتعتمد الهيئة في عملها بالتعاون مع ديوان الرقابة المالية و مكاتب المفتشين العامين حيث يعمل ديوان الرقابة المالية بالتدقيق المالي و المحاسبي و هو معني بالكشف و الغش والتبذير و إساءة التصرف إلى  المفتش العام المختص ويتخذ المفتش العام ما يلزم بشان تقارير ديوان الرقابة المالية  و يجري التحقيق الإداري اللازم و يقدم النتائج إلى الوزير المختص و تصدر هيئة النزاهة لائحة تنظيمية تنشر في الجريدة الرسمية لتنظيم احكام الكشف عن الذمم المالية لكبار المسؤولين لمراقبة الزيادة في اموال المكلف او افراد عائلتة
المبحث الثاني
اليات الرقابة  و دور القضاء العراقي في مكافحة الفساد
نصت المادة 11 من قانون هيئة النزاهة ان للهيئة صلاحية التحقيق في اي قضية فساد بواسطة احد محققيها تحت اشراف قاضي التحقيق المختص ويرجح اختصاص هيئة النزاهة على اختصاص الجهات التحقيقية الاخرى بضمنها الجهات التحقيقية العسكرية و الجهات التحقيقية لدى قوى الامن الداخلي و يتوجب على تلك الجهات ايداع الاوراق و الوثائق والبيانات المتعلقة بالقضية الى هيئة النزاهة متى اختارت هيئة النزاهة ذلك وللهيئة استخدام وسائل التقدم العلمي واجهزة  والات التحري و التحقيق و جمع الادلة و على رئيسها توفير مستلزمات و متطلبات استخدامها في ميدان الكشف عن جرائم الفساد او منعها او ملاحقة مرتكبيها ولقاضي التحقيق طلب اي اخبار تم حفظة بقرار من رئيس هيئة النزاهة و يشعر قاضي التحقيق الدائرة القانونية في الهيئة عند استهلاله التحقيق في اية قضية فساد  وللهيئة حق الطعن في الاحكام و القرارات الصادرة في الدعاوى و تلتزم  جميع الدوائر و مؤسسات الدولة العامة بتزويد الهيئة بما تطلبه من وثائق و  اوليات و معلومات التي تتعلق بالقضية التي يراد التحري او التحقيق فيها و تتعاون معها لتمكينها من اداء مهامها التحقيقية المنصوص عليها قانونا ومن الدوائر التي تقوم بالتحقيق في هيئة النزاهة هي دائرة التحقيقات والتي تتولى القيام بواجبات التحري و التحقيق في قضايا الفساد وفقا لقانون هيئة النزاهة و قانون اصول المحاكمات الجزائية وتقوم الدائرة القانونية في هيئة النزاهة بمتابعة القضايا و الدعاوى  التي تكون الهيئة طرفا فيها بضمنها قضايا الفساد التي لايحقق فيها احد محققي الهيئة و تتولى دائرة الوقاية بملاحقة تقديم تقارير الكشف عن الذمم المالية و مراقبة سلامة و صحة  المعلومات المقدمة فيها وتدقيق تضخم اموال المكلفين بتقديمها بما لا يتناسب مع مواردهم و اعداد لائحة السلوك وقد ساهم القضاء العراقي في مكافحة الفساد الاداري و المالي من خلال دور مجلس القضاء الأعلى و الذي استحدث محكمة التحقيق المختصة بنظر قضايا هيئة النزاهة في رئاسة محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية  و قضاة للتحقيق في قضايا الفساد و ساهم في الحكم على الكثير من مختلسي المال العام و من تعاطي الرشوة حيث صدرت احكام مختلفة من القضاء العراقي تتراوح بين السجن المزبد و قد صدرت توجيهات من مجلس القضاء الاعلى بالاسراع بحسم ملفات الفساد واسترداد الاموال المسروقة

