قولوا عني ما تشاؤون .. واقرءوا وافهموا العنوان كلٌ من الزاوية التي ينظر منها , أنا لا أطالب بالمستحيل أو أكتب من وحي الخيال , أو من أجل التسلية ؟, ولكني أرى بأن الأمور تسير وتتجه من سيء إلى أسوء , ليس بسبب قرب إعلان حالة الإفلاس الاقتصادي أو الاجتماعي أو الطائفي – المذهبي , لكني كمراقب وكمتابع للشأن الوطني , أرى أن الأمور تتجه نحو المجهول وقريباً جداً ستخرج من السيطرة , فقد بلغ والله السيل الزبى , والأمور في العراق خاصة والوطن العربي عامة تتجه نحو المجهول , ووصلت حداً لا يطاق ولا يحتمل , ولا يمكن السكوت عليه بعد الآن , وربما سيأتي اليوم وهو قريب الذي سنتحسر فيه على هذه السنين العجاف التي مرت رغم مرارتها وشدة وكارثية وطأتها , لكنها ستكون أهون بكثير مما ينتظرنا وسيحل بنا قريباً لا قدر الله , وهذه بحد ذاتها ليست نظرة تشاؤمية غير محسوبة أو غير مدروسة , ولكن واقع الحال يقول هكذا , جازماً بأننا إن لم نتحرك , ولا نبقى مكتوفي الأيدي , فإن نفس الاقتتال والمجازر الطائفية التي نراها الآن منذ بداية الاحتلال , وما يجري منذ عام ونصف في غرب وشرق وشمال العراق , ستنتقل عاجلاً أم آجلاً إلى مناطق الوسط والجنوب لا محالة وستكون بين الميليشيات الطائفية نفسها لتقاسم مناطق النفوذ والسيطرة على آبار البترول هذه المرة , والمسألة أصبحت مسألة وقت ليس , إلا مع احتدام الصراع الإقليمي والأزمة الحالية بين إيران وروسيا وأمريكا من جهة والدول العربية والإسلامية الرافضة للهيمنة الإيرانية والتدخل الأجنبي في عموم المنطقة .
لقد انكشفت اللعبة وسقطت جميع الأقنعة , لذا يجب علينا كعراقيين أولاً وكعرب وكمسلمين ثانياً وبكل تجرد وبصراحة وشجاعة مطلقة أن نعترف , بأن ما يجري في العراق وسوريا واليمن وحتى في ليبيا , هي حرب طائفية عنصرية صفوية صهيونية ماسونية , بغطاء داعشي مشبوه , لتشويه صورة الإسلام الحقيقي , وضد كل موحد وكل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وأنها حرب تدميرية استباقية قذرة , للحيلولة دون وحدة ونهضة أمة العرب والمسلمين , ويمكن وصفها واطلاق تسمية مختصرة عليها بأنها ( حرب سنية – شيعية ) بامتياز كما أرادوا ويريدون لها أن تكون , وهذا بحد ذاته أخطر مشروع إجرامي تفتيتي يواجه وجود ومستقبل الأمتين العربية والإسلامية , ولا يقتصر أبداً على بلد أو قطر عربي أو إسلامي بعينه , وعلينا أن نعترف بذلك , وأن لا نجامل أو نداهن أحد , وأن نكون شجعان في تشخيص وتسمية الأمور بمسمياتها , وأن لا نخاف في قول كلمة الحق لومة لائم , المسألة أصبحت مسألة وجود وليس خلاف نفوذ أو حدود , المطلوب هو تقسيم العرب والمسلمين , وجعلهم معسكرين قويين متناحرين مزودين بكافة أشكال وأنواع الأسلحة الفتاكة , ومدعومين من كل منْ يكن العداء لأمة العرب والإسلام , لكي يتقاتلوا ويبدوا بعضهم البعض .
إن أوربا التي نشاهدها الآن ونفر ونهرب صوبها زرافات , متحدين أهوال الغربة ومستقبلها المجهول وركوب أمواج البحار والمحيطات بواسطة القوارب المطاطية , طلباً للأمان والأمان والعيش الحر الكريم , ما كانت لتكون هكذا , قبلة لكافة شعوب الأرض وخاصة العرب والمسلمين الفارين على وجوههم من بطش الحكام وعصاباتهم وميليشياتهم الإجرامية , لو لم تتخلص من هيمنة رجال الكنيسة الكهنة الذين عاثوا فيها على مدى قرون قتلاً وفساداً وخراباً , بالضبط كما هو حاصل في بلاد العرب والمسلمين منذ عدة قرون , وآخرها منذ بداية القرن الحالي , الذي لم يسبق له مثيل بشاعةً ودمويتاً وجوعاً وتهجيراً .
