” حَسْبُ اليتيم سعادةً أنَّ الذي..نشرَ الهُدَى في الناسِ عاشَ يَتيما”، يااااه ، كم عذبة هذه اﻷبيات وجميلة تلك القصيدة ( نظرة في شموخ اليتيم ) لطالما تأملت فيها لساعات من دون ضجر ،تطاردني عقبها أبيات ﻻتقل عنها روعة يقول فيها شاعرها ” أنا يا أبي مذ أن فقدتك لم أزل…أحيا على مرّ الزمان بمأتمِ” فلطالما نظم الشعراء اﻷنسانيون ، أمثال مشعان البراق، أيليا ابو ماضي ، الرصافي ، محمد حسن علوان ، العشماوي ، محمد السنوسي ، حسب الله فضله، وغيرهم في وصف اليتم وعذاباته وفي فضل اليتيم وبركاته أبياتا حركت من الضمائر الميتة ماحركت وعزفت على أوتار المشاعر الجياشة ما عزفت ولكأني بها بمثابة حجر أصم ألقي من شاهق وسط بركة راكدة فأحدث فيها تسونامي وجداني اغرق الذاهلين عنهم وحمل على ظهره في يوم عاصف كسفينة نوح الكافلين لهم الى بر اﻷمان !! قبل أيام صدمتني تصريحات النائب علي البديري ، حين أشار الى وجود أدلة ووثائق تثبت استغلال الذكور والاناث من خريجي دور الايتام ، منوها الى استغلال اﻷناث منهم جنسيا ، والذكور في الإرهاب ، بعد بلوغهم سن الـ 18 وارغامهم على مغادرة دور اﻷيتام بتنسيق بين البعض من ضعاف النفوس من العاملين داخل تلك الدور التابعة الى وزارة العمل والشؤون اﻷجتماعية وبين عصابات الجريمة المنظمة ودورالدعارة واوكار البغاء خارجها !! على حد وصفه ، الغريب ان تصريحات البديري جاءت بعد ايام من أنباء متضاربة لم أقف على صحتها ، تناقلتها بعض وسائل اﻷعﻻم تفيد بأعتقال مديرة احدى هذه الدور وجميع الموظفين والموظفات فيها بتهمة الترويج الى الرذيلة والمتاجرة بالفتيات ، واﻷغرب ان الإتهامات التي هزت وزارة العمل ووزيرها محمد شياع السوداني – حزب دعوة – جاءت قبل ساعات من جلسة اﻷستجواب الثانية لمحافظ بغداد ، علي التميمي – تيار صدري – من قبل عضو في حزب الدعوة / تنظيم العراق ، الذي يناصب اﻷول الخصومة وكأنها محاولة لتشتيت اﻷنظار عن جلسات اﻷستجواب بملفات فساد وإشغال الرأي العام بعيدا عنها ، او محاولة للضغط على كتل سياسية لتخفيفه او تأجيله او إلغائه بعد فشل المشادات المفبركة داخل الجلسة بصرف النظر عنها – أقول ربما ، ﻷن كل ماذكرته إنما هو مستل ممايدعيه الفرقاء بعضهم ضد بعض امام الفضائيات والوكاﻻت على الهواء مباشرة – وبالفعل فقد تطايرت اﻷتهامات ذات اليمين وذات الشمال ، بين مؤيد لماورد في تصريحات البديري يطالب بإبقاء اﻷيتام وباﻷخص اﻷناث منهم داخل الدور بعد سن الـ 18 وبين معارض يطالب بكشف الوثائق المزعومة وتقديم اﻷدلة وفتح تحقيق عاجل لمعرفة مﻻبساته للتبصر بوجود مايدعو الى الريبة واقعا ، أم ﻻ ؟!!
وأقول لجميع السياسيين ومن كل الكتل ولكوني اعتقد جازما بأن إثارة أي ملف فساد في العراق هكذ فجأة ومن دون مقدمات إنما يدخل في دوامة التسقيط السياسي و لعبة – الحية والدرج الشهيرة- لزحلقة هذا الخصم العنيد أو ذاك طمعا بمنصبه أو حقيبته الوزارية أو مقعده النيابي أو لإرغامه على السكوت عن ملف فساد مركون على الرف حاليا بأنتظار خروجه من القمقم كمارد مهمته ارهاب الخصوم والتلويح بفضحهم – قبل القبض ومن ثم العودة اليى القمقم بعده وكانك يازيد ماغزيت – وغض الطرف عن استجواب – سياسي بحت – سبق طفوه الى السطح قريبا و إلغاء قرار في طريقه الى المصادقة ﻻيصب في مصلحة احدهم والعكس صحيح – وليس غايتها الإصﻻح والتغيير بتاتا ، اذ لو كان الهدف هو اﻷصﻻح اما كان اﻷولى ارسال نسخ من الوثائق الى الجهات المعنية لمتابعة الموضوع بدﻻ من التشهير والطعن في اﻷعراض ؟ اما كان باﻷمكان ابﻻغ السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية سرا بالموضوع ودعوتهم الى التحرك الفوري لتجنب الكارثة قبل تفاقمها والفضيحة قبل انتشارها كالنار في الهشيم ؟ بالمقابل ، هل إبقاء اﻷيتام داخل دور الرعاية هو الحل اﻷمثل لمعاناتهم ؟ والى متى سيبقون هناك ؟ ومابال اليتامى الجدد بعد اكتظاظ الدور بالسابقين ؟ علما ان بغداد كلها في عراق – عدد ايتامه خمسة مﻻيين ونسبة فقر مواطنيه 30% بمعدﻻت غير مسبوقة منذ 100عام بحسب آخر احصائية لوزارة التخطيط – ليس فيها سوى دار أيتام في العلوية لﻷناث ، ودار الوزيرية للذكور ، ودار العلوية المختلطة دون سن 12عاما ودار الصليخ للذكور البالغين ، إضافة الى دار المشردين في اﻷعظمية ، زيادة على ذلك هناك بضعة دور اهلية ترعاها جمعيات خيرية محلية او اجنبية ومنظمات مجتمع مدني مع ان عدد الدور الحكومية المخصصة لشريحة اﻷيتام ﻻتتجاوز 28 دارا في كل العراق ، عدد المستفيدين منها ﻻيتعدى الـ 800يتيم !!! حسب علمي .
