17 نوفمبر، 2024 9:30 م
Search
Close this search box.

المظاهرات المسلحة والمتسلحة …

المظاهرات المسلحة والمتسلحة …

لاشك ان التيار الصدري منذ ثلاث سنين وربما اكثر بدء في خط تصاعدي لفهم اللعبة السياسية والتعامل معها بحرفنة واضحة للعيان فضلا عن تماسك استقطابه الشعبي ودوره في حشد طاقاته المجتمعية بما يراه مناسبا لخدمة اتباعه وحتى ابناء بلده بشكل عام بدءً من دخوله الانتخابات الاخيرة وكيفية حصد اكبر مقاعد له في  البرلمان مرورا بالتخلص من الضغوطات الايرانية الملحة تحت عنوان (خدمة المذهب ) ليوجد عنوانا خاصا له وهو ( خدمة الوطن والمواطن ) وانتهاءً بضغوطاته السياسية على الحكومة والبرلمان ايضا .

وربما يجني ببعض مواقفه السياسية استغراباً واستهجانا من قواعد الطائفة الشيعية في العراق والقواعد الشيعية في الدول الاخرى وخاصة موقفه الاخير من تظاهرات المنطقة الغربية في العراق وتأيده للكثير من مطالبهم ووصفها بانها (مشروعة ) ..

في الجانب الاخر هناك مظاهرات في الانبار والموصل وسامراء يتصدرها وينطق باسمها ( رجال الدين ) مع غياب واضح للقيادات المدنية ( الليبرالية والعلمانية وحتى منظمات المجتمع المدني ) مضافا الى ان نوع الخطاب هناك اخذ يتصاعد (عنفيا ) والتغني بحب القاعدة والذبح لمن يختلف معهم عقائديا وسياسيا وبالتالي فلسنا امام خطاب وتحشيد ديني فحسب بل امام خطاب عقائدي وقاعدي يمتزج بالعنف والتهديد ومسح واقصاء مجتمعات عراقية وعربية واقليمية …

ولقائل ان يقول ان الخطاب الديني هو دوما هكذا وان صبغته الترهيب حتى وان لم يصرح …لكن هذا القول يكاد يختنق امام الخطاب الصدري فرغم ان قائد وزعيم هذا التيار هو رجل دين ايضا الا ان النظرة الدينية ويتبعها النظرة السياسية هنا تختلف عن هناك وسبب هذا الاختلاف لا يعود لامزجة شخصية وثقافات فردية بين ( مقتدى الصدر) وبين (خطيب الانبار) مثلا بل هو اختلاف جذري وعقائدي للمنظومة الشيعية عن المنظومة السنية واختلاف في التعاطي مع مفردات النص القرآني وبالتالي يترشح عن هذه الثقافة وهذا التعاطي المنهجية التي يتبعها الطرفين من خلال اللعبة السياسية ..

في الانبار المتظاهر يشعر ان ان الحكومة والنظام الديمقراطي عدو له مثلما هو عدو لها …لذا تراه يسب ويشتم ويرفع الاعلام الاستفزازية والصور الطغيانية ويطالب بنسف النظام والدستور وربما يشعر كذلك اتجاه البرلمان بشرط ان يستثني قادته الذين يقفون معه زورا وبهتانا …

اما هنا فان المتظاهر يشعر انه ضاغط حقيقي على الحكومة وناصح لها في حال شعوره بالخيبة من السلطة او انحراف مسارها وبالتالي مهمته التعديل وليس النسف الكامل لكل ما تحقق …

التيار الصدري وفي اخر فعالية له يعتصم امام البرلمان من اجل اقرار الميزانية وهنا ميزتان غير موجودتين في تظاهرات الانبار الاولى : ان التظاهر والاعتصام ليس فقط ضد الحكومة بل ضد المشرع الاول ( البرلمان )  وحتى لو كانت ضدها فان الحكومة بنظره غير مختزلة بشخص رئيس الوزراء .

الثانية : انه يطالب باشياء تخدم المواطن وتبني النظام المؤوسساتي مثل اقرار الميزانية او تحسين خدمات الكهرباء او غير ذلك .

الفرق واضح بين من يحاول ان يفهم الديمقراطية بانها وسيلة للبناء وبين من يتخذها وسيلة للهدم والنسف وربما الذبح ايضا ..

نتمنى من اهلنا في المناطق الغربية ان يلتفتوا للضغط على الحكومة والبرلمان ضمن الاطر الديمقراطية والمطالب الدستورية وبالنتيجة سنخضع كل من يحاول ان يتفرد بالقرار …وفي حال بقائهم على نفس النهج فان شعبيتهم ستهبط حتى بين ابناء محافظاتهم وستزداد شعبية خصمهم في بغداد …

مظاهرات واعتصامات التيار الصدر متسلحة بالاسس الديمقراطية بينما مظاهرات الرمادي والموصل فانها مسلحة وتحاول بدء الهجوم في معركة يكونون هم الخاسر الاكبر فيها …

أحدث المقالات