17 نوفمبر، 2024 11:48 م
Search
Close this search box.

المعادلة الاستراتيجية الجديدة .. عندما تتحول سوريا الى بلد مقاوم

المعادلة الاستراتيجية الجديدة .. عندما تتحول سوريا الى بلد مقاوم

تبدل الحال  ولم يعد كالسابق واصبح هناك تحول استراتيجي كبير في منطقتنا ضد المشروع الصهيوني الامريكي المعد للتنفيذ فيها وهذا التحول هو ليس ما خططت له بعض دول الاقليم بقيادة قطروتركيا  وليس ما سمي بالربيع العربي الذي احتوته امريكا وسيرته حسبما تشاء بالكامل لغياب الوعي والقيادة الحقيقية المنبثقة من جماهير الامة  ولغياب التخطيط الثوري الجماهيري المنظم والناضج والذي يصلح حال الداخل ويوحده وينميه ويقاوم اعداء الامة بصرامة وحزم …. ان هناك ولادة جديدة لعمل جماهيري حقيقي وبقيادة لا تعرف الخوف وانصاف الحلول ولا تخشى في الحق لومة لائم وتضع النقاط على الحروف وتكشف ضلالة المضلين وعمالة الذين نافقوا وتحالفوا مع اعداء الامة لتدميرها وتفتيتها واضعافها واستقدام قوات امريكا والناتو لمنطقتنا والهيمنة على مقدراتها وتحقيق الحلم الصهيوني بالامتداد والتوسع … انها ولادة جديدة ترد على كلام اوباما ومخططاته في زيارته الاخيرة للقدس وللاردن وانقرة عندما قال ستبقى اسرائيل اقوى قوة في المنطقة تسندها وتقف معها اقوى قوة في العالم هي امريكا وعندما وحد بين قيادة تركيا بصفتها المتحكم بقيادات بعض دول الربيع العربي والحليف الاقوى لامريكا في المنطقة و وبين اسرائيل الابن المدلل لها وعندما اوعز بنشر قواته في الاردن واعطى الضوء الاخضر للتدخل العسكري المباشر وغير المباشر لجميع حلفائه ولاسرائيل  في سوريا …
نعم ان سوريا التي كانت داعمة للمقاومة و التي اريد لها ان تسقط وتتفتت وتصبح بلا جيش ولا موقف سياسي  ولا ارادة وتخضع خضوعا كاملا للارادة الامريكية والصهيونية وهيمنة العملاء وبعض العصابات الارهابية المسلحة التابعة للحكومات الحليفة لامريكا والصهيونية في المنطقة  والتي شنوا عليها ولا زالوا ومنذ اكثر من سنتين حربا شاملة ومدمرة دون هوادة ولكن بقيت صامدة وقوية بشعبها وجيشها وتسقط كل مراحل هذه الحرب الاجرامية عليها الواحدة تلو الاخرى دخلت الان مرحلة التحول التدريجي لتصبح هي بنفسها دولة مقاومة وليست داعمة فقط للمقاومة …..   هذا التحول وهذه الولادة الجديدة والرؤية الاستراتيجية الجديدة تعني تحول سوريا شعبا وجيشا وحكومة من بلد كان داعما للمقاومة  الى بلد مقاوم …. فماذا يعني هذا وهل هناك فارق بين الحالين في المدى القريب والبعيد في التاثير على معادلة الصراع مع قوى الشر الصهيونية والامريكية وعملائهم في المنطقة وكيف سيتحول ميزان القوى وهل ستحصل القدرة على كسر حالة التوازن الاستراتيجي في المنطقة بين قوى المقاومة وقوى الصهاينة وحلفائها   ….           