الخاتمة
تناولنا في البحث المعالجة القانونية  للفساد الاداري و المالي في القانون العراقي  حيث ان مكافحة الفساد تتطلب جهود كبيرة حيث اخدت  هيئة النزاهة على عاتقها مسؤولية كبيرة في مكافحة الفساد وبصدور قانون هيئة النزاهة رقم 30 لسنة 2011 و تراجع العراق في منظمة الشفافية الدولية و التي أشرت تراجع نسبة الفساد ومن خلال البحث توصلنا الى نتائج وتوصيات  نعرضها
النتائج
1: ان ظاهرة الفساد موجودة في جميع المجتمعات وهي ظاهرة قديمة وان  المشرع العراقي قبل عام 2003 كان يعتمد في معالجة الفساد الاداري و المالي على قانون العقوبات وان العراق قد انضم إلى الدول التي تحارب الفساد من خلال الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003
2: ان تشريع قانون هيئة النزاهة اضاف جرائم جديدة من جرائم الفساد واعتبرها من جرائم الوظيفة العامة و جرائم التقليد والتزوير
3: ان  قانون هيئة النزاهة منح الهيئة صلاحيات تحقيقية واسعة بالتعاون مع القضاء العراقي للمساهمة في مكافحة الفساد
4:ان اليات المراقبة والكشف عن الذمم المالية تحتاج الى تظافر الجهود والتعاون بين الكثير من الدوائر للكشف عن تضخم الموارد المالية
5: ان مكافحة الفساد لا يقتصر على هيئة النزاهة ولابد من  وجود تعاون من جميع الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والسلطة الرابعة وسائل الاعلام المختلفة المقرؤة و المسموعة
6: يجب ان يكون للموطن دور في مكافحة لفساد من خلال الابلاغ عن جرائم الفساد الإداري و المالي وتشجيع المواطن في ان  يكون عنصر ايجابي في مكافحة الفساد و خاصة جريمة الرشوة

 التوصيات
من خلال استقراء قضايا الفساد فلابد من وضع المعالجات المطلوبة التي تساهم في مكافحة الفساد ولذلك نجد تقديم عدد من التوصيات:
1: ان التحقيق في قضايا الفساد تتطلب اجراءات صعبة لان الفاسد يلجا الى اتباع اساليب ملتوية في ارتكاب الجريمة مما يصعب اكتشاف تلك الجرائم ونجد من الضروري ان يمنح الهيئة صلاحيات اخرى تتمثل في التحري الدقيق عن مرتكبي  جرائم الفساد
2: لمكافحة الفساد لابد من اجراء اصلاحات ادارية وتقليل الحلقات الاضافية وهي الروتين و التعقيد و واحداث تغييرات جدرية في الواقع الاداري ومنها الاستعلامات الالكترونية والحد من اجراءات صحة الصدور والمعتمدين  وعدم جعل الموظف على تماس مع المواطن لتقليل الابتزاز المالي والرشوة
3: ان يكون هناك تعاون مع هيئة النزاهة من قبل لجنة النزاهة البرلمانية في ان تكون عونا لهيئة النزاهة وحمايتها
4: التاكيد على استقلالية هيئة النزاهة ودعمها ماديا ومعنويا من قبل كافة مفاصل الدولة  وزيادة ميزانيتها لضمان قيامها بواجبها
5: ضرورة تشديد عقوبة جرائم الفساد وخصوصا جريمة الرشوة و الاختلاس وتعديل القوانين العقابية لخطورة الجرائم المرتكبة و ذلك للحد من ارتكاب هذة الجرائم
6:  التأكيد على اجراء تغييرات في الموظفين وعدم بقاء الموظف لفترة طويلة في وظيفة وخصوصا المسؤولين عن الاموال العامة وموظفي دوائر المرور و الجوازات و التسجيل العقاري و الدوائر الاخرى ومسؤولي لجان المشتريات و الموظفين الماليين و الحسابين
7: الإسراع في تشكيل مجلس الخدمة العامة باعتباره الجهة المختصة بالتعيين في الوظيفة العامة
8: تعزيز ثقافة النزاهة و احترام المال العام والتعريف بأهمية الحفاظ عليه ومن خلال تدريس مادة النزاهة في مختلف المراحل الدراسية ومنذ الطفولة فلابد من بناء إنسان واعي متفهم حريص على المال العام و تشجيع النشاطات التي تحارب الفساد .
* محكمة استئناف القادسية الاتحادية

أحدث المقالات