23 ديسمبر، 2024 3:28 م

المعالجات الجذرية لظاهرة ألإرهاب

المعالجات الجذرية لظاهرة ألإرهاب

إن مفاهيم، الجريمة، العنف، والتطرف ترتبط في تفسيرها واستعمالها بدرجات بمفهـوم الإرهاب الذي يعد من المفاهيم الإشكالية. وبما أنه جرى تسويقه وتعميمه، فقد أصبح بحد ذاته جزءا من الصراع، بحيث يوصم كل طرف خصمه بهذه التهمة، الأمر الذي أثار الخلط واللبس. ولابد من التأكيد على أن تعدد التعريفات وتداخـلها ساهم في هذا التخبط ، ومما زاد من هذا التخبط استخدام هذا المفهوم أحيانا بانحيازات قيميـه وإيديولوجية وسيـاسية ، فقد اصبح يطلق على جهة معينة كسـلاح دعائي بهدف التشـويه ولتبرير بعض الإجراءات الانتقامية ضدها. إنَّ الإرهاب يختلط في كثير من الأحيان بظاهرة العنف أو التطرف، ويرتبط في أذهان الكثيرين بديانة محددة أو جنسيات معينة على غير الحقيقة. والأكثر أهمية أن تشابكاته قد تجاوزت حدود الدول لتتخذ أبعادا إقليمية ودولية هامة، وتكمن أهمية تحديد المفهوم للظاهرة الإرهابية وتعريفها في أنه: إذا تمَّ تحديدها فإنَّ من السهل بعد ذلك التعرف على الممارسين للإرهاب باعتبار أنهم إذا قاموا بالأعمال الموضحة واُلمحددة في التعريف، فإنهم يدخلون ضمن فئة الإرهابيين. وقد لازمت هذه الظاهرة الحياة الإنسانية داخل المجتمع منذ فجر التاريخ . وتطورت بمرور الأزمنة والعصور بحسب تطور المجتمعات، حتى أصبحت في عصرنا ظاهرة متعددة الأشكال وبديلة للحروب التقليدية، تستفيد من التقدم العلمي وثورة الاتصال والإعلام. إن محاربة ألإرهاب تتطلب مجموعة من الوسائل ولإجراءات التي تتخذها الدولة ,وهذه الوسائل تتجاوز اختصاص المشرع الجنائي لان المنع لايتأتى من تشريع ترسانة من القوانين العقابية والاجرائية وليس من عسكرة المجتمع , بل يجب اتخاذ اساليب سياسية و اجتماعية و اقتصادية تعالج اسباب الارهاب والمشكلات التي تحيط به,يعني القضاء على البطالة ,النهوض بالتعليم والصحة وتوفير الماء والكهرباء لكافة المواطنين دون تمييز . خلال العقد الماضي لم تحاول الحكومة العراقية ان تقيم الحلقات او الندوات لغرس القيم الاخلاقية والاجتماعية واحياء الروح الوطنية بعد ان دثرها النظام المقبور وتوعية افراد المجتمع نحو انفسهم واسرهم ومجتمعهم وتقوية ارادتهم على مقاومة النوازع الاجرامية,لان كل هذه الامور اذا توفرت تجعل الانسان اكثر التزاما بالقانون وتعمق التعايش السلمي بين افراد المجتمع وتماسكه.ويتم هذا ألإعداد من خلال المناهج الدراسية والانشطة التطبيقية والتنشئة المدنية بإطلاع الطالب على حقوقه وواجباته في مختلف المجالات وتوعيته بالقواعد ألإنسانية الهادفة الى الحفاظ على حياة الافراد وكرامتهم الانسانية وحثه على الحوار والتسامح والاعتراف بالاخرين وقبولهم وتشجيعهم على التكافل الاجتماعي الانساني ونشر ثقافة اللاعنف وصون حقوق الاخرين واحترامها والالتزام بالمسؤلية في معالجة الخلافات بروح من الحق والعدل ,والجد والمثابرة من اجل تحصيل العلم لما فيه من رفاهية والتقيد بالانظمة والقوانين. وعلى وسائل الاعلام الاسهام في تربية المواطنين وإذكاء الوعي بالارهاب وخطورته. والعمل على ازالة الحيف الذي وقع ويقع على الفئات المعرضة للخطر بسبب اصلها العرقي أو الديني ومكافحة اتجاهات التعصب ورفض ألإرهاب بكل صوره واشكاله,والتثقيف بتصحيح العديد من المفاهيم الدينية الخاطئة التي تتجاهل المعتقدات الدينية الاخرى وتنظر الى المنتمين اليها نظرة سمو وعلو وتدعو الى العنف ضد غيرها من الاديان والطوائف اي الاعتراف بالاخر,وتنبيه المواطنين لحرية العقيدة وحرية الحياة الخاصة وحق الاخرين في ممارسة حقوقهم .                    