وحتى نوضح ذلك ونتعرف على المستجدات الميدانية والسياسية وما تعنيه نذكر بعض الامور والقضايا الخاصة بذلك
1- كانت سوريا قبل حصول الاحداث الاخيرة فيها والتي بدات عام 2011تخضع لضغوط دولية كبيرة ولمعادلات اقليمية دقيقة وصعبة وكلنا يعرف ذلك من خلال خروج مصر عبر معاهدة كامب ديفيد  والاردن عبر معاهدة وادي عربة ومنظمة التحرير الفلسطينية عبر مفاوضات اوسلو وما تلاها وبالتالي النظام الرسمي العربي كله من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني واصبحت بمفردها في مواجهة هذا العدو ولكنها لم تستسلم لشروطه واملاءات امريكا واصبح موضوع الحفاظ على قدراتها العسكرية والاقتصادية وبنية دولتها وتنميتها والمحافظة على موقفها السياسي الرافض للاستسلام هو شغلها الشاغل طوال العقود الماضية
2- بعد حصول الثورة الاسلامية في ايران وتحول هذا البلد من الحليف الاستراتيجي  لامريكا والصهاينة في عهد الشاه الى الموقف المناهض والرافض لمخططاتهما والداعم للقضية الفلسطينية بعد الثورة وجدت سوريا في هذا المتغير الاقليمي المهم وفي ايران خير حليف لها في مواجهة العدو الصهيوني والضغوطات الامريكية عليها ولم يكن هذا التعاون او التحالف بين البلدين الا لغرض مواجهة المشاريع الامريكية والغطرسة الصهيونية في منطقتنا وليس لحسابات طائفية او تبعية مثلما يحاول عملاء امريكا والتكفيريين الترويج له الان لتضليل الشعوب وخداعها لاضعاف امتنا وتفريق صفوفها في مواجهة الصهاينة المحتلين لفلسطين والجولان وباقي الاراضي العربية المحتلة  
3- وجدت سوريا وكذلك ايران ان من واجبهما ومن المحتم عليهما دعم واحتضان حركات المقاومة الاسلامية والوطنية في لبنان وفلسطين وتطوير قدراتها والدفاع عنها في مواجهة الصهاينة المحتلين …. وبفضل جهود وتضحيات وبسالة ووطنية  وحكمة مجاهدي و قيادات هذه الحركات المقاومة  وبفضل الدعم الكبير لهما من قبل ايران وسوريا بالمال والسلاح والموقف السياسي الشجاع والقوي المناصر لها  وصلت هذة الحركات المناضلة والشجاعة والوطنية الى الجهوزية الكبيرة لصد العدوان الاسرائيلي على الشعب اللبناني والفلسطيني معا ومنع اعتداءاته المتكررة عليهما … وهذه الحركات وطنية بالكامل وحرة وشجاعة ومضحية ومبدعة ومبادرة ومستقلة وليست ادوات مصطنعة وتابعة لا لايران ولا لسوريا مثلما وصفها ولازال يصفها البعض من مفرقي الامة والتكفيريين والعملاء من حلفاء امريكا في زمننا الحالي من اجل محاصرتها وخنقها وتصفيتها اوتغيير وجهة بعضها خدمة للصهاينة والامريكان   
4- ان الوضع اللبناني والفلسطيني الداخلي مختلف تماما عن الوضع في سوريا من ناحية امكانية حصول او وجود المقاومة فيها …. وهذا ما يعرفه المطلعين والعارفين بالاوضاع الداخلية الخاصة والمميزة لكل بلد من بلداننا …   فالكثير من المشككين والذين تحالفوا مع الصهاينة والذين يخوضون حربا قاسية واجرامية ضد سوريا الان يطرحون سؤالا ويبررون بعض مواقفهم تجاه النظام حول مسالة تحرير الجولان وعدم قيام مقاومة في هذا البلد لتحريرها بدلا من دعم هذا النظام لحركات المقاومة خارجه او يقولون لماذا لم يشن النظام حربا على اسرائيل ويحرر الجولان ويعتبرون كل موقف سوريا في احتضان حركات المقاومة ما هو الا اكذوبة او وسيلة وذريعة لبقائه متحكما في السلطة واقصاء مناوئيه عنها … وطبعا كل هذه الادعاءات والاباطيل هي للتشويش على الراي العام وخلط الاوراق والتضليل المتعمد لاخفاء تحالف بعض الحكومات الاقليمية وبعض القوى السياسية الداخلية والتكفيريين مع امريكا لاخراج سوريا من محور المقاومة ضد اسرائيل ومن اجل تمرير مخطط امريكا لتدمير هذا البلد ومعاقبته على موقفه بدعم المقاومة … وللرد على