اليوم مطلوب وبإلحاح مشروع وطني عراقي حقيقي واقعي و شامل ﻷنقاذ ايتام العراق موجزه اﻵتي :
*بناء اكبر عدد من دور اﻷيتام بجميع ملحقاتها ومرافقها الخدمية وتوفير ملاكاتها كافة في كل محافظة من محافظات العراق وبواقع 3 دور كبيرة للذكور واﻷناث واﻷطفال منهم .
*تخصيص راتب شهري لا يقل عن 100 الف دينار غير مقيد بالتقلبات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد بين الحين والآخر توزع بين اﻷيتام خارج الدور وتدخر للمستفيدين داخلها في رعاية القاصرين وبذات الشروط .*تخصيص حصة تموينية غذائية اضافية شهرية بجميع مفرداتها (زيت ، معجون ، رز، سكر ، بيض، حليب)…لعوائل اﻷيتام .*علاج اليتيم مجانا في جميع المؤسسات الصحية الحكومية واﻷهلية .
*شمول اليتيم بكسوتي الصيف والشتاء وبكسوة وهدايا عيدي الفطر والاضحى.
*التكفل بجميع مستلزمات اليتيم الدراسية ومتابعته تربويا ودراسيا للسيطرة على ظاهرة التسرب الدراسي ومكافحة اﻷمية اﻷبجدية وللحفاظ عليه من الزلل.
*تخصيص ملاكات نفسية واجتماعية وتربوية ميدانية لمتابعة واقع اليتيم في الجانبين النفسي والاجتماعي داخل الدور وخارجها .
*اقامة دورات مهنية تطويرية وتدريبية اجبارية كتعليم الحاسوب وفنون الخياطة والتطريز وتنسيق الزهور والسيراميك و النجارة وصيانة الاجهزة الكهربائية واﻷلكترونية وميكانيك السيارات وفنون الطبخ ونحوها داخل الدور وخارجها ، يزج فيها اﻷيتام مجانا وتمنح لهم شهادات تخرج في ختامها ، على ان تقوم وزارات العمل والتخطيط والإعمار والإسكان والصناعة اضافة الى المالية بتوزيع هذه القوى الشابة العاملة كل حسب شهادته وخبرته بين مؤسسات الدولة ودوائرها كافة وتكون لهم اﻷفضلية في التعيين على المﻻك الدائم – ﻻعقود وﻻ اجور يومية – لضمان مورد ثابت لهم .
*تكثيف الاهتمام باليتيمة العراقية فلها خصوصية فكونها انثى يضيف عليها عبئا آخر في العيش كيتيمه داخل المجتمعات بشكل عام والعراقي بشكل خاص.
*اقامة حفﻻت زواج جماعي مدفوع التكاليف وحبذا لو كان الزوجان احدهما يتيم دار للذكور واﻷخرى دار اﻷيتام لﻷناث .
*اﻷهتمام بالمواهب ” الفنون التشكيلية ، الرياضة بأنواعها ، التمثيل ، الخط وماشاكل ” ورعايتها وتنمية قابلياتها مجانا .
*ارساء قوانين في الدستور العراقي تعامل هذه الشريحة الاغلبية التي وصل تعدادها الى خمسة ملايين يتيم و توليها الرعاية والاهتمام بشكل خاص لتضمن حقها كشريحة وقعت ضحية الظلم الاجتماعي والسياسي .وأختم بحقيقة في منتهى الخطورة اﻻ وهي ان اليتيم اذا ما احسن تربيته ورعايته وكفالته كما اوصانا بذلك الشارع الكريم فأنه سيكون انسانا صالحا يتفانى في خدمة بلده ومواطنيه وامثلة هؤﻻء كثيرة منهم على سبيل العد ﻻ الحصر ماعدا اﻷنبياء والرسل ، الشافعي ، احمد بن حنبل ، السخاوي ، الغزالي، المتنبي ، ابن حجر ، دافينشي ، نيلسون مانديﻻ ، غاندي ، سيمون بوليفار وغيرهم ..وان أسيئت معاملته واهين وظلم وجاع وعرى فأمثلتهم ، جنكيزخان ، هتلر ، ستالين ، فأختر ايها العراقي اي الفريقين تريد ان يحكمك ويسوسك في قابل اﻷيام ، فيا باغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر .
اودعناكم اغاتي