ويقع على عاتق الدولة ممثلة بالحكومة تنظيم العلاقة بين المجموعات التي يتكون منها المجتمع وحل التناقضات الاجتماعية ,لان الكثير من الاعمال الارهابية والعنف والافعال الانتقامية ناتجة عن التناقضات الاجتماعية ,إذ يتواجد في الكثير من الدول مجموعات تختلف عن باقي الشعب من حيث اللون أو القومية أو الدين أواللغة وتعمل بعض الدول على استرقاق هذه المجموعات او اخضاعهم الى ظروف معيشية قاسية الى غير ذلك من الافعال,لذلك تلجأ بعض هذه الاقليات الى الارهاب للحد من جور الحكومات الظالمة والمطالبة بحماية نفسها من الظلم والاضطهاد وفي المقابل تقوم اجهزة الدولة باعمال القمع والعنف ضد الافعال العدوانية التي تمارسها الاقليات ضدها متنكرة لحق هذه الاقليات في المطالبة بحقوقها وحرياتها الاساسية, وقد يصل الامر الى حدوث حرب اهلية والامثلة كثيرة على ذلك. كذلك سوء توزيع الثروة بين الافراد ووجود فوارق اقتصادية شاسعة بين افراد المجتمح-طبقة الاغنياء وطبقة الفقراء والكادحين –مما يؤدي الى اخفاق الافراد في توفير متطلباتهم المعيشية وانتشار البؤس والحرمان بين الفقراء والترف والنعيم بين الاغنياء,الامر الذي يجعل اللجوء الى العنف امرا لامفر منه . لذلك على الدولة ان تتبع النظام الاقتصادي المناسب لوضعها الاقتصادي بما يكفل قدرة الافراد على توفير احتياجاتهم وان ترتقي بمستوى الافراد المعيشي,وان تقوم الدولة بفتح الابواب امام الانشطة المشروعة لتوفير فرص العمل للعاطلين وتحسين مستويات الدخول وازالة حالة الفقر والبؤس وتحسين الاحوال الاقتصادية والمعيشية للافراد والدعم المستمر للاسر الفقيرة. ان الاسباب الاقتصادية والاجتماعية المتصلة في زيادة الهوة بين الاغنياء والفقراء توفر للمنظمات ألإرهابية فرص الثراء السريع وإشباع الحاجات من جهة وتفشي البطالة والبؤس من جهة اخرى دفعت بالكثيرين للانتماء الى المنظمات الارهابية, بالاضافة الى ذلك فان الاستبداد واعتماد الكثير من الانظمة السياسية على تدعيم المؤسسة العسكرية لغرض سيطرتها على إرادة الشعوب مما يؤدي الى الغضب الشعبي وظهور حركات المعارضة المسلحة ,ومن هنا تحدث الاعمال ألإرهابية . لذا فان من واجب المجتمع الدولي التدخل اذا مارست احدى الدول الاستبداد لحكم البلاد لضمان تمتع الشعب بحريته وخلق مجتمع ديمقراطي تسوده المساواة امام القانون ,وألا يسمح للدول الكبرى ان تتدخل في شؤن الدول بذريعة حماية الديمقراطية اوإعادتها, لان احترام سيادة الدول واستقلالها وعدم التدخل في شؤنها وزيادة فعالية مبدأ عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية واتسام هذه العلاقات بالتعاون والود وفقا لمواثيق الامم المتحدة . لكن للاسف نجد بعض الدول خاصة الدول صاحبة القرار والتأثير في العلاقات الدولية تغلب لغة القوة والعنف على لغة الحوار والسلم والتعاون وتجاهل قضايا الشعوب المقهورة واهمال معالجتها وعدم ايجاد حلول عادلة لهذه القضايا. ان الاستبداد وانتهاك حقوق الانسان وغياب الحريات واستمرار حالات الطواريء وهيمنة القوانين الاستثنائية والمعاملة اللاإنسانية ضد المطالبين بالديمقراطية والمتطلعه للحريات,ادت هذه الممارسات الاستبدادية الى ظهور التيار المعارض لأنظمة السلطات العامة والمقاومة والقتل لتقويض النظام الحاكم او تعييره او فرض مطالبهم على السلطة او على الاقل الرد على سياسة التعسف والظلم محدثة بذلك حالة من الارهاب المضاد . ولاننسى الفساد الاداري وسرقة المال العام لان الفساد الاداري لايقل خطورة عن الارهاب وعلى جميع الوزارات تشكيل لجان من الموظفين النزيهين المخلصين الذين يحبون وطنهم وشعبهم للرقابة ومحاربة المفسدين وتسليمهم للقضاء العادل المستقل. ممـا سبق ، يمكن أن نستنتج أنه إذا كانت الجريمة تفسر حسب الإطار القانوني للمجتمع ، يمكن أن تتخذ شكلا ثقافيا ، أي تصبح مفهوما ثقافيا يختلف من ثقافة إلـى أخرى غير أن التطرف يأتي في السياق العقائدي وليس كل تطرف جريمة . إلا أن العنف يفهم من الزاوية الأخلاقية باعتبار أنه هجوم على ملكية الآخرين وحريتهم ،وعليه يمكن اعتبار العنف في مثل هذه الحالة جريمة,العنف المرتبط بجرائم القتل والاغتصاب والتهديد باستعمال السلاح …….الخ.