هؤلاء نقول ان سوريا ذات حكم مركزي وقوي وكل اراضيها ومناطقها تخضع لسيطرة الحكومة فيها ولا يمكن لاي جهة سياسية او حركة مقاومة ان تنشا بصورة مستقلة وغير خاضعة لهذه الحكومة او تكون الحكومة غير مسئولة عنها بصورة مباشرة وبالتالي فان اي حالة مواجهة ستعني دخول الدولة كلها في حالة حرب مباشىرة مع العدو وستقف عديد المنظمات الدولية وامريكا وغيرها مع هذا العدو وليس الحال كجنوب لبنان اولبنان بصورة عامة و اوضاعه الخاصة خلال الحرب الاهلية او بعد اتفاق الطائف وضعف حكومته المركزية والتوازنات الطائفية فيه وضعف قدرات جيشه واجهزته الامنية وغير ذلك من الامور الاخرى والتي كلها تصب في امكانية نشوء حركات مقاومة مستقلة  وعدم مسئولية الحكومة والاجهزة الرسمية عنها وبالتالي لا تتحمل اي ردود افعال مباشرة وقوية من العدو او المنظمات الدولية وامريكا والغرب عليها وكذلك فان سوريا ليست غزة او باقي الاراضي الفلسطينية وظروفها المعروفة للجميع  … ان اي قرار للحرب من قبل سوريا منفردة ضد اسرائيل وضمن الوضع العربي المتهرئ والضعيف بعد خروج مصر وكل النظام العربي من معادلة الصراع مع العدو وفي ظل الدعم اللامحدود لامريكا والغرب لاسرائيل وفي ظل التفوق العسكري الاسرائيلي كان سيصب في صالح العدو ويحمل ضررا كبيرا لسوريا من الناحية الاستراتيجبة ولن يحقق لها ايا من اهدافها وخصوصا بتحرير الجولان .. ولذلك نقول ان كل المعطيات الواقعية كانت لا تصب في صالح امكانية حصول حركة مقاومة في الجولان مستقلة عن الدولة وحكومتها  او بشن الجيش السوري حربا منفردة على اسرائيل و بالتالي كان خيار دعم المقاومة في فلسطين ولبنان واستنزاف قدرات العدو وهزيمته وتحرير جنوب لبنان وغزة  واسقاط قوة ردعه  وتمكين هذه الحركات من تحقيق اكبر قدر ممكن من التوازن العسكري معه لصد عدوانيته وتهديد امنه الداخلي وجميع مدنه ومواقعه بصواريخ المقاومة  هو الخيار الاستراتيجي الامثل والحكيم والصحيح للقيادة السورية ولم يكن هناك اي خيار اخر افضل منه وهو الف مرة افضل من خيار الحرب  المباشرة مع العدو في ظل الظروف الاقليمية والدولية المعروفة والتي كانت كلها تصب في صالح العدو 
5- كان دعم سوريا لحركات المقاومة يخضع لضغوط كبيرة جدا من قبل امريكا والغرب وقد حملها اعباءا واثمانا كثيرة وهي لم تكن تستطيع ضمن منظومة التوازنات الدولية والاقليمية ومراقبة الدول الكبرى وشروط عقود التسليح التي تعقدها مع الدول الحليفة لها وخصوصا روسيا ان تكون حرة في تزويد حركات المقاومة باسلحة استراتيجية تتيح لها تحقيق حالة توازن كامل مع العدو …. ففي نفس الوقت الذي تدعم فيه حركات المقاومة كانت سوريا تعمل على بناء قوتها الذاتية للوصول الى حالة الردع والاقتراب من حالة التوازن الاستراتيجي مع العدو من اجل تحقيق هدفها بتحرير الجولان … ولذلك كان دعمها للمقاومة مدروسا ضمن حسابات دقيقة جدا لتحقيق هدفين في ان واحد الا وهما تمكين المقاومة من ردع العدو وصد اعتداءاته وثانيهما ان تحقق هي نفسها القدرة الاستراتيجية على دحر العدو وهزيمته ولذلك هي لم تستطع ان تعطي المقاومة اسلحة مهمة واستراتيجية لانها خاضعة لقيود كثيرة تمنعها من ذلك ولحسابات دقيقة تستبطن اهدافا استراتيجية في مواجهة العدو تريد هي تحقيقها دون اثارة ردود افعال قوية ضدها من الاعداء المتربصين بها  اقليميا ودوليا     