ولهذا أدعوا ناصحاً جميع المتظاهرين في العراق خاصة وعالمنا العربي عامة , إعلان الثورة الشعبية العارمة على رجال الكنيسة الجدد ( رجال الدين ) أو ما يسمى ( المراجع الدينية ) , كونهم كانوا وما زالوا أس البلاء , وسوسة جسد الأمة , وسبب الخراب والدمار والشحناء والبغضاء وممارسة كل أنواع الدجل والنفاق والشقاق , وممارسة غسل الأدمغة لتجهيل الشعوب , وعلى رأسها الشعب العراقي المنكوب و المغلوب على أمره , وأن هذه المظاهرات الشعبية التي تطالب بتحقيق أبسط الحقوق من هذه الحكومة العميلة لا ولن ولم تجدي نفعاً , كون هذه الحكومة وسابقاتها من الحكومات , مرتبطة ارتباط عضوي بالمشروعين الأمريكي والإيراني وبما يسمى مراجع الدين وخاصة المراجع الشيعية الطائفية التي تأتمر بأوامر أسيادهم في لندن وواشنطن وتل أبيب وولاية الفقيه الإيرانية . لذا يجب على الشعب العراقي إذا أراد فعلاً الخلاص والخروج من هذا النفق الطائفي المظلم التحرك تجاه النجف قبل التوجه إلى المنطقة الخضراء , وإشهار الكارت الأحمر بوجه المرجعية , وتوجيه الإنذار ما قبل الأخير لهم , أما أن يكونوا مع الشعب أو مع الحكومة العميلة , وأن هذه التصريحات والتخرصات الممجوجة لن ولم تجدي نفعاً بعد اليوم , وما هي إلا عبارة عن مورفين ومخدر يحّقنون به هذا الشعب المسكين الأسبوع تلو الأسبوع في خطبة ما يسمى الجمعة , حتى وصل الحال إلى ما وصلنا إليه من إفلاس وكوارث وأمور لا يحمد عقباها ولا يمكن تصورها .
أخيراً أترككم مع هذه الأسطر الرائعة للمفكر المرحوم الدكتور ” مصطفى محمود ” الذي وصف الإسلام العظيم , بأنه ليس حرفة أو مهنة يحترفها أو يمتهنها ما يسمى رجال الدين …
الإسلام ليس حرفة و لا يصلح لأن يكون حرفة و لا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين و مجموعة الشعائر و المناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدى في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور ، فلا تكون من الدين في شيء و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي .. و الجلباب و السروال و الشمروخ و اللحية أعراف و عادات يشترك فيها المسلم و البوذي و المجوسي و الدرزي .. و مطربو الديسكو و الهيبي لحاهم أطول .. و أن يكون اسم ك محمدا أو عليا أو عثمان ، لا يكفي لتكون مسلما و ديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة . و السبحة و التمتمة و الحمحمة ، و سمت الدراويش و تهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب ما الدين إذن … ؟ !
الدين حالة قلبية .. شعور .. إحساس باطني بالغيب .. و إدراك مبهم ، لكن مع إبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عليا تدبر كل شيء . إحساس تام قاهر بأن هناك ذاتا عليا .. و أن المملكة لها ملك .. و أنه لا مهرب لظالم و لا إفلات لمجرم .. و أنك حر مسئول لم تولد عبثا و لا تحيا سدى و أن موتك ليس نهايتك .. و إنما سيعبر بك إلى حيث لا تعلم .. إلى غيب من حيث جئت من غيب .. و الوجود مستمر و هذا الإحساس يورث الرهبة و التقوى و الورع ، و يدفع إلى مراجعة النفس و يحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئا ذا قيمة و يصوغ من نفسه وجودا أرقى و أرقى كل لحظة متحسبا لليوم الذي يلاقي فيه ذلك الملك العظيم .. مالك الملك
هذه الأزمة الوجودية المتجددة والمعاناة الخلاقة المبدعة و الشعور المتصل بالحضور أبدا منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت .. و الإحساس بالمسئولية و الشعور بالحكمة و الجمال و النظام و الجدية في كل شيء .. هو حقيقة الدين إنما تأتي العبادات و الطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية .. لكن الحالة القلبية هي الأصل .. و هي عين الدين و كنهه و جوهره
اللهم هل بلغت … اللهم فاشـــهد