يتابع العالم والعراقيون خاصة هذا الايام الحراك المدني الذي بدأ في ساحة التحرير في بغداد وعددا كبيرا من محافظات الوسط والجنوب اي في المناطق ذات الغالبية الشيعية والتي لحد الان في ظاهرها ثورة ضد الفساد والسياسيين المفسدين الذي سرقوا العراق بأسم الدين (بحسب الشعارات التي يرفعها المتظاهرون كل جمعة) والكل يتسائل من وراء تلك الاحتجاجات او المستفيد منها او الجهات التي تحركها خصوصا وان المتصدين للمشهد الحالي في كل جمعة هم مجموعة من الاعلاميين والمثقفين والفنانيين الذين يعملون بجهات مختلفة لكن اغلبها علمانية وليبرالية مع بعض قيادات الحزب الشيوعي ويتحركون ضمن اطر الحرية والديمقراطية التي كفلها الدستور العراقي الجديد بعد ٢٠٠٣ والذين وجدوا تقبلا كبيرا من الشارع العراقي الذي يعاني منذ عقود من نقص في الخدمات والوضع الاقتصادي الصعب الذي لم يؤثر عليه صعود اسعار النفط خلال العشر سنوات الماضية فما بالك والاسعار قد هبطت دون النصف الان ،هذا التقبل وجد دعما من قبل مرجعية النجف الاشرف متمثلة بالسيد علي السيستاني حيث دعم مطالب المتظاهرين من خلال توجيهات المرجعية الاسبوعية التي طالبت الحكومة بأجراء الاصلاحات السريعة للحد من انهيار الوضع العام في العراق مع وجود تهديدات داعش التي تحتل الان ثلث العراق .
تشكل المرجعية الشيعية للولايات المتحدة قلقا كبيرا ففتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها المرجعية منذ عام مضى بعد سقوط الموصل ادت الى تعطيل اكبر مشاريع امريكا في المنطقة باعادة تقسيم المقسم فلم يكن في الحسبان هذا التحشيد الجماهيري الكبير ولمختلف الاعمار بالنسبة للشيعة وتكوين الحشد الشعبي الذي اوقف تمدد داعش ثم بدأ بتحرير المناطق المحتلة وجعلهم رقم صعب في المعادلة العراقية خصوصا عندما تكون القوات الامنية العراقية منهارة بشكل تام مع حجم المبالغ التي صرفت على تدريبه وتسليحه ،لذلك لابد لامريكا ان تحاول ان تتخلص من هذه المؤسسة الدينية التي يجتمع تحت رايتها العراقيين الشيعة بمختلف توجهاتهم اسلامية كانت ام غيرها ،فدخول المرجعية كطرف في النزاع يجعلها تنحاز لجهة ما خصوصا بعد ان بدأت بتسمية الاشياء بمسمياتها ،وقوة المرجعية هو باتباع فتاويها وتعليماتها وهذا الفخ الذي رسم للمرجعية كي تقع فيه فالوقوف الى جانب علماني ضد جانب اسلامي هو طريق لايحمد عقباه بالنسبة لها فمن اتبع فتوى الجهاد الكفائي بالامس قد لايتبع اي فتوى جديدة وبذلك تفقد المرجعية زخمها الجماهيري وقوتها في الشارع العراقي ،لان الاسلامي لاينسى ان المرجعية قد وقفت مع العلمانيين والداعين الى الدولة المدنية والذين يحترمون المرجعية لكن غير ملزمين بفتاواها مما يدعوها للتفكير كثيرا قبل ان ترجح كفة على اخرى قد تسمعها اليوم لكن لايعرف هل تلتزم بكلامها اولا غدا،سير الامور بهذا الاتجاه يوصل الشيعة الى نوع من التشرذم وعدم وجود القوة التي توحدهم ويصبحون كالسنة في العراق مجموعة كتل واحزاب سياسية وقيادات متعددة ليس لهم اول ولا تالي وقد نشهد مسقبلا حرب شيعية شيعية .