6- بعد ان توضحت الابعاد الكاملة للهجوم الكبير الذي تتعرض له سوريا منذ اكثر من عامين والحيلولة دون ايجاد اي حل سياسي لازمتها الداخلية   واشتراك الحلف الامريكي الصهيوني بكامل دوله واقطابه فيه ومحاولة امريكا تدمير سوريا واضعافها وتفتتيتها كهدف استراتيجي يحقق لها وللصهاينة حلمهم الكبير بضرب كل حركات او محور المقاومة بالصميم واخراج سوريا كمرحلة اولى تتبعها مراحل اخرى ضد الباقين منهم وبعد ان تبين وتوضح جليا ان ليس الاصلاح ولا الديموقراطية او مساعدة و الحفاظ على الشعب السوري ومقدرات بلده هي ما تسعى هذه القوى الاقليمية والدولية المنخرطة في الهجوم المباشر عليها وقيامها بالتدخل المباشر في توجيه وقيادة واسناد ودعم  العناصر المسلحة والتكفيرية فيه وبعد التدخل العسكري المباشر لاسرائيل بضرب سوريا بتوجيه من امريكا … وبعد كل هذا الدمار الواسع الذي لحق بسوريا والبنى التحتية فيها وحصارها وسرقة ثرواتها ومصانعها وسيطرة التكفيريين على بعض المناطق فيها … وبعد ان استيقن الروس  وكل حلفاء سوريا الاخرين من الاهداف الموضوعة من قبل امريكا والغرب والصهاينة وعملائهم في هذه الحرب ضد سوريا وعندما وصلت الامور فيها الى اعلى واقصى ما يمكن تحمله هنا بدا التحول في تغيير الستراتيجيات في هذه المعركة ويمكننا القول ما يلي 
1- تغيير كل الحسابات التي كانت تحكم السياسة السورية قبل عام 2011 والتي اشرنا اليها انفا لان اعداءها قد شنوا فعليا الحرب الشاملة عليها ولم يتركوا اي خيار لها غير خوض هذه الحرب الى نهايتها لانهم مصرين على تدمير سوريا والقضاء على بنية الدولة عسكريا واقتصاديا واداريا وسياسيا واجتماعيا وتقسيمها والتنكيل بشعبها .   
2- ان امريكا واسرائيل هما من اعلنا هذه الحرب عليها مستغلين بعض الاحداث الداخلية فيها ودفعهم لحلفائهم الاقليميين والمنظمات الارهابية المرتبطة بهم لتازيم الاوضاع فيها والعمل على تفاقمها ورفض كل الحلول السياسية الممكنة فيها ومنع كل المنظمات الدولية والاقليمية والدول الاخرى  على ايجاد مخارج وحلول مناسبة ومعقولة ومرضية للشعبا السوري  توقف نزيف الدم والاقتتال فيها
3- بروز متغيرات دولية حقيقية وانتهاء انفراد امريكا بالقرارات الدولية وسياسة القطب الواحد ومنع روسيا والصين لاي تدخل عسكري مباشر لحلف الناتو وامريكا في سوريا مع دعمها عسكريا وسياسيا في مواجهة هذه الحرب الشرسة عليها  مما اعطى القيادة السورية القدرة على امتصاص واستيعاب هذا الهجوم الكبير عليها والقيام باظهار وكشف القائمين به والمخطط او المشروع التقسيمي المعد لسوريا ومواجهة القوى المسلحة والقوى الاقليمية المشتركة في هذه الحرب والانتقال الى مرحلة صدها وتغيير الواقع الميداني الذي فرض عليها بصورة متدرجة ومتصاعدة ايضا 
4- محاولة التكفيريين والقوى الاقليمية تازيم الاوضاع خارج حدود سوريا وعبور الاحداث الى لبنان والعراق ومطالبة امريكا واسرائيل بضرب ايران وتصاعد التهديد الاسرائيلي بضربها مع التحريض والتهديد والوعيد ضد كل الاطراف التي يعتبرونها في جانب سوريا او المقاومة ادى الى وقوف هذه الاطراف مع سوريا وخصوصا ايران وقوى المقاومة مما جعلها كجبهة واحدة  في مواجهة الاعتداء على سوريا
5- المتغيرات الميدانية داخل سوريا والتي اراد الامريكان من خلالها الضغط على سوريا قيادة وجيشا وتفكيكها واسقاطها  سمحت للقيادة السورية بتغيير قواعد اللعبة وبدء مرحلة نشوء مقاومة ضد الصهاينة منطلقة من الجولان وبالتالي فان امريكا التي ابتدات الحرب لم تعد قادرة على انهائها كما ارادت وان اسرائيل التي ارادت اخراج سوريا من حساباتها وكداعمة للمقاومة اصبحت في مواجهة مقاومة جديدة ستنطلق من الاراضي السورية نفسها  
6- كل الاسلحة الموجودة في سوريا والتي عملت القيادة السورية للحصول عليها طوال السنوات الماضية ومنها اسلحة توازن استراتيجية اصبحت تحت تصرف جميع حركات المقاومة وبقرار من سوريا نفسها لانها لم تعد تخشى شيئا بعد كل هذا الدمار الذي لحق بها وهجوم اسرائيل عليها

أحدث